بالصمت، يتسلح الرئيس سعد الحريري بعد جولة المشاورات الحكومية الأخيرة والتي أعادت الأمور إلى المربع الأول وربما أكثر، بعد أن وجد الرجل أن دوامة الصراع الداخلي وارتباطها بالأجندات الخارجية تطيح بكل مساعيه وتفاؤله.

سئم الحريري المبادرات، ووجد أن البعض يدفعه كل مرة إلى الظهور وكأنه صندوق بريد الرسائل المشفرة يقتصر دوره على تلاوة البيانات المسكنة للشعب اللبناني، واستدرك أن كلامه في كل مرة يخرج فيها ليعلن قرب الولادة، ما هو إلا شيكات بلا رصيد.

وما عزز هذا الانطباع، كلام الرئيس ميشال عون من بكركي الذي تحدث عن أزمة بعيدة من التشكيلة الحكومية وعقدها وهي تطال الصلاحيات الدستورية.

القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش يقارب الأزمة عبر موقع ليبانون ديبايت من مختلف جوانبها، فيشير الى أن العهد وتحديدا الرئيس ميشال عون يدفع ثمن التحالفات التي وقعها مع البعض وأوصلته الى الحكم وأبرزها تحالفه مع الحزب. 

وعلى قاعدة من يعطيك يأخذ منك يسير الحزب مع الرئيس عون بقول علوش الذي يوضح أن الكلام عن الصلاحيات اليوم يأتي بإطار "الاخذ" من الرئيس عون، وبالتالي الوضع ذاهب اليوم إلى مزيد من التعقيد، فالأمور برأي علوش لم تكن متعلقة بعقدة سنية أو خلاف مع الرئيس الحريري بل الإشكالية تكمن برفض حزب الله حصول الرئيس عون وفريقه السياسي على "الثلث المعطل".

وفي تفسيره لكلام الرئيس عون من بكركي عن نية فرض تقاليد واعراف جديدة في مسألة التشكيل، يرجح علوش أن يكون الرئيس عون قد قصد بهذا الكلام حزب الله الذي يريد أن يدخل مع رئيسي الجمهورية والحكومة على خط التشكيل، لافتا إلى أن الرئيس عون ربما قصد ايضا أما ذهاب البعض إلى خلق أعراف جديدة تتعلق بمسألة تشكيل الحكومة أو أبعد من ذلك من خلال التصويب على النظام السياسي لتغييره بالكامل وهذا ما لمح إليه بعض الذين يدورون في فلك الحزب والذين تناولوا حصة الطائفة الشيعية بالسلطة التنفيذية.
علوش وردا على سؤال يؤكد أنه في المبدأ على الرئيس سعد الحريري أن يخرج ويقول "العصمة في يدي" في ظل الأزمة التي تشهدها اليوم، إلا أن موازين القوى الداخلية تمنع القيام بهذه الخطوة، لان الطرف الاخر وتحديدا الفريق الشيعي معني ايضا بالمشاركة في هذه الحكومة والا تفقد ميثاقيتها.

ويعتبر علوش أن الدستور أعطى الصلاحيات لرئيس الحكومة ولكن في ظل واقع شبه فدرالي وأي كلام آخر هو غير دقيق، والدليل عدم ميثاقية أي حكومة لا تشارك فيها القوى الطائفية السياسية.

وإذا كان الصبر مفتاح الفرج، فينصح علوش الرئيس الحريري بالصبر، فهو لن يبق البحصة ولن يذهب إلى مواقف تصعيدية يقول قيادي المستقبل، مؤكدا في الوقت عينه أن المسألة خرجت من يد اللبنانيين والأزمة قد تذهب الى كارثة على المستوى الوطني تؤدي إلى اجتماع بمعايير جديدة تحدث عنها الرئيس عون من بكركي تتعلق بالدستور اللبناني.