هل يدفع اللبنانيون اليوم أثماناً عظيمة ودماءً زكيّة، إذا ما انطلت من جديد مكائد باسيل على الصحابي الجديد المُغرّر به دائماً سعد الدين الحريري.
 

على ما تدُلُّ بشائر ولادة الحكومة الجديدة التي كُلّف الرئيس سعد الحريري بتأليفها، أنّ الحريري سيقع مرّةً أخرى وللأسف الشديد في حبائل الوزير جبران باسيل، تلك التي بدأها الحريري عام ٢٠١٦ ب"تعيين" الجنرال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية البائسة هذه الأيام، وهذا ما يُذكّر المُطّلعين على تاريخ الإسلام المُبكّر، بخديعة عمرو بن العاص لأبي موسى الأشعري، وذكّر إن نفعت الذكرى: فقد أُوكِل لهذين الصّحابيّين "الجليلين" أمر التّحكيم في الصراع الدموي الرهيب بين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والوالي على الشام معاوية بن أبى سفيان، والتّحكيم جرى بعد المعركة الرهيبة في صفّين، وكان عمرو بن العاص قد عُيّن حكَماً من جانب معاوية بن أبي سفيان، والي الشام، وأبي موسى الأشعري من جانب الخليفة الإمام علي بن أبي طالب، وقد جرى التّحكيم بعد ثلاثة أيام من وقف القتال في صفين، فأقبل عمرو بن العاص على أبي موسى الأشعري بأنواعٍ من الطعام يُشهّيهِ بها، حتى إذا استبطن أبو موسى( أي شبع وأُتخِم)، ناجاهُ عمرو فقال له: يا أبا موسى ترى ما وقعت فيه هذه الأُمّة من الفتنة العمياء التي لا بقاء معها، فهل لكَ أن تكون ميمون هذه الأمة، فيحقن الله بك دماءها، فإنّه يقول في نفسٍ واحدة: ( ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعاً)، فكيف بمن أحيا أنفُس هذا الخلق كله؟ قال أبو موسى: وكيف ذلك؟ قال عمرو: تخلع أنت عليَّ بن أبي طالب، وأخلع أنا معاوية بن أبي سفيان؛ ونختار لهذه الأمة رجلاً لم يحضر في شيئٍ من الفتنة ولم يغمس يده فيها.


قال أبو موسى: ومن يكون ذلك؟


وكان عمرو بن العاص قد فهم رأي أبي موسى في عبدالله بن عمر ( إبن الخليفة عمر بن الخطاب)؛ فقال له: عبدالله بن عمر.

 

إقرأ أيضا : العنف المُختزن في الإسلام والسُّنّة النبوية.


فقال أبو موسى: إنّه لكما ذكرت، ولكن كيف لي بالوثيقة منك؟


فقال له: يا أبا موسى، "ألا بذكر الله تطمئنُّ القلوب"، خذْ من العهود والمواثيق حتى ترضى، ثم لم يُبقِ عمرو بن العاص عهداً ولا موثقاً ولا يميناً مُؤكّدة حتى حلف بها، حتى بقي الشيخ مبهوتاً، وقال له: قد أجبت، فنودي في الناس بالإجتماع إليهما فاجتمعوا، فقال عمرو: قم فاخطُب في الناس يا أبا موسى، فقال: قم أنت اخطبهم، فقال عمرو: سبحان الله! أنا أتقدّمك وأنت شيخ أصحاب محمد، والله لا فعلتُ أبداً، قال: أو عسى في نفسك أمراً! فزادهُ إيماناً وتوكيداً، حتى قام الشيخ أبو موسى، فخطب الناس،  فحمد الله وقال: أيها الناس، إنّي قد اجتمعتُ أنا وصاحبي على أن أخلع أنا عليَّ بن أبي طالب، ويعزل هو معاوية بن أبي سفيان، ونجعل هذا الأمر لعبد الله بن عمر، فإنّه لم يحضر في فتنة، ولم يغمس يده في دم امرئٍ مسلم، ألا وإنّي قد خلعتُ عليّ بن أبي طالب كما أخلع سيفي هذا، ثمّ خلع سيفه من عاتقه وجلس، وقال لعمرو: قُم، فقام عمرو بن العاص،  فحمَد الله وقال: أيها الناس، إنّه كان من رأي صاحبي ما قد سمعتم، وإنّه قد أشهدكم أنّه خلع عليّ بن أبي طالب كما يخلع سيفه، وأنا أُشهِدكم أنّي قد أثبتُّ معاوية بن أبي سفيان كما أُثبتُ سيفي هذا، وكان قد خلع سيفه قبل أن يقوم إلى الخطبة، فأعاده على نفسه، فاضطرب الناس وخرجت الخوارج.

 

 

وقال أبو موسى لعمرو: لعنكَ الله، فإنّ مثَلك كمثَل الكلب، إن تحمل عليه يلهث، وإن تتركه يلهث! فقال له عمرو: لعنك الله، فإنّ مثلكَ كمثَل الحمار يحمل أسفاراً.


لم تهدأ الحروب بعد حادثة التحكيم، ولم يتوقف سفك الدماء بعد هذا الفشل الذريع وهذه الخديعة المكيدة التي قام بها عمرو بن العاص مع الصحابي أبي موسى الأشعري.


هل يدفع اللبنانيون اليوم أثماناً عظيمة ودماءً زكيّة، إذا ما انطلت من جديد مكائد باسيل على " الصحابي" الجديد المُغرّر به دائماً سعد الدين الحريري.