الإفراج عن تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة مسؤولية وطنية، يعطي الأمل بأن يخرج لبنان من أزماته السياسية والإقتصادية
 
سلسلة من تطورات اقليمية دولية ، منها اعلان الولايات المتحدة سحب قواتها من سوريا واعلان دولة الامارات ، عودة العمل لسفارتها في سوريا، و اعلان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، عن رفع الحظر عن زيارة المواطنين السعوديين الى لبنان، فور تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة.
 
العديد اعتبر هذا الموقف على أنه حدث سعودي بالغ الأهمية والدلالة ، للافرقاء اللبنانيين كافة، على تجاوز ما تبقى من عقد مصطنعة، تحول دون ولادة الحكومة العتيدة.. وتمضي الأيام والأسابيع والأشهر والأزمة المصطنعة تراوح في مكانها. 
 
 
ومع إعادة تركيب مجلس الوزراء السعودي، واعادة تشكيل مجلس الشؤون السياسية والامنية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان، يأتي اعلان السفير بخاري ان هناك رسالة واضحة الدلالة والمعنى والأهمية الى الافرقاء اللبنانيين كافة، خلاصتها ضرورة الخروج من الفراغ الحكومي وتشكيل حكومة جديدة، تضمن أمن واستقرار لبنان، وتعيد اليه حرارته كبلد مضيف وحاضن وآمن للمواطنين السعوديين وغيرهم.
 
لقد عبرت الرياض عن رفض ما تشهده الساحة الداخلية اللبنانية بطرق عدة، من بينها عدم زيارة المواطنين الخليجيين لبنان جراء مواقف أفرقاء لبنانيين دأبوا على الاساءة الى المملكة وسائر دول الخليج من دون ان تخلو هذه الاساءة من احتمال تعرض المواطنين الخليجيين الى أي مكروه او ابتزاز او مخاطر .
 
ومن المخاطر المتأتية ان فرنسا، راعية مؤتمر سيدر ومقرراته، أبلغت المسؤولين اللبنانيين، انها لم يعد بإمكانها حثّ الدول المانحة على ترجمة وعودها خصوصاً بعد المعلومات التي تحدثت عن ان هذه الدول تفكر في تحويل هذه القروض والهبات الى دول أخرى وفي طليعتها الأردن وتونس والمغرب واليمن، وإذا تحقق هذا الأمر يكون لبنان قد خسر فرصة قد لا تُعوض.
 
الكرة عند اللبنانيين عموماً، والإفراج عن تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة مسؤولية وطنية، يعطي الأمل بأن يخرج لبنان من أزماته السياسية والإقتصادية والمالية والإجتماعية والمعيشية، شرط ان لا تكون هذه الحكومة حكومة مواجهات ومناكفات واصطياد في المياه العكرة.. إذ ليس من شك في ان مرحلة ما بعد تأليف الحكومة، وان طالت، وعبرت العام الجاري، الى العام المقبل، لن تكون، ويجب ان لا تكون كما قبلها، وهي تتطلب من كافة الاطراف اعادة النظر بمواقفها، لتوفير أجواء ومعطيات بأن لبنان بلد آمن ومستقر. و لا خوف على أي استثمار خارجي او داخلي، او أي ضيف او زائر، خصوصاً وأن القطاع السياحي في لبنان، شهد في الآونة الاخيرة تراجعاً كبيراً، انعكس سلباً على العديد من القطاعات والاستثمارات الأخرى.
 
في قناعة المتابعين عن كثب، أن أزمة تأليف الحكومة العتيدة، وخلافاً للأزمات التي رافقت حكومات سابقة، تجاوزت المألوف، في ظل ما يجري في المنطقة من تطورات، قد تكون بداية تحولات استراتيجية خصوصاً وقد استهلكت أكثر من سبعة أشهر ، وأرصدة المعنيين الأساسيين في التأليف في تراجع لاسيما وان المساعي المبذولة على خط التأليف قليلة، والاتصالات بين سائر المعنيين شبه معدومة، خلاف ما يتطلع اليه اللبنانيون. في الوقت ذاته يمضي العدو الاسرائيلي، في اجراءاته واختراقه السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً.
 
ان انقاذ لبنان من محنته يتطلب من الجميع، دون استثناء، قراءة نقدية وموضوعية واعادة نظر بالعديد من المواقف فمصير لبنان، يجب أن لا يكون معلقاً او موقوفاً على وزير من هنا وآخر من هناك .
 
لبنان اليوم في مأزق، والرسالات العربية والدولية واضحة الدلالة، والمطلوب من الأفرقاء اللبنانيين كافة التواضع وعدم المبالغة في تضخيم الاحجام والأدوار، فأي حكومة لا تقوم على مبدأ الاولوية لمصلحة الشعب كل الشعب، ستكون حكومة نكد لا فائدة منها، بل ستكون عبئاً اضافياً على اللبنانيين، بصرف النظر عن مقولة الضرورات تبيح المحظورات التي دفع فيها لبنان أثماناً لا تقدر، وليس مطلوباً من العرب  ان يكونوا ملكيين أكثر من الملك، خصوصاً ان الشغور الحكومي مرشح للاستمرار طويلاً ما يدفع الى تأكيد ضرورة النأي بلبنان عن حرائق الاقليم والجوار .