لبنان يدفع أثماناً باهظة في إستقراره ألسياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي والمعيشي والأمني وعالق في نفق مسدود لا منفذ له .
 

الواقع العام في البلد أشبه بمرجل يهدّد بالانفجار في أيّ لحظة، وكل عوامل انفجاره موجودة، ويمكن في أي لحظة أن يحدث ، لتطيح شظاياه ما تبقى من هيكل الدولة الآخذة في التفكك. لكن هذا لا يعني بعدم وجود مصلحة لأطراف داخلية وخارجية بصبّ الزيت على نار الاعتراضات الشعبية، لتحوّلها إلى تسونامي هائج قد يأكل الأخضر واليابس ، وبالفعل، للدلالة على ذلك النظر الى حركة الشارع التي لا تنبئ بأنّ توقيتها بريء. هناك من يضبط هذا التوقيت على ساعة التطوّرات السياسية. وبنظره يبدو أنّ لحظة متغيّرات ما قد حانت.

 

 

 وفق هؤلاء، فإنّ امتداد حركة الشارع على مساحة كبيرة من الخريطة اللبنانية، بتنوّعها السياسي والحزبي والطائفي، فيه إشارات سياسية، قد تعني أنّ زمن الضغط قد انطلق. 


في انتظار ما ستؤول اليه الاوضاع التي سيتم اعتمادها للخروج من النفق المخيف وإذا كان ذلك سيكون وفق استراتيجية خلط الاوراق والارض المحروقة لتكريس وقائع جديدة في الطريق نحو لبنان آخَر. 

 


طغتْ مَظاهِر فوضوية كبيرة على المشهدِ السياسي الداخلي حجبت العنوان الحكومي الذي بات ما يشْبه عمليات الاستطلاع بالنار التي تمارس في الساحات المتقابلة وتهدف لكشف ما يضمره الطرف المقابل وتقاذُف مسؤوليات حول ما وصفه رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب حافة الانفجار بعد الانهيار التي وصلتها البلاد.

 


وفي ظلّ تمتْرس رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه مقابل الرئيس المكلف سعد الحريري وسط دوران أزمة التأليف في مكانها ومختصرها الجديد، أن الأخير لا يوافق على أن يأخذ الأول إلا 3 وزراء بحال كان التيار الوطني الحر لن يمنح الثقة للحكومة، وذلك بعد الحديث عن مبادرةٍ بدت حتى الساعة إعلامية وافق بموجبها عون على 6 وزراء في حكومة من 18 أي بلا ثلث معطل على أن ينال حقيبة الداخلية، لم يكن عابراً تلويح دياب أمس بأن الوضع قد يطرح أمامي خيار الاعتكاف وقد ألجأ إليه رغم أنه يخالف قناعاتي للضغط نحو تشكيل الحكومة، وتساءل ما ذنب اللبنانيين حتى يدفعوا ثمن الأطماع والحرتقات السياسية، بلغ لبنان حافة الانفجار بعد الانهيار. 

 

 

إقرأ أيضا : انتفاضة بكركي اللبنانية

 

 

في الواقع هناك من يعتقد أنّ المسعى الذي قاده المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، يندرج في لحظات بالغة الحساسية، يدرك الجميع أهميّتها، باعتباره يمهّد أرضية تفاهم سيحلّ عاجلًا أم آجلًا، وربما يسمح بولادة الحكومة على وقع تقاطعات إقليمية يُفترض أن تولد في لحظة ما .

 


في هذا السياق هناك من يعتبر أن رئيس الجمهورية أبدى موافقته على مبادرة اللواء إبراهيم، لكنّ الممانعة أتت من جانب جبران باسيل، الذي سارع إلى تسريبه من باب حرق تلك المبادرة لا إنجاحها، ولأنّها لا تتوافق مع حساباته الشخصية المرتبطة بمصير مكانته السياسية حصرًا.

 

 

كما عكستْ مواقف التيار الوطني الحر، المراوحة في الملف الحكومي، إذ اتهم الرئيس المكلف بالاستهتار المتمادي وبأن ما يطرحه فيه تغييب كامل للمكوّن المسيحي وهذا يسقط عن الحكومة ليس فقط ميثاقيتها بل كينونتها، وفيه تخط لكل الحدود المقبولة الى ضرب الميثاق وإسقاط الدستور. 

 


في الخلاصة  صورة المشهد الداخلي  يتصدّره الإرتباك الشامل، والتخبّط في قعر أزمة مميتة، وضع البلاد يزداد انحداراً نحو الأسوأ، أحوال اللبنانيين متجهة من السيئ إلى الأسوأ على جبهاتهم الحياتية والحيوية 
 بلغ الوضع الاقتصادي الاجتماعي في لبنان مراحل خطيرة جدًّا. وما مشاهد الذلّ التي تُعرض عن تقاتل اللبنانيين على كيس حليب وزجاجة زيت مدعوم، إلّا عيّنة بسيطة لما يمكن أن ينتظرنا في ظل استمرار المسار الانحداري أكثر. ولهذا، يعرف الممسكون بالقرار جيدًا، أنّ الوضع قد يخرج في أيّ لحظة عن السيطرة، حتّى لو دفعت بهم مصالحهم الضيّقة وأنانيتهم، إلى تغليب حساباتهم الشخصية على المصالح العامة. لكنهم يدركون جيدًا أنّ هامش التذاكي ضاق جدًّا ومساحة اللعب على الهامش تقلصت كثيرًا. 

 


لبنان يدفع أثماناً باهظة في إستقراره ألسياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي والمعيشي والأمني وعالق في نفق مسدود لا منفذ له .