من اللافت أن عملية الإستلاب الممنهجة في التربية المنزلية والحزبية و السياسية هي إحدى ركائز استقرار دول الطغمة العسكرية والإستبدادية وأن المستلبين من النساء والرجال هم الحرس الأقوى و الجيوش الغير منظمة لحماية الدكتاتوريين وهذا ما جعل من مهمّة الإصلاح صعبة للغاية ومن حلم التغيير كابوساّ شرساً لا مجال للأحلام في خدش بعض صوره القاتلة و المميتة .
 

ورد في الحديث أن النبي (ص) صرف المرأة عن الجهاد وأمرها بحُسن التبعل لزوجها وهذا ما اعتاد عليه المسلمون وتواصوا به باعتباره مسلكاً تربوياً واجتماعياً متصل بحياة المسلمين وحيّزاً للمرأة وقد شبّت المجتمعات الإسلامية على هذه التعاليم واعتادت عليها و باتت واجباً من موجبات الزوجة لزوجها.

 

 

 ويبدو أن هذا العمل التبعلي الممدوح في التجربة الإسلامية قد خلق له أكثر من ضرورة في مجالات أخرى غير المجال المنزلي وكان المنزل الحزبي من أشدّ المناصرين لفكرة التبعل ومن ثمّ تطورت في المجال الحزبي الى ضرورة التبغُل لفوائد عديدة تجنيها القيادة الحزبية في البيئة العربية والإسلامية .

 

إقرأ أيضا : عصوا الله وأطاعوا فرنسا

 

 

لقد درجت عمليتي التبعُل و التبغُل في التجربة الحزبية العربية – الإسلامية في سياقات العمل الحزبي والسياسي وهذا ما أوجد سياسة القطيع وتكمن مشكلة العاملين بضرورتيّ التبعُل والتبغُل في العمل السياسي عند غير المؤمنيين بالدين وهذا ما كثُر في تجارب العلمانيين حيث الإستحمار سُنة الأعمال الحزبية التي كرّست قيادة مفكرة وأتباع ملتزمون بأوامر القيادة التي أمست قيادة فردية لشخص متعال لا مكان للنظر اليه من باب الرؤية الغير واضحة و هذا ما تعاقبت عليه التجارب الماضوية للشبكات التقليدية في الوسط الإسلامي وما وجوب التقليد الوليد في مرحلة متأخرة من نمو المذاهب الاّ الأنموذج الحي للدلالة على الإستلاب الفكري بغية السيطرة الكاملة على التابعين .

 

 

استفاد الإسلامان السياسي والجهادي من المرويات وجعلوا للأحاديث صيرورات أخرى فحُسن التبعُل مثلاً يصح داخل البيت الحزبي كما صح في البيت الزوجي بمعنى أن الطاعة هنا توجب طاعة هناك طالما أن الطاعة ركن أساسي من قواعد أي سقوف قائمة  وهذا ما اختبرته تجربة الإخوان المسلمين حيث الطاعة الدرس الأوّل في تعاليم الجماعة و هذا ما اختمر في تجربتيّ داعش والقاعدة و هذا ما يناصروه القائلون والعاملون داخل العصبيات الحزبية وهذا ما تتمتع به غالبية الدول ذات الأنظمة المستبدة والتي كرّست تبعلاً دائماً و تبغلاً مستمراً فركبت الشعوب الى ما لا نهاية وفي سباقات زمنية غير منتهية .

 

 

في لبنان مزرعة لتربية المتبغلين  وهذا ما جعل من الصعوبة هدم المزارع القائمة كونها محاطة بأجيال ممن تربوا فيها والمزارع هنا ليست حكراً على أحد دون أحد إذ ان عقلية المزرعة مستوطنة في التجارب التي مرّت على لبنان بأسماء متعددة وبأفكار مختلفة ويبدو أن الحرب قد كشفت بقوّة عن سياسات المزارع المتبعة لذا توارث اللبنانيون المتعاقبون  على السلطة القطعان المعلوفة جيداً لحماية أدوارهم المتنقلة حيث الحاجة .

 

 

من اللافت أن عملية الإستلاب الممنهجة في التربية المنزلية والحزبية و السياسية هي إحدى ركائز استقرار دول الطغمة العسكرية والإستبدادية وأن المستلبين من النساء والرجال هم الحرس الأقوى و الجيوش الغير منظمة لحماية الدكتاتوريين وهذا ما جعل من مهمّة الإصلاح صعبة للغاية ومن حلم التغيير كابوساّ شرساً لا مجال للأحلام في خدش بعض صوره القاتلة و المميتة .