لم تمنع وضعية وزير الخارجية جبران باسيل في حالة تصريف الأعمال، من تصريف حقده وعنصريّته نحو ثوار الانتفاضة أولاً، ومن ثمّ نحو النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، وذلك في مؤتمر يبحث قضايا الهجرة والأمن في دول المتوسط، فالإنتفاضة الشعبية التي شهدها لبنان منذ السابع عشر من تشرين الأول الفائت، يعزو باسيل أسبابها كعادته للحكومات السابقة لعهده الذي ابتدأ عملياً بعد انقلابه على حكومة الرئيس سعد الحريري عام ٢٠١١، ولو أنّه اقتصر على ذلك لهان الأمر وخفّ المصاب، لأنٌ اتّهامه هذا لا يُنافي الحقيقة، إلاّ أنّه مشبوه، فهو يحاول أن يُبرّئ نفسه من مسؤولية تسلُّطه على حكومة الرئيس ميقاتي عام ٢٠١١، وبعد ذلك حكومة الرئيس سلام، وتالياً حكومتي الرئيس سعد الحريري في عهد الرئيس عون، حيث استشرى الفساد، وتعاظمت المديونية العامة، وتدنّى مستوى الخدمات، حتى بلغت الدولة المتهالكة مرحلة الانهيار المالي والاقتصادي والفوضى، وفي سبيل تعمية المؤتمرين الذين خاطبهم في هذا المؤتمر، لجأ باسيل كعادته أيضاً، إلى نسبة الأزمات الحادّة التي يعيشها الشعب اللبناني الصابر هذه الأيام إلى التدخلات الخارجية( وهي في عُرفه غربية، أي لا شرقية ولا إيرانية)، هذه التدخلات هي التي فجّرت الانتفاضة الشعبية، لا سياساته في مجال الكهرباء والمياه والسّدود والصفقات المشبوهة والرحلات الخارجية التي لا تنقطع، والتي استفحلت منذ بدء عهد الرئيس عون قبل أكثر من ثلاث سنوات، ومن ثمّ ينتقل باسيل لتحذير الأوروبيين من مغبّة هذه التدخلات التي ستزرع الفوضى في لبنان، وتُقسّم اللبنانيين إلى فئاتٍ متناحرة، ستكون نتيجتها مماثلة لما حصل في سوريا من اندلاع الحروب وتفشّي الإرهاب، وهنا يضع باسيل إصبعهُ على "الجرح" الأوروبي، إذا لم تُسارعوا لمساعدة لبنان للخلاص من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين، والذين بلغ تعدادهم أكثر من أربعين بالمائة من عدد السكان، فإنّ موجات الهجرة "المتطرّفة" ستغزوكم في عُقر دياركم: باسيل يتهدّد الأوروبيين في معرض مناشدته للمساعدة.

معالي وزير خارجيّتنا يعيش هذه الأيام في كوكبٍ آخر، ذهب إلى روما على نفقة الشعب اللبناني، واعتلى المنبر ليستعرض مهاراته الخطابية، المحشُوّة بالأكاذيب والترهات والدسائس الخبيثة، وزير خارجيتنا لم يُخلّف وراءه شعباً منتفضاً في الشوارع والساحات، لا يشهد عهد الرئيس عون(اي عهد باسيل بالفعل) أزمة بطالة متسارعة، ومؤسسات تُقفل وتصرف عمالها وموظفيها، لم يُخلّف وراءه أزمات مالية واقتصادية خانقة ومآسٍ اجتماعية بلغت حدود الانتحار، ما زال وزير الخارجية جبران باسيل سادراً في غيّه، مُتعامياً عن سوء أفعاله مع شركائه في السلطة، والمتحاصصين والمتواطئين معه في الفساد ونهب المال العام، ليته يصمت، أو يخرس احتراماً للتضحيات الجِسام التي يُقدمها اللبنانيون اليوم، علّه يُكفّر عن ما اقترفتهُ يداه طوال السنوات العشر الماضية، من تسلُّطٍ وفجور، وما على المواطنين اللبنانيين سوى انتظار اليوم الذي يرونه فيه مُساقاً أمام محكمةٍ عادلة تُحاسبه على ارتكاباته المُشينة.