على اللبنانيين ان يقرأوا جيدا خطاب الوزير باسيل وان يفكروا بما قد ينتج عنه من اعادة عقارب الساعة الى الوراء
 
من الواضح ان البلد بات يتقلب على جمر الأزمات المتباينة الأسباب والتداعيات والمنعكسة بين ردود فعل مفتعلة تعبوية وأخرى نابعة من نقمةٍ شعبية. وفي مقابل أزمة النفايات القديمة الجديدة التي أصبحت كشماعة لحراك المجتمع الذي يغيب عن الوعي وسط الأزمات ليعود إلى الساحة غب الطلب، برزت مؤخراً أزمة الدولار المرتبطة بتهريب المحروقات إلى سوريا عبر حلفائها من جهة، والعقوبات الأميركية المفروضة على حزب الله من جهةٍ أخرى.
 
أما الحديث عن مؤامرات تحاك ضد البلد ليست  الا كلام  شعبوي  هدفه حرف الانظار عن السبب الحقيقي لهذه الأزمات عبر إخفاء الدولار التي استولدت إضراب شركات المحروقات وأصحاب الأفران، فربما غابت عن بال المحللين بسير خطواتها المحتسبة عمدا بغية رفع سعر الدولار مقابل الليرة اللبنانية لتثبيتها قريباً على سعرٍ جديد يُفرّغ سلسة الرتب والرواتب من قيمتها الفعلية.
 
وسط تقلب الأوضاع، شهد لبنان عدة اعتصامات واضرابات وتحركات، كانت حتى الأمس غير مقلقة! لكن ذكرى الثالث عشر من أكتوبر قلبت الموازين بطريقةٍ ساخنة على وقع تهديدات باسيل الذي ناشد رئيس الجمهورية  بقلب الطاولة !
 
ماذا يعني قلب الطاولة وعلى من ستقلب؟ ولماذا هذه النبرة العالية والتهديد والوعيد؟ وماذا ينوي ان يجرف معاليه بـ نهره الجارف؟
 
الواضح من خطاب وزير الخارجية في الحدث الذي اتى بعد ايام قليلة من كلمته في اجتماع وزراء الخارجية العرب انه يقدم اوراق اعتماده للنظام السوري ومن خلفه ايران وحزب الله لتبني ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وهو كان اكثر وضوحا امس في مسألة ضرب الموقف اللبناني بالنأي بالنفس مراهنا على التبدلات في المشهد الاقليمي.
 
 
 
بالتأكيد لا يبني معاليه حساباته على التوازنات الداخلية، بل هو لا يقيم وزنا لها، وبالتأكيد لا يقيم أي اعتبار للتركيبة اللبنانية الدقيقة، غير آبه بما يمكن ان تجر سياسته على البلد من مآس جديدة.
 
وفي جانب من خطابه العالي النبرة محاولة لحرف النظر على فشل العهد بعد مرور نصف الولاية من تحقيق اي انجاز يذكر، لاسيما ان السياسة المتبعة والفساد المستشري ادى الى تفاقم الازمة الاقتصادية وبات يهدد بانهيار اقتصادي وشيك.
 
لم يتعلم معاليه من الدروس والعبر، اقله خلال السنوات الثلاث الاولى للعهد، فالهمّ الاكبر عنده كيف يصل الى كرسي بعبدا، وكلامه الخطير في الحدث يعبّر عن مكنونات بداخله لن يأتي منها الا خراب للبلد.
 
كلام معاليه تهديد صريح بإشعال البلد، وقلب الطاولة لا يعني سوى استعداده لفعل اي شئ حتى لو ادى الى حرب اهلية جديدة.
 
على اللبنانيين ان يقرأوا جيدا خطاب الوزير باسيل وان يفكروا بما قد ينتج عنه من اعادة عقارب الساعة الى الوراء وهو الذي قال بوضوح منطلع على ساحة قصر الشعب أحسن ما نكون جالسين على أحد كراسيه فمشهد ساحة قصر بعبدا ابان استيلاء العماد ميشال عون عليه عام 1988 ما زال ماثلا في الاذهان، وهزّ المسمار حطم البلد واغرقه في الدماء.
 
فهل يعي معاليه ما يقول؟ وإذ بدا واضحاً أن النفير السياسي الذي دقّه باسيل غداة دعوته في الجامعة العربية لاستعادة سورية مقعدها فيها وبعد لقاءٍ مطوّل مع الأمين العام لـ حزب الله السيد حسن نصر الله  دشّن مرحلةً جديدةً في الواقع اللبناني وأسّس لكيفيةِ تعاطي التيار الحر والحزب مع النصف الثاني من ولاية الرئيس ميشال عون.وفي هذا السياق تاتي أشادة نائب الأمين العام ل حزب الله الشيخ نعيم قاسم، بالموقف الشجاع، الذي أدلى به جبران باسيل، في جامعة الدول العربية حول عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة  ،بعض أوساطٌ مطلعة رسمتْ علامات استفهام كبرى بإزاء انعكاسات هذه الهجمة على التسوية السياسية التي تحكم الوضع في البلاد منذ 2016 ومدى قدرة الاستقرار الهشّ على الصمودِ أمام ضرباتٍ متوالية وتالياً كيف سيكون ممكناً العبور بمسارِ الإنقاذ المالي فوق برميلِ بارودٍ سياسي وربما أكثر.
 
وهل التسوية الرئاسية، ما زالت تسير في طريقها السوي، أم أن ترقيعها بالتسويات، هو ما يستر عورتها، كلما اقتربت من التعري؟ 
 
وهل اصبحت  حالة الانفلات في المشهد السياسي هي توطئة الى ما يضاعف  المخاوف من ارتفاع حدة التوتر التي سوف ترمي البلد في قعر الهاوية التي لطالما العالم حذرنا مرارا من الوصول اليها