هناك مؤشرات تدل على ان “حزب الله” قد يصعّد ويقرر الحرب استناداً الى خطاب السيد نصرالله في يوم العاشر من محرم وهو مستعد لتنفيذ أي قرار إيراني آخر
 
ما ينتظر منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ولبنان بشكل خاص، في الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة مُهمّ جدًا، حيث أنّه سيُحدّد الخيط الأبيض من الأسود، بالنسبة إلى ملفّات شائكة وحتى دَمويّة. فهل ستكون المنطقة على موعد مع مزيد من التصعيد، أم مع بداية مرحلة ولوج الحُلول والتسويات؟. 
 
تبدو الإدارة الاميركية وكأنها تهيّىء الرأي العام الداخلي والعالمي الى قرارات حاسمة جداً ستتخذها ضد إيران واذرعها أيضاً وفي طليعتهم حزب الله والحزب متهم بعمليات إرهابية تخطيطاً أو تنفيذاً أو الاثنين معاً استهدفت بلداناً عربية وآسيوية وأوروبية وأميركية ، وبالتالي فإن التذكير، اليوم، بهذا كله ليس من فراغ! وهو يمهد الى قرارات أبعد مدى من مجرّد العقوبات وطبعاً الحزب سيكون مستهدفاً فيها لكن ليس وحده بل لبنان كله.
 
 وفي التقدير أنّ الهدف من ذلك هو لتشكيل أداة ضغط لضبط إيران داخل حدودها ولانضباط حزب الله داخل الحدود اللبنانية في إطار شرعية الدولة. 
لا أحد يستطيع التوقّع إلى أين تتجه المواجهة الأميركية  الإيرانية، لكنها تبدو مستمرة إلى حين إحداث تغييرات على الأرض، إنْ بصدام عسكري قد يشعل المنطقة، أو بخضوع إيراني للشروط الأميركية، بعدما خنقت العقوبات إيران وجعلت متنفسها الوحيد، أي تصدير النفط، يتراجع الى مستويات لم تعد الجمهورية الإسلامية قادرة على تحمّلها اقتصادياً.
 
 
 
 ويبدو وفق مجرى التطورات أن المواجهة مرشحة لأن تكون طويلة، فلا الإيرانيون سيتخلّون عن سلاحهم وأوراقهم بسهولة، وهم رفعوا السقف بضرباتهم الأخيرة التي وجّهوها إلى الأميركيين وحلفائهم في منطقة الخليج وآخرها الهجوم على منشآت ارامكو النفطية التي توازي باهميتها على المستوى الاقليمي هجمات 11 ايلول على المستوى الدولي. ولا الرئيس الاميركي دونالد ترامب مستعجل بعدما اقتنع بأن استراتيجيته القائمة على العقوبات والخنق بدأت تؤتي ثمارها من دون مواجهة عسكرية. 
 
هذا في منطقة الخليج، فكيف في المناطق التي تعتبرها إيران ساحات نفوذ وأوراق لها؟ هل تحرّكها لتوسيع دائرة المواجهة مع الاميركيين؟ في لبنان تبدو الأمور هادئة نسبياً، لكن هناك مؤشرات تدل على ان “حزب الله” قد يصعّد ويقرر الحرب استناداً الى خطاب السيد نصرالله في يوم العاشر من محرم وهو مستعد لتنفيذ أي قرار إيراني آخر اذا ما استدعت التطورات ذلك . وهنا تكمن عناصر القلق والخطر الفعلي على واقع البلدالذي اصبح رهينة وورقة للمقايضة لمصلحة الاخرين. بعض الخبراء المُتابعين لشؤون الشرق الأوسط يتوقّعون أن تدفع التطورات الجديدة ، المنطقة إلى وتيرة مُرتفعة من التوتّر مُجدّدًا، على أن ينتهي هذا المسار إمّا بالتوجّه إلى مُفاوضات بين إيران وأميركا بشكل مُباشر أو غير مُباشر، ومن ثم إلى تسويات في أكثر من ملفّ، وإمّا إلى تصعيد عسكري وأمني على أكثر من جبهة، يُرافقه المزيد من الإرتفاع في أسعار المُشتقّات النفطيّة. وأوضح هؤلاء اذا ما تعمقنا في كشف نوايا الإدارة الأميركية، ومعرفة ماذا يريد البيت الأبيض من طهران، وهو يعرف طبيعة نظامها الحالي، الذي لا يمكنه عقد صفقة جديدة حول الملف النووي وفق الشروط الأميركية، فلماذا إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، انه ينتظر القادة الإيرانيين على طاولة المفاوضات؟، بعض المحللين يتريث في الربط بين التصعيد الخطابي والعسكري، وبين الانجراف الى العمل العسكري،   سيما وأن واشنطن حددت اثنتي عشر مطلباً على ايران تنفيذها، ودخلت في أعلى مرحلة من تطبيق العقوبات على ايران، وأعلى مستوى من الاستنفار العسكري في الوقت نفسه، واضعة إيران أمام خيارين، الاستسلام أو الحرب، ويلفت هؤلاء المحللين إلى ما تعلنه الإدارة الأميركية في تصريحاتها بأنها لا يرغب بالاشتباك العسكري مع إيران، رغم التحذيرات والتهديدات التي يوجهها اليها فيما لو ارتكبت خطأ ما أو اعتدت على القوات الأميركية وحلفائها في المنطقة، وفي المقابل فإن الإيرانيين يعلنون بوضوح أنهم لا يريدون الحرب مع واشنطن، ويسعون الى مفاوضات بشروط جيدة.
 
 في الخلاصة، لا شكّ أنّ منطقة الشرق الأوسط على موعد مع محطّات كُبرى في المُستقبل القريب جدًا، مع تأثيرات مُباشرة وغير مُباشرة على وضع العديد من الدول، وعلى الكثير من السياسة القائمة حاليًا. والأكيد أنّ الأيّام والأسابيع القليلة المُقبلة ستؤشر جدياً عن الإتجاه المُرتقب للملفّات الإقليميّة الشائكة والدمويّة.