العجيب الغريب عند بعض  أفرقاء السياسة في لبنان ،انهم يبنون خطابهم السياسي منذ سنين  على موجة التحريض الدائم ضد الاخر في الوطن؛ الاخر الذي يشكلون له رسماً شيطانياً في الغالب ، وصورة لا يجدون فيها أي شبه يتقاسمون فيه  رغم انهم يعيشون بنفس العادات والتقاليد يتجاورون في جفرافيا صغيرة بحجم لبنان ، وتاريخ لم تتوحد النظرة اليه ،فما وجد له كتاب تاريخ موحد في مناهج الدراسة الوطنية. وعندما تحين  مواسم مصالحهم عند مفصل إنتخابات نيابية أو بلدية أو تشكيل حكومة تقاسم مغانم وسلطة، تظهر بعض خطابات التوحد والوحدة الوطنية ، ليتعايشوا داخل حكومات وعلى طاولات مجالس الحكم، التي لم تفرز وعلى مدى عقود في لبنان، غير الخيبة والتقهقر في التقدم، لبلد جفت موارده كبقرة سحبت دمائها  في عملية استحلابها ،يربطون نزاعاتهم على العناوين التي اثاروا فيها قطعان قبائلهم ،قبل الانتخابات ، حيث تربط النزاعات لاجل مغانم السلطة ،أما عند الاستحقاقات المصيرية وعلى جبهة تمتد لعشرات الكيلومترات على حدود لبنان الجنوبية، ومع ازيز الرصاص  وفحيح اصوات الصواريخ المهدمة للبيوت، وممتلكات اهلنا في الجنوب، ومع تربص عدو  وتجبره  وخروجه على كل القرارات الدولية، والتهرب من المحاكم والتهم الموجهة اليه والماثلة أمام العالم ، وقتله وتدميره لاهل غزة المجاورة لنا في بحر  وسماء.


هنا والحال كذلك لا وقت  عند سياسي لبنان لربط النزاع، بل تصبح الشهامة الوطنية التي تفتش دائما  عن صورة الدولة ومفهومها والذي حدده فلاسفة الدولة في معاجمهم أمثال مونتسكيو وجان جاك روسو وتوماس هوبز  وميكيافيلي  وغيرهم ممن تتطورت على ايديهم مفاهيم الدول الحديثة. تحديدا في اختصارها وحصرها  للاكراه تحت سقف القانون ليصبح في يدها وحدها حق حصرية السلاح.  ايعقل في لحظة  الحرب النزاع على جنس الملائكة ؟؟!! 
وتصبح الدعوة لرص الصف لحظة الحرب وربط النزاع محل تشويه القوى السياسية؟

الم تتجاور هذه القوى على مقاعد الحكومات المتعاقبة سنين طويلة رابطة السلاح علي السلاح؟! 
ألم تضع هذه القوى الاستراتيجية الدفاعية جانبا وتتجاوز بحثها،  رابطة النزاع على السلاح ومع حزب السلاح رغبة في تحقيق مصالحها الفئوية والخاصة والشخصية الضيقة. واليوم وفي لحظة التكالب الاسرائيلي والتوحش، يخرج علينا بعض المنظرين الذين يعتبرون انفسهم انهم اتباع  روسو  وهوبز ليطرحوا نظرياتهم بخفة وحقارة  فيدينون الاحتلال  على استحياء كجلاد لكنهم يمعنون في جلد الضحية لانها وقفت أمامه بعزة وشموخ مطالبة بحقها الثابت بدولة لم يسمح الاحتلال بقيامها رغم كل المعاهدات والقرارات الدولية ذات الصلة. وفي فلسطين كاد يكون النقاش كذلك في بداية العدوان بعد السابع من اكتوربر على الشعب الفلسطيني، لولا أن الحياء ارتسم على بعض فرقاء السلطة الذين ذهبوا نفس مذهب اللبنانيين في الشقاق بين بعضهم على فهم دور الدولة وحدودها ، اذ كان النقاش يدور في اروقة السلطة الفلسطينية حول الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وكيف لفريق أن يستأثر بقرار السلم والحرب، لولا أنهم انتبهوا إلى أنهم لم يصبحوا بعد دولة بالمعنى الحقيقي، وما زالوا سلطة  تحت الاحتلال، ولا زال بوسطار الاحتلال جاسم على صدروهم؛ فتخففوا من نظرياتهم الموغلة بالسفسطه الغير منتجة وعادوا الى لغة شبه موحده لولا نتوءات البعض الموغل بالصهينه. فتعالوا يا بني بلدي الى كلمة سواء ، نعمر فيها بلدنا وننقذه من جحيم التخلف والخلافات لنوحد النظرة الى المستقبل إن لم نوحد النظرة الى التاريخ، ونتوحد على مصالح شعبنا في تأمين عيشه الكريم حتى لا  يكابد الهجرة الى البلاد البعيدة.