فاذا كان سقوط الكنيسة في العصور الوسطى هو المدخل الالزامي لسقوط حكمها الظلامي في تلك المرحلة والذهاب نحو التنوير، فان تتطير العمامة في هذا الزمن وفي ايران تحديدا، هو الممر الاجباري لتتطير الديكتاتورية ونظام ولاية الفقيه وبالتالي يمكن توصيف هذا الفعل بانه فعلا ثوريا من الدرجة الاولى ولا علاقة له البتة بالهرطقة الدينية او العقائدية .
 


تنتشر في شوارع ايران هذه الايام بالتزامن مع التظاهرات الشعبية المناهضة لنظام ولاية الفقيه ومنددة بالاوضاع المعيشية والحياتية الصعبة التي يعاني منها معظم الشعب الايراني بسبب سياسات وفساد النظام والتي دخلت على التوالي اسبوعها التاسع، ظاهرة تتطير العمائم من على روؤس رجال الدين المتواجدين في الشوارع او امام بيوتهم وفي الاسواق.

 

 

وفي هذا السياق يسعى النظام الايراني، ومعه للاسف بعض المؤيدين للمحتجين، من إدراج هذا الفعل في خانة التصادم مع الدين نفسه، أو جعلها كحركة ارتدادية عن الاسلام بوصفه اعتقادا دينيا وبالتالي تظهير المنتفضين على الحكم والحكومة واستغلال الدين في مآرب تثبيت نفوذهم،  وتحويل المحتجين الى  مجرد مرتدين عن الاسلام، وان المشكلة هي بين مؤمنين ومنحرفين، وهذا ما قد يضفي نوع من الشرعية للنظام ومبررا لقمع هؤلاء المنحرفين عن الجادة والصراط المستقيم،  في حين ان القليل من التدبر والتركيز يتضح لنا بكل بساطة ان المنتفضين والمحتجين، لا علاقة لهم بالمعتقد، ولا همّ لديهم بصلاة وصوم وعبادة رجل الدين هذا الا بما يمثل من رمز للحكم، ومن هنا نفهم لماذ يترافق كل فيديو مصور لنزع عمامة مع صرخة المصور للحدث، بشعار " مرك بار ديكتاتور " ( الموت للديكتاتور ) وليس اي شعار اخر .

 

 

فالعمامة هنا كما فرض الحجاب على النساء، تحول الى رمز للديكتاتورية وليس رمز ديني، واي مسعى ( عن قصد أو عن جهل ) انما يصب حتما بتحوير الحقيقة ويخدم دعاية النظام ليس الا 
وان كان هنا ليس محل نقاش اصل وجود العمامة ولباس رجال الدين في الاسلام وكونه بدعة دخلت على المجتمع الاسلامي في العقود المتأخرة، وان نبي الاسلام كما اهل بيته لم يكونوا يرتدون اي زي مختلف عن الناس ( كان الاعرابي يدخل على مجلس النبي ويسأل من منكم رسول الله ؟؟ ) إلا ان هذا لا يمنع من حقيقة ان هذا الزي المبتدع صار يستعمل ويستغل لغير مقصده وبات وسيلة لفرض امتيازات وافضلية لمرتديه فضلا عن تحوله في نظام رجال الدين الى دلالة على ذلك النظام تماما كما رجل الامن او رجل المخابرات في اي نظام.

 

 

فاذا كان سقوط " الكنيسة " في العصور الوسطى هو المدخل الالزامي لسقوط حكمها الظلامي في تلك المرحلة والذهاب نحو التنوير، فان تتطير العمامة في هذا الزمن وفي ايران تحديدا، هو الممر الاجباري لتتطير الديكتاتورية ونظام ولاية الفقيه وبالتالي يمكن توصيف هذا الفعل بانه فعلا ثوريا من الدرجة الاولى ولا علاقة له البتة بالهرطقة الدينية او العقائدية .