لا شك أن الشيخ احمد الأسير الذي سطع نجمه في منذ سنتين أوجد مكانة له في قلوب أبناء الطائفة السنية، فهو وباللغة التي خاطب فيها الملأ بكل عاطفية وغرائزية لاقت أصداءها في أوساط السنة وهم كانوا يعتبرون أنفسهم مضطهدين فاستشعروا بالأسير غيثا يروي صحراء إحباطهم.
ولكن لننظر بكل تجرد وموضوعية لكلام الاسير ومواقفه نرى بأنه لا يخدم طائفته ولا يضر بمن يطلق عليهم نيران كلامه، كل ما نجم عن الاسير لم يصب سوى في مصلحة حزب الله والخط الذي يدعمه، فهو استخدم الخطاب الطائفي والمذهبي بموازاة استخدام حزب الله للخطاب نفسه، برر نظرية حزب الله عن وجود التيارات السلفية التكفيرية، كرس نفسه في لعبة الاعلام والوهم بأنه خصم حزب الله ويستطيع مواجهته وهو ليس كذلك، أقام بالقرب من مسجده خمية أسماها مربع أمني فبرر مربعات حزب الله الأمنية، حمل السلاح وسلّح بعض مناصريه بأسلحة زهيدة وخفيفة فبرر لحزب الله سلاحه، بعد إعلان حزب الله دخوله معركة القصير خرج الأسير ليعلن أنه أرسل مقاتلين الى القصير وصور نفسه في مكان ما زاعما انه في القصير في تبرير لدخول حزب الله الى القصير، بعد كل الخطايا التي ارتكبها حزب الله في لبنان والتي بدأت تفعل فعلها في البيئة الشيعية فأتى الأسير منقذا, إذ بخطابه السلفي ضد حزب الله وفي الاعتصام الكرنفال الذي أقامه على مدخل صيدا أعاد اللحمة الى جمهور الطائفة الشيعية مع حزب الله، باعتبار أن الحزب هو مصدر الأمان الوحيد، هذه بضع نقاط الالتقاء والاستفادة بين حزب الله والأسير.
أما على صعيد خصوم حزب الله سياسيا وتحديدا تيار المستقبل، فالأسير هو أكثر من أضرّ بمصالح المستقبل، إذ بخطابه التحريضي والمتعصب أدخل التعصب الى صفوف الطائفة السنية بما يتنافى مع توجه المستقبل التمسك بالاعتدال، أيضا ظهر الأسير كأنه مخلّص للجمهور السني الذي بخطاباته ذات السقف العالي جعله ينقم على المستقبل ويخرج عن طروحاته.
هذه الالتفافت البسيطة تجزم بأن الأسير لم يكن يخدم إلا حزب الله وتوجهاته، خاصة أن النظام السوري وهو استاذ حزب الله في خلق الفبركات برع في اختراع تيارات وحركات علمانية واصولية لتخدم مخططاته، فهل نسينا شاكر العبسي كيف أخرج من أحد سجون سورية وأرسل الى لبنان لضرب الجيش اللبناني ووضع السيد نصرالله آنذاك خطا أحمر ضد الجيش؟ هل نسينا كيف النظام السوري اخترع جبهة النصرة والتي اعلن احمد أبو عدس باسمها تبنيها لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟
في المحصلة حزب الله هو من اخترع الاسير وهو من منحه الدعم والمدد، والآن أتت لحظة تصفية الاسير بمفهوم حزب الله والتي عبرها يريد الحزب اصطياد عدة عصافير بحجر واحد، فأولا ثبت حزب الله للجميع وجود السفيين التكفيريين في لبنان، وأضر في مصلحة تيار المستقبل في الوسط السني، ثانيا حاول الحزب ادخال الطائفة النسية في مشكل مع الجيش اللبناني، إذ قام مجهول بإطلاق النار على الجيش اللبناني فقيل إنه من أنصار الاسير، اتخذ القرار بالقضاء على الاسير والذي أيضا حزب الله كسب انتصارا جديدا على بعبع وهمي من اختراعه