كلف الرئيس التونسي الجيش الإشراف على مؤسسات الدولة كافة وخاصة تلك المؤسسات التي يسيطرعليها إخوان حركة النهضة وفي مقدمتها المجلس النيابي مخافة تهريب أو إتلاف وثائق مهمّة وقد منع الجيش رئيس المجلس راشد الغنوشي الدخول الى المجلس مع مرافقية في الساعة الثالثة صباحاً قبيل صلاة الفجر إلاّ اذا كان قاصداً المجلس سرّاً وخلسة في هذه الساعة المتأخرة وخارج الدوام الرسمي بغية إقامة الصلاة باعتبار الإخوان قد حوّلوا المجلس لمسجد تقام فيه حلقات الذكر ..

 

 

وكانت تدابير الجيش سريعة جداً التزاماً بتكليف الرئيس والشعب له فعمل الى عزل رئيس الحكومة ومنعه من دخول القصبة حيث مقر رئاسة الحكومة وقد عُزل أيضاً كل من وزيري الدفاع والعدل وقد وُضع كل من راشد الغنوشي وسيف مخلوف تحت الإقامة الجبرية وتمّ منع سياسيين ورجال أعمال من السفر إضافة الى تدابير أخرى احترازية تحمي خطوة تكليف الجيش وحمايته للمؤسسات .

 

 


في مقابل تكليف الرئيس التونسي وخطوات الجيش الإستباقية دعت حركة النهضة أنصارها للنزول الى الشارع اعتراضاً وتنديداً بعملية التكليف ولكن تجاوب العشرات من أنصار النهضة فقط جعلت من الإعتراض خطوة فاشلة لذا تتجّه النهضة نحو استخدام العنف من خلال تنظيماتها المسلحة رغم الخشية الأكيدة من مواجهة جيش يستند الى شعب يقف أمامه في مواجهة من جعل من تونس رهينة لصالح مصالح الإخوان المسلمين بعد أن أرهقوها وضاعفوا من محنها ومن أزماتها الإقتصادية الى حدّ بيعها جملة لدولة قطر من خلال اتفاقية رفضها الرئيس التونسي وكانت بداية الشرارة الأخيرة في المواجهة المفتوحة مع الغنوشي وحركة اللحى المستعارة من سياسيين فاسدين وسماسرة ولصوص دين وتجّار امتصوا خيرات تونس وزادوا الشعب فقراً .

 

 

إقرأ أيضا : ليس يوسفاً ولكن إخوته يكيدون له

 

 

 

هل تجنح النهضة نحو مواجهة الجيش وتنجح في المواجهة ؟ 

 


سؤال يعكس ايجابة مغامرة من قبل الغنوشية الجهادية اذا ما اندفعت حركة النهضة نحو استخدام العنف و السلاح ضدّ الجيش الذي يتمتع كما ذكرنا بتأييد لا مثيل له في العالم العربي اذ أن التونسيين وعلى اختلاف توجهاتهم القديمة والجديدة يلتفون حول الجيش باعتباره حامي الدولة المدنية التي يحرص عليها التونسيون وبالتالي ثمّة مناقبية وطنية عالية امتازت بها أكثر الرتب في الجيش طيلة تاريخه لذا زرعت ثقة كبيرة وإيماناً كبيراً في نفوس التونسيين لذا لم يسقط رهان التونسيين يوماً على الجيش كحامي للدولة المدنية وكمؤسسة عسكرية غير نازعة ورافضة لقيام دولة يحكمها العسكر كما أنها رافضة للدولة الدينية لذا جاء تحرّك الجيش بناءً على تكليف رئيس البلاد تأكيداً على الهوية المدنية لتونس ورفض أخونتها من قبل المرشد الغنوشي الذي استغل ربيع تونس بشعارات كاذبة بغية الوصول الى السلطة وبعد الوصول تمكّن من الدولة واستمكن من الشعب إلاّ أن تقاطع مصالح وطنية تونسية قد دفعت الى هذا الحدث الكبير حيث كلف الجيش بالإشراف على المؤسسات مما يعني أن جشع الغنوشي في السلطة التي تحكّم بها لسنوات في تونس قد حرّك التوانسة المتضررين من السياسات الإخوانية  ودفع بهم الى مواجهات كانت من نتائجها عودة الوحدة الثابتة على مر الزمن التونسي والحقيقة التاريخية لبنية الدولة وهي الجيش والشعب والشرطة  حيث احتشدوا في مشهد واحد ضدّ جماعة الغنوشي الذي اغتال تونس باسم الإسلام وكفّر التونسيين باسم الدين ليصنع له ولجماعة الإخوان سلطة تستمد من الخلافة تجربتها بغية إقامة الحدود بقطع يد الفقير وإحياء الشعائر وجمع الزكاة  وتعدد الزوجات للتكاثر باعتبار المال والبنين زينة الحياة الدنيا .