عد خمسين سنة على إعلان المؤتمر الصهيوني الأول عن تأسيس دولة قومية لليهود، أسست في العام ١٩٤٨ دولة الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين بذريعة ما يسمى أرض الميعاد، وبعد أربعة وثلاثين سنة على انتصار الثورة الإسلامية في ايران بظاهرها الديني وباطنها حلم استعادة أمجاد الامبراطورية الفارسية وتوسعها، دخلت ايران بشكل فعلي وعلني مستميت الى سورية.
بعد الاتفاق الدولي والتخاذل العربي سلمت فلسطين الى الى العصابات الصهيونية، فدخلت عصابات الشافاك والهاغانا والشين بيت الى الأراضي الفلسطينية وراحت تنكل بالشعب الفلسطيني وتهجره وتحتل أملاك، في وقت كانت الدول العربية المحيطة تنزع عنها ثوب الانتداب وتتجه الى لبس ثوب الاستقلال، اليوم وفي زمن الربيع العربي والذي قالت الشعوب كلمتها فيه لاستعادة حقوقها، دخلت ايران الطامحة الى دور محوري في العالم على خط الثورة السورية لقمعها وإنشاء كيان لها في القلب العربي النابض.
منذ بداية الثورة السورية أخذت ايران على عاتقها إجهاضها لبقاء النظام التابع لها، ولكن بعد تيقنها من فشلها المحتم في إجهاض الثورة، أرسلت عصاباتها الى سورية للقتال في محاولة للسيطرة على بقعة جغرافية تقيم عليها دولة (الدولة العلوية) تكون تابعة لإيران، حدود هذه الدولة أصبحت معلومة ومحاورها في المناطق التي يقاتل فيها حزب الله. فكما أنشأ الكيان الإسرائيلي بعد اتفاق دولي على التقسيم، ها هي ايران تجهد لإنشاء كيانها في سورية عبر تسعير القتال المذهبي الذي سيكون مقدمة لتقسيم جديد يخدمها كما يخدم العدو الإسرائيلي. وما يلخص مشهد التقسيم هو الصراع المذهبي المستعر في العراق وسورية وما يحاول ترجمته عسكريا في لبنان.
قيام دولة الاحتلال في فلسطين فاقم الأزمات في الدول المجاورة إنسانيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا وصولا الى الحروب الأهلية، ولبنان خير مثال على ذلك إذ اندلعت فيه الحرب الأهلية بسبب الانقسام حول القضية الفلسطينية وتدفق اللاجئين الفلسطينيين، والحرب السورية التي تجهد ايران في تسعيرها بدأت تنتج مشاكل مشابهة للتي نتجت عن الاحتلال الإسرائيلي، فإضافة الى الحرب الأهلية السورية والعربية، يتهجر آلاف السوريين من مناطقهم ويلجأون الى الدول المجاورة ومنها لبنان، وهذا ما سيكون فتيل انفجار أزمة اجتماعية اقتصادية أمنية وبالتأكيد ستؤدي بنا الى حرب أهلية تشتعل نارها من المحيط الى الخليج لا سيما مع انغماس حزب الله حتى أذنيه في دم الشعب السوري.
في الخلاصة فالغرب زرع إسرائيل في المنطقة للحفاظ على مصالحه، والآن ايران تسعى لقيام دولة علوية في سورية لتعزيز مصالحها ما يوجب العرب على الاتحاد والالتحام لمقاومة مشاريعها عوضا عن التلهي بأمور لا تغني ولا تسمن، فتضيع سورية كما ضاعت فلسطين وبالتأكيد سيصل الدور الى دول أخرى.