فتحت استقالة ميقاتي أوراق اللعبة الحكومية من جديدعلى لاعبين أساسيين كانا يسهمان سياسياً في لبنان، من خلال النظام السوري ،وأصبحا متصلان بالوضع اللبناني وبشكل مباشر، بعد أن آكلت الأزمة في سورية من قوَة القيادة السورية، وجاء تكليف تمام سلام المصحوب بعسل سياسي من قبل دبابير آذار، رسماً لمرحلة فرضت على الجميع اعادة النظر في عدساتهم السياسية للتحديق بشكل أدق بالتوازنات الجديدة الناتجة عن ربيع عربي وخريف سوري .
كشفت لعبتي التكليف والتأليف الحكومي ،عن دور بارز لكل من المملكة العربية السعودية والجمهورية الاسلامية الايرانية ،وأسهم كل من سفيريَ البلدين في توفير عناصر هذا الدور، من خلال آدائهما ودورهما وتصريحاتهما المباشرة عن ضرورة لمَ اللبنانيين داخل وعاء حكومي، تنحبس في داخله الخلافات السياسية ، وذلك باعتماد مشروع انتخابي يرضي التيارات الأساسية في كلَ من تشكيلات الثامن والرابع عشر من آذار، ويؤكد على البيان الوزاري المعتمد كنشيد وطني لكلَ الحكومات السابقة ،والمطلوب التزامه من كلَ الحكومات اللاحقة ،مادامت موازين القوى على ماهي عليه .
لقد تعاطت الشبكات السياسية والاعلامية مع الدورين الايراني والسعودي ،باعتباره توافق واقتراب وتقاطع ناشىء من تفاهمات على مستقبل سورية ، لذا سهُلت عملية التسمية لرئيس الحكومة، ومن الممكن استكمال السهولة في التشكيل اذا ما لبَت التيَارات السياسية رغبة التفاهم الايراني - السعودي بدقَة عالية ،وذلك باحترام خصوصية كلَ طرف في مواضيع أساسية وحسَاسة .
وساعد على ذلك تصريح السفير السعودي على العسييري، المغازل لحزب الله وللتيار الوطني الحرَ، وكذلك ما أبداه السفير الايراني غضنفر آبادي من مرونة قائمة على اجتماع لبناني يحرص على دور المقاومة فيه .
فهلَ المشهد الحكومي المستجد قائم على ثنائية ايرانية سعودية متوافقة على سورية ولبنان؟
حتى اللحظة مازال الشباك الايراني - السعودي محتدم وقوي جداً في أكثر من موضوع وبلد، وخارطة الخلافات بين البلدين متشعبة، ولا يمكن حصرها في رقع معينة ،وهي تطال مجالات متعددة فى الأمن والسياسة والاقتصاد ،ومن الصعب اختزال الخلاف في زاوية معينة لأن اللعبة بين الدولتين قائمة على الجمع بين أوراقها لا على التفريق فيما بينها .
لذا من السهل استقراء الوضع في لبنان من زاوية الترويج الاعلامي الذي يلبي احتياجات متعددة لأفرقاء الطبقة السياسية في لبنان، وذلك استناداً الى وضع داخلي أصبح مربك للجميع، ومن الصعب الذهاب مع نتائجه، أو تحمل تبعاته لأن مصيدة الحرب في الزاروب المذهبي سيعيد لبنان الى أسوأ ماكان عليه لحظة تفشي الحزبية المسلحة والمُقسمة لبنان الى متاريس سياسية وعسكرية .
ان هذا التدارك العاقل لأفرقاء الداخل أسَس لوساطة سياسية سعودية وايرانية منحت الادراك بعداً اقليمياً فعَل من مستويات الوعي اللبناني، ومنح التوازن الجديد ابرته الوازنة في عمل حكومي من شأنه أن ينظم الخلافات على سطح سياسي يلبي شروط الجميع اذا ما أبصر النور .
بتقديري أنَ حكومة مصاغة بمنطق الانتظار والانتصار لما ستؤول اليه الأزمة في سورية التفاف فعلي على الصيغة اللبنانية ،ومن شأنه أن يشظيَ الدولة ،وأن يطرح من جديد جملة شعارات رفعتها الحروب الداخلية في لبنان .
هناك أكثر من مسمار سياسي في نعش الحكومة، لذا ثمَة رهان مريح على اطالة تستبعد التوصل السريع الى مثل هذه الحكومة خاصة وأن حجريَ الحكومة غير متوفرين حتى الآن ،وهما المشروع الانتخابي، وهوية الحكومة