بالختام صار واضحا ان المشكلة الحقيقية بالضاحية وباماكن نفوذ الثنائي هي مشكلة فهم دور ووظيفة الدولة، إذ لا يوجد في كل دول العالم ما يسمى ربع دولة أو نصف دولة، وبالطبع لا وجود لانصاف حلول،، وان اي حل لا يقوم على التسليم بالمواطنة الخاضعة تماما لهيبة النظام والقضاء والدستور سيتحول بعد حين الى مشكلة وليس حل، وهنا تحديدا اشكاليتنا مع الثنائي الشيعي وهنا تكمن ازمة الوعي عندهم، فالى ان يخرجوا من هذه الدوامة ويقروا باهمية القوانين وبالانضمام الكامل تحت سقف الدولة ككل المواطنين اللبنانيين ستبقى الضاحية ومعها كل لبنان يخرج من ازمة ليدخل باخرى اشد واقسى
 
بعد آفة إنتشار المخدرات منذ فترة والتي اضطر الامين العام لحزب الله ان يتناولها بكلمة اعلامية مخصصة لهذه الغاية، يأتي الآن دور انتشار السرقات والتشليح والسطو على ارزاق الناس وعمليات النهب المنظم وبقوة السلاح، حتى خرج الامر الى العلن وصار حديث الساعة لقاطني منطقة الضاحية الجنوبية معقل حزب الله. ولان الامور خرجت عن سيطرة الثنائي الشيعي مما استدعى اجتماعا امنيا يجمع قياداتهما ويطالبان اجهزة الدولة الامنية من قوى امن داخلي وجيش بالتدخل وزيادة وجودها ونشر حواجزها على الطرقات للتخفيف من هذه الافة التي تحولت الى كابوس يؤرق سكان المنطقة او من يقصدها او حتى الماريين فيها او بالقرب منها ( طرق المطار ). هذه الفوضى العارمة ما هي الا نتيجة طبيعية جدا، للثقافة التي زرعها التنظيمان الشيعيان والسلوك المتبع منذ سنوات والمرتكز اساسا على مفهوم رئيسي ترسخ في عقول اتباعهما وجمهورهما يقول بأن القوانيين المرعية الاجراء والقضاء والقصاص واجهزة الدولة الامنية حدودها عتبات الضاحية ليس الا، ولا عمل لها او وجودا حقيقيا داخل جغرافيا الضاحية الا بالقدر الذي يسمح لها فيه، طبعا تحت عنوان ان هذه المنطقة خاضعة لضرورات امنية وتخص "المقاومة"، وبالتالي فإن إبن الضاحية لا يعتبر نفسه خاضعا بالضرورة لمعايير الالتزام بالقوانيين اللبنانية. هذا الفراغ الثقافي، خلق وعيا جديدا عند شريحة كبيرة من سكان الضاحية بان التفلت من العقاب هو امتياز ومنقبة حصلوا عليها لانهم مواطنون درجة اولى " دمقاومة" و "اشرف الناس" يمتلكون فيها السلاح والقوة والاستقلالية بحيث تجعل منهم مواطنون فوق القانون وفوق الدولة ومؤسساتها. بالمقابل، فإن نظرية استقامة المجتمع ورشده وسلوكه السوي يقوم على تربية الفرد والاتكال على الوعي الديني والالتزام الاسلامي، هذه الثقافة الهجينة اثبتت فشلها مرة جديدة عند مشارف اول ازمة اقتصادية، فلا القيم والتباهي بها ولا خُطب الاخلاق في المساجد وارشادات العمائم في الحسينيات والتغني باخلاق السلف الصالح تكفي وحدها كما يزعم الاسلاميون لبناء المجتمعات، وانما فقط وفقط ما ينفع هو انزال هذه المنظومة القيمية وقوننتها وجعلها دساتير تُلزم المواطنين هي التي تحمي المجتمع وتحصنه ، هذه الحقيقة الساطعة هي التي تميز المجتمعات الحضارية عن المجتمعات البدائية وهي جوهر مقصد الاية الكريمة "ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب .." الملفت هنا، ان قيادة الثنائي الشيعي تقارب هذه الازمة من خلفية امنية فقط في حين ان المشكلة باعتقادي هي مشكلة ثقافية ونتاج ازمة وعي وتربية، فاختصار مفهوم "الدولة" باجهزتها الامنية والعسكرية والخاضعة هي الاخرى لرغبات الثنائي بتوقيت الدخول الى الضاحية ورسم خارطة طريق لسير عملها، من دون لحاظ سيادة الدولة وسيادة القوانين والانظمة والقضاء والمحاكمة والقصاص والتفرد بالهيبة والقوة، فإن الثنائي يخلق لجمهوره مفهوم " دولة " عرجاء مشوهة، قد تنجح في حل الازمة مؤقتا، الا انه لا يقدم أي حل جذري بالخصوص مع تفاقم الازمات المعيشية المرتقبة في القادم من الايام، فدخول الاجهزة العسكرية والامنية برعاية الثنائي تشبه تماما إدخال بعض صهاريج المازوت التي حصلت وتغنت بها الاحزاب الا انها لم تحل مشكلة المحروقات بالبلد بل زادنها تفاقما. بالختام صار واضحا ان المشكلة الحقيقية بالضاحية وباماكن نفوذ الثنائي هي مشكلة فهم دور ووظيفة الدولة، إذ لا يوجد في كل دول العالم ما يسمى ربع دولة أو نصف دولة، وبالطبع لا وجود لانصاف حلول،، وان اي حل لا يقوم على التسليم بالمواطنة الخاضعة تماما لهيبة النظام والقضاء والدستور سيتحول بعد حين الى مشكلة وليس حل، وهنا تحديدا اشكاليتنا مع الثنائي الشيعي وهنا تكمن ازمة الوعي عندهم، فالى ان يخرجوا من هذه الدوامة ويقروا باهمية القوانين وبالانضمام الكامل تحت سقف الدولة ككل المواطنين اللبنانيين ستبقى الضاحية ومعها كل لبنان يخرج من ازمة ليدخل باخرى اشد واقسى