يبدو أنّه فذّ فعلاً هذا البطل التاريخي والأسطوري الذي طلّ علينا من شباك الثورة والدولة والحزب والمذهب ومن شبابيك اخرى من سلطة السياسة الى سلطة الثروة وسلطة الدين ومن أبواب متعددة لا حصر لها في تاريخنا القديم والجديد بحيث بتنا عبيداً لآلهة الأبطال الذين يولدون بإستمرار بطرق غير طبيعية كونهم استثناءًا لا مجال لتكرارهم كل وقت وفي  كل حين .


في لبنان هذا البلد الصغير في كل يوم يولّدُ لنا بطلاً فذّاً توجب الطائفة أو الحزب أو السلطة النخ له كبعير يطيع صاحبه كي يركبه سيده في حين أن دولاً عربية كبيرة توجب طاعة بطل واحد كم كان عراق صدام حسين وكما هي سورية الأسد وكما كانت ليبيا القذافي ومصر عبد الناصر واليمن علي صالح وتونس زين العابدين ومؤخراً توفليقة الجزائر الذي بقي رئيساً وهو في الغيبوبة كما هي حالات دول الملوك والأمراء من المملكة العربية الى المملكة المغربية .


كثرة الأبطال عندنا منتشرة في كل طائفة ولا حصر لها في المشهد اللبناني ومع ذلك أطعنا وعبدنا طوعاً لا كرهاً هؤلاء الكرام البررة أمجاد العز والفخر والتبغ والأرز والحامض والبوصفير وقدمنا لهم كل غال ورخيص من الشهادة بين أيديهم الى الهتاف حتى بُححنا وما عادت حناجرنا بقادرة على الزعيق لهذا القائد المفدّى ولا  لذاك القائد النابليوني .

 

إقرأ أيضا : سلطة طرشان

 


وماذا كانت النتيجة ؟ سؤال برسم القادة الذين آلهنا أكثرهم ومارضينا أن ننزلهم منزلة الأنبياء كونهم أكبر قامة وقد تصل طول رقبة أحدهم الى السماء الثامنة وكم من مرة تقاتل اللبنانيون من أجلهم ومازالوا حاضرين للموت دفاعاً عنهم والزود عن عيالهم الشريفة من الإبناء الى الأصهرة وكم مشينا بجنائز حملت نعوش من ماتوا من أجل فذّ هنا وفذّاذ هناك وما زالت جنائزنا عامرة وبعضنا يشيع بعضنا حتى لا يبقى أحد غير أطوال العمر من كبار الآلهة وعائلاتهم المختارة من المختار مباشرة وقد طهرها تطهيراً .

 


وماذا كانت النتيجة ؟ سؤال برسم الواقفين طوابير طوابير على محطات البنزين كي يحسن عليهم أصحاب المحطات بإعطائهم ربع تنكة بنزين وبرسم المتقاتلين اليومين على البضائع والسلع في التعاونيات التي ترفع الأسعار بجنون لا طاقة لمحدودي الدخل على تحملها بحيث باتت التفاحة بوزن ليرة الذهب وبرسم الذين فقدوا وظائفهم وباتوا بلا عمل وبرسم الذين ناموا أغنياء واستفاقوا فقراء بعد أن فقدوا ودائعهم و برسم الذين يتفرجون على الدولار وهو يصعد الى السماء يومياً وبرسم الذين يخرجون غاضبين و يقطعون الطرقات دون تمييز بين الصح والخطأ وبرسم الذين يخرجون بالعصي وأدوات القتل لتأديب الخارجين من فقرهم على أغنياء السلطة وبرسم الأحزاب التي فقأت أعيننا وفختت أسماعنا وهي تنظر لثورة الفقراء وفي الفعل تقف مع الأغنياء ضدّ الفقراء و برسم من وعد وهدد ورعد ودون مطر يذكر وبرسم جهابذة الأمّة الذين يخطبون بآذاننا منذ أكثر من 30 سنة و أين منهم فحول خطباء روما وبرسم الباعة والتجّار والسماسرة واللصوص وكل من دخل الهيكل .


وماذا كانت النتيجة ؟ دولة بمواصفات أقل من الصومال ...والأحزاب تتقاتل على ما تبقى من قشرة موزة لا يأكلها سعدان في قفص .