خلال سنوات ما قبل الدراسة يمرّ الأطفال بتغيّرات عديدة ونموّ جسدي وفكري وعاطفي سريع، ولكلّ طفل نمط معيّن. لذلك، من المهمّ جدّاً معرفة إن كانوا جاهزين وقادرين على النجاح في المدرسة.
 

من هذا المنطلق تحدث لـ«الجمهورية» الدكتور انطوان بطرس قمير اختصاصي في الصحة النفسية والعصبية، عن الاسباب التي تؤدي الى عدم قدرة الطفل على التعلم وقال «إنها قد تكون مشكلة في السمع- قلة الاندفاع- مشكلة عاطفية- تخلّف عقلي- في حين يستمرّ بعض الاطفال في سن الدراسة بمواجهة صعوبات في التعلم على رغم عدم معاناتهم أيّاً من المشكلات المذكورة أعلاه. فهم يتمتعون بمستوى ذكاء طبيعي أو فوق المعدل، لذلك فإنّ عدم قدرتهم على تفعيل قدراتهم بشكل تام يُسمّى بصعوبات التعلم».

السبب غامض

وتابع د. قمير: «في معظم الحالات يبقى السبب الرئيسي لصعوبات التعلم غامضاً. حيث يعتقد الخبراء انّ الاطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم يواجهون مشكلة في الطريقة التي يحلّل فيها الدماغ المعلومات ما يعيق عملية التعلم الطبيعية. من المحتمل أن لا تكون هناك مشكلة في طريقة استقبال المعلومات عند بعض الاطفال، فتكون حاسّتا السمع والبصر عندهم طبيعيّتين.

كما انّ صعوبات التعلم ليست مشكلة سهلة تُحلّ مع نضوج الطفل، فيتوجّب تحديدها ومعالجتها في اقرب وقت ممكن لأنها من الممكن أن تؤدي الى مشكلات نفسية خطيرة.

وأشار قمير إلى أنّ «صعوبات التعلّم قد تكون مشكلة وراثية في بعض الأحيان. أما الأسباب الأخرى فهي: «وزن منخفض عند الولادة- إرهاق متعلق بفترة ما قبل او بعد الولادة. علاج السرطان او اللوكيميا (سرطان الدم) اصابة الجهاز العصبي المركزي- تلف خطير في الدماغ».

المشكلات الأكثر شيوعاً

وعن المشكلات الاكثر شيوعاً عند الاطفال الذين يعانون من هذه المشكلة لفت الى أنه «في سن الطفولة، يفسّر الاطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم الرموز ويحلّلونها بطريقة مختلفة فنادراً ما يفهمون ما يرون او ما يسمعون، ويصعب على البعض منهم فهم كيفية تكوين الكلمات من الاحرف، والجمل من الكلمات، والأفكار من الجمل فيفسّر الخبراء ذلك باضطراب الإدراك، كما يواجه هؤلاء الاطفال عادة مشكلات في تنظيم واجباتهم في البيت والمدرسة».
أما عن اشارات التحذير فأوضح أنه «ليس من السهل دائماً تحديد صعوبات التعلم عند الأطفال فلا تظهر هذه المشكلة في غضون يوم او اسبوع ولكن هناك حالات دقيقة تساعد الاهل على اكتشاف معاناة طفلهم من صعوبات التعلم وهي تأخر في تطور الكلام في سن السنتين والنصف، حيث يجب ان يكون الطفل قادراً على تركيب الجمل.

اضطراب الكلام في سنّ الثلاث سنوات يجب أن يفهم الاهل وجميع الافراد ما يقوله الطفل.

إضطراب التنظيم: على الاطفال أن يُتقنوا ربط احذيتهم قبل مرحلة الروضة بقليل تشتّت الانتباه بين 3 و5 سنوات من العمر، يجب أن يكون الاطفال قادرين على البقاء جالسين اثناء رواية القصص، إذ تطول مدة الانتباه مع العمر». ولكن مع ذلك يجب اشتشارة الطبيب المختص عند ظهور هذه العلامات، كون لكل طفل نمطه الخاص وطريقته الخاصة في النموّ والتطور فلا تدلّ هذه العلامات دائماً على معاناته من صعوبات التعلم.

هل هناك علاج؟

كما لفت د. قمير الى انّ معظم الناس الذين هم على اتصال مع الأطفال: «الآباء والأمهات والمعلمون وأطباء الأطفال، الأطباء والمعلمون، مخولّون للكشف عن صعوبات التعلم، من خلال اختبار الفحص من اجل الكشف عن وجود مشكلة معيّنة: «فحص العين، الفحص النفسي، وفحص الأذن والتقييم اللغوي، وفقاً للقوانين الاتحادية تطلب من المدارس لاختبار ومساعدة الاطفال في التعلم واللغة والإعاقة».

أما عن وجود علاج لصعوبات التعلّم فأجاب د. قمير الى أنه لا يوجد علاج لهذه المشكلة، ولكن بإمكان المساعدة المهنية المناسبة أن تُحدث فرقاً يمكّن الأطفال من تعلم كيفية تشغيل نمط الحياة الإنتاجية على الرغم من إعاقاتهم. هناك مجموعات تقدّم اجوبة بسيطة او حلولاً بشأن صعوبات التعلم حذارِ من هذه المطالبات. يعتقد البعض في علاج البصرية حتى الآن أنه لا يوجد دليل يدعم هذه النظرية ويعتقد آخرون في النظام الغذائي والتمارين الخاصة أنه لا يوجد حلّ سريع، التعامل مع المشكلة هو مسألة صعبة، إنها معركة مدى الحياة».

وأخيراً عن وجهات النظر والآراء الحالية حول الاطفال الذين يعانون من صعوبة التعلم، فأوضح د. قمير أنّ الاكتشاف المبكر لهذه المشكلة ومعالجتها بأقرب وقت ممكن امر مهم جداً. فيصبح الاطفال قاردين على متابعة حياتهم بطريقة فعّالة وناجحة مع تلقيهم المساعدة اللازمة. ومن المشاهير الاميركيين الذين عانوا من صعوبات التعلم وتمكنوا من التغلب عليها وتحقيق اهدافهم على المستوى الشخصي والوطني نذكر المخترع توماس اديسون ونائب الرئيس نيلسون روكفلر والعالم البرت اينشتاين والرياضي بروس جينر. باستطاعة الاشخاص الذين تمكّنوا من تخطي هذه الصعوبات إحراز نجاحات متعددة خلال حياتهم. فللبرامج التعليمية الخاصة والعلاج بالأدوية اهمية كبيرة في حلّ هذه المشكلة من دون أن ننسى أهمية الدعم العائلي والحب والحنان».