يفضل حزب الله اليوم التريث وربما لأسابيع فلم يعد مندفعا لتشكيل الحكومة، وحكومة دياب تحديدا كما في السابق وبالتالي ثمة أوراق لدى الحزب يجب ترتيبها أولا تتصل بالوضع الإقليمي وتطورات الموقف الإيراني بعد اغتيال سليماني.
 

منذ انطلاق الإنتفاضة الشعبية في لبنان في 17 تشرين الاول عام 2019 دخل لبنان مرحلة جديدة على وقع هذه الإنتفاضة وتداعياتها، فقد فرضت هذه الإنتفاضة واقعا جديدا لم تستطع السلطة وأحزابها واتجاهاتها المختلفة تجاوزه حتى اليوم.
ومنذ سقوط حكومة الرئيس الحريري في الشارع حتى اليوم لا تزال السلطة وأحزابها في حالة تخبط كبير بالرغم من تكليف الدكتور حسان دياب بعد استشارات نيابية غلب عليها طابع اللون الواحد بعد انكفاء حزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين وغيابهم عن المشهد إن من خلال عدم تسمية دياب أو من خلال عدم رغبتهم بالمشاركة لينضم إليهم لاحقا تيار المستقبل .

حاول حزب الله الإمساك بزمام الأمور وضبط بعض المشاغبات لرئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وسلكت مشاورات التأليف مسارا إيجابيا في الأيام الأولى ولكن سرعان ما انفجرت هذه المشاورات بفعل الخلاف على المغانم وتوزيع الحصص والوزارات من جهة، وبفعل السجال حول شكل الحكومة بين السياسة والتكنوقراط.

وبالرغم من فشل المشاورات حول التأليف وبالرغم من استمرار السجالات والتأزم الحاصل حتى اليوم، إنكفأ حزب الله عن المشهد الحكومي بشكل ملحوظ بعد اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني حيث تلقى الحزب ضربة مباشرة وكانت هذه الصدمة كفيلة بضرورة مراجعة الحسابات محليا وإقليميا، نظرا لما تشكله عملية من هذا النوع بإعادة خلط الأوراق.

وبناء عليه يفضل حزب الله اليوم التريث وربما لأسابيع فلم يعد مندفعا لتشكيل الحكومة، وحكومة دياب تحديدا كما في السابق وبالتالي ثمة أوراق لدى الحزب يجب ترتيبها أولا تتصل بالوضع الإقليمي وتطورات الموقف الإيراني بعد اغتيال سليماني.

وبين حساسية الوضع اللبناني وخطورة المرحلة اللبنانية سياسيا وإقتصاديا، وبين تداعيات اغتيال سليماني على الحزب داخليا وربطا بالموقف الإيراني إقليميا يبدو حزب الله اليوم أكثر حرجاً من أي وقت مضى، وفي هذا السياق يأتي التأخير الحاصل في إعلان الحكومة اللبنانية التي أرادها حزب الله نفسه بفريقه وتحالفاته، وهذا التأخير ربما يعود إلى رغبة ملحة لدى حزب الله بانتظار ما ستؤول إليه الساحة الإقليمية والدولية وانتظار الموقف الإيراني.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم والآن، إلى أي مدى يستطيع حزب الله تأخير الحكومة في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط السياسية والإقتصادية والاجتماعية والمعيشية؟ وكيف سيتعامل حزب الله مع الضغوط الخارجية الداعية إلى الإسراع في تشكيل الحكومة في ظل الوضع الحالي المتأزم؟
وهل سيكون هذا الوضع كله في صالح لبنان؟

وفي قراءة لهذا المشهد فإن موقف حزب الله اليوم سيزيد الوضع اللبناني تعقيدا وتأزما سواء في الداخل أو في علاقاتنا مع الخارج، وحزب الله بمواقفه تلك يؤكد للمجتع الدولي إمساكه بزمام الأمور الأمر الذي من شأنه أن يراكم المزيد من الضغط المالي والسياسي في وقت لا يستطيع أحد أن يتحمل خطورة الوضع المتأزم، كما أن ذهاب حزب الله إلى حكومة اللون الواحد وربطها بمحاور إقليمية أخرى ستكون حكومة عاجزة لن تقدم ولن تؤخر في مسار الازمة اللبنانية وتشعباتها لا سيما مع ما ينتظر لبنان من استحقاقات مالية كبيرة في أذار المقبل وفي حال لم يلتزم لبنان بها فسيتم إعلان إفلاس الدولة اللبنانية.

 وأمام هذا الواقع فإننا قد نكون أمام مشهد جديد لن يكون في صالح حزب الله ليس اقتصاديا أو ماليا فحسب بل سيتحول إلى مواجة سياسية لها علاقة بمواجهة إمساك حزب الله بالورقة اللبنانية والمطالبة محليا وإقليميا ودوليا بإزاحته أو كف يده عن لبنان ليستطيع لبنان النهوض من جديد بالمساعدات العربية والدولية.