المؤسف أن وزراء التيار اعترفوا بالتوقيع على استقالاتهم وليس ثمة تدقيق او مراقبة او محاسبة
 

عندما وفد التيّار الوطني الحرّ من باريس حاملاً ما يحمله عادة الزائرون أو الماكثون في فرنسا رزمة من شعارات الثورة تهيأ لنا أننا أمام حالة جديدة واتجاه آخر غير مسود بعد بمسودة الأحزاب اللبنانية التي فشلت في صيغها كافة وكفر بها اللبنانيون الخارجون عن طوع الطوائف لصالح وطن مهجور .

لحظة هبوط التيّار بمظلة فرنسية شممنا رائحة غربية قادمة لتعيد انتاج لبنان وفق خلق سياسي جديد ونمط طوعي من العلاقات بين القوى والأطراف السياسية تحت سقفيّ الدولة والقانون وكانت غربة التيّار كغربة شعارات 1559التي حددت هوية الدولة وهوية المواطن معاً خارج الدويلات وغابات الأسلحة المنتشرة والتي آن تسليمها للجهات الشرعية صاحبة السيادة .

منح بعض اليساريين التيّار شرعية اضافية بحيث برهن عن غلو وطني لا طائفي وزاد من اهتمام اللبنانيين به حصار قوى 14 آذار له ورفضها لأي دور متقدم لتيّار بحجم التيّار الذي سماه آنذاك وليد جنبلاط تسونامي لجرفه الجميع و أخذ حصة المسيحيين بأكثريتها رغم المحاصرة المذكورة .
بعد اتفاق التيّار مع حزب الله في كنيسة مارمخايل تبرأ التيّار من القرار ( 1559) الذي تغنى فيه وعاش لوحده بطولة انجازه وبعد التبرأ بدا التيّار أحرص على رئاسة الجمهورية باعتبارها الموقع الذي سيعيد للمسيحيين أدوارهم المهمشة وبدأت عمليه النفخ في بوق الطائفة وتضخيم صورة التهميش لتصحيح مسار المسيحيين وفق مشروع  التيّار لا وفق أيّ مشروع آخر .

اقرا ايضا : باسيل بعد بري نصرالله

 

لبىّ تفاهم مارمخايل حاجة التيّار للوصول الى السلطة شيئًا فشيئًا و أصبح أكثرية وزارية في أكثر الحكومات وكانت حكومة ميقاتي حكومة التيّار بامتياز وبعد رئاسة الجمهورية والانتخابات النيابية الأخيرة التي خاضها تحت عناوين طائفية شاحنة للعواطف وللعصبيات تمكّن التيّار من التقدم أكثر من السلطة فأصبح تيار السلطة الأقوى وحاول وزير التيار أن يُثبت للرأي المسيحي قوة التيّار وتفوقه على الطوائف الأخرى فبدأ بتيّار المستقبل وبفساده وهدره للمال العام ومن ثم انتقل الى حركة أمل ودق باب الرئيس نبيه بري المستعصي على الأيادي ليُري المسيحيين عظمة التيار المسيحي الجارف و المواجه لعتات السسياسة في لبنان فتنقل مقرّعاً للمستقبل و الاشتراكي وأمل ومن ثم هدأ بعد أن جاءته موجة صغيرة من أفواج أمل وقرر الليونة للحفاظ على المكتسبات الجديدة .

لعب رئيس التيار أكثر من دور في ولادة حكومة تلبي طموحاته الشخصية والسياسية ولعب التحابب القائم بين التيارين المستقبل و الحرّ دوراً في تدوير الزوايا التي خسّرته الأكثرية الضامنة ولكن ربّحته الحصة الوزارية الوازنة في حكومة الرئيس سعد الحريري .

ما يؤسف له اعتراف وزراء التيار بتقديم استقالاتهم مسبقاً لرئيس التيّار كي يكون كل وزير في التيار أسيررئيسه فلا يستطيع مزاولة أي عمل دون العودة اليه أو الرجوع له بغض النظر عن موضوع غير مسبوق في التجربة الحكومية وبغض النظر عن طبيعة النظر الى الوزراء و بأيّ عين كيف يقبل رئيس حكومة وزراء في حكومته مقيدين بسلاسل باسيل ؟