بسبب تفشي وباء الكورونا  العالمي، وانعكاسه على حياة المواطنين في كل دول العالم ، لاتزال الصورة في لبنان غامضة وصورة المواطنين التي لا تزال غاضبة نتيجة وصول البلد الى هذه الحالة من الانهيار المالي والتي ستزداد بسبب الانهيار الاقتصادي واقفال طرق المساعدات الدولية للبنان.


صورة مأساوية جدا تسيطر على المواطن اللبناني الذي أصبحت قدراته مشلولة لعدم قدرته على الحركة ولغياب حس المسؤولية لدى المسؤولين ، يحاول العديد من الطلاب الذين عاشوا مرحلة الانتفاضة وبقوا على الطرقات طوال المدة الفائتة في مواجهة السلطة السياسية من اجل تحقيق الامل الذي انتظره الجميع بالتغيير.


التساؤل هل انتهى حلمنا ، هل انتهت الانتفاضة ، هل "الكورونا" كانت ضدنا ، وساعدت السلطة السياسية على اعادة تعويم نفسها  والتقاط انفاسها لإعادة السيطرة على البلد وتمرير المشاريع التي منعت طوال الفترة الماضية من تمريرها .


هل باتت المحطات التلفزيونية ممرا اجباريا لتلميع صورة السياسيين والمصارف واصحاب الشركات  من خلال برامج خاصة مهمتها   تلميعهم   وكأنهم فاعلوا خير  في تبرعات  سريعة للمشافي وللصليب الاحمر اللبناني ولمساعدة بعض العائلات  في زمن الكورونا .


طبعا نحن في زمن الوباء وهذا الوباء غدار ولئيم جدا ولا يمكن محاربته سوى برفع الروح الوطنية التي ستكون المسار الكبير في نعش الوباء حتى لو حاولت السلطة السياسية اظهار نفسها بانها تتوحد مع الشعب في محاربة الوباء وتقديم المساعدات لكن هذا الوضع سيكون مؤقت  لان الحب في زمن الكورونا سينتهي مع انكفاء الوباء ، ويذوب الثلج ويبان المرج.


الانهيار الاقتصادي لا يمكن اخفائه والانكماش الاقتصادي ستظهر فقاعته القادمة  وسيقف الناس مجددا في الشوارع وقد يكون  بزخم اكثر لان اعداد الفقراء ستزداد بكثرة وهذه الحكومة لم تستطع معالجة اي شيء من المشاكل التي سببت الانتفاضة .


فالرد الحتمي على تساؤلات أولئك الشباب  بان الانتفاضة لم تنكفئ وجهودكم وتعبكم لم تذهب سدى  لكن بالطبع بظل حالة الوباء  من الطبيعي ان تتراجع نشاطات الانتفاضة وتنحصر اعمالها بسبب طبيعة التعليمات العالمية مع واقع  وإزدياد اتساع رقعة انتشار الوباء  .


ولطالما نحن نتحدث ونقيم الانتفاضة مع بعض بحماس واندفاع فان الانتفاضة لن تهدأ لأنها انتفاضة شعب يطالب باستعادة وطنه وربما مهمة الجميع استخدام منصات التواصل الاجتماعي كسياسة طبيعية في التعامل الحالي مع الانتفاضة.


لقد أخذني الحديث بالذاكرة مع هؤلاء الصبية المندفعين  أيام الاحتلال الاسرائيلي للبنان حيث كانت الساحة فارغة والجميع بات يتأقلم مع وجود الاحتلال والتسليم بالأمر الواقع سوى قلة من الشباب اللذين اخذوا على عاتقهم مواجهة و مقارعة  الاحتلال .


في العام 1983 كنت طالب في الثانوية وكنت اقوم بواجبي الوطني ، ولتنفيذ المهمة الموكلة إلينا كنت اطلب اذناً من ناظر الثانوية بالخروج من المدرسة لتنفيذ المهمة مع رفاقي ، وفي احدى الايام منعني من الخروج ، وقلت له بصوت باكي بانك ستندم اذا لم تدعني اخرج وذهبت نحو الصف ودموعي تنهمر لأنني غدرت برفاقي ولم أحضر الى الموعد.


نهرني قائلاً ولماذا تريد الخروج المتكرر فقلت له بصراحة انا اعمل ومضطر للعمل  وقال لي اين تعمل ففتحت له كيس الثياب الوسخ وقلت له اعمل حمال في الحسبة واذا لم استطع العمل ،سأحرم من المجئ  الى المدرسة لعدم توفر المال وانا اساعد اهلي .


ونحن نتفق على افراغ الشاحنات حينما تصل . سكت برهة وقال لي اذهب وانتبه لدروسك ذهبت ونفذت العملية العسكرية مع جبهة المقاومة ووقعت في الاسر ، وعندما اطلق سراحنا قابلني وقال لي انا الاستاذ المخضرم ضحكت علي وانت مقاوم ...نظرت اليه فقلت للضرورة احكام ، نحن نستعيد وطن.


فكان الجميع يصرخ بهؤلاء هل العين تقاتل مخرز فكان ردنا بان المقاوم فعل حب والثائر عاشق كبير ،حينها لم يكن معنا سوى  صوت فيروز بأغنيتها قلعة بحر صور وصخرة جبل عامل  والياس خوري في كتابته في السفير ومجلة بيروت المساء والنداء قلة قليلة من الشباب المغامر اجبرت الجميع على الوقوف بصفنا لاستعادة الوطن من العدو الصهيوني ونجحنا ..


اما اليوم مع هؤلاء الشباب  قلة قلية من الاعلام  المرئي في الحدث العربية وام تي في اللبناني وجريدة نداء الوطن  وكل تطبيقات التواصل الاجتماعي التي باتت  اقوى من اصواتهم  لان كل الوطن مع الانتفاضة وكل الساحات  وكل الاجيال المؤمنة باستعادة الوطن من براثن الفساد والمذهبية.


لذلك لابد من اعادة استنهاض الانتفاضة بطريقة جديدة لأنها هي السلاح القوى التي تستطيع ايقاف هذه السلطة الحاكمة  واجبارها على تحقيق مطالبها .

 

خالد ممدوح العزي.