يقول الامام علي (ع) :" انما قلب الحدث كالأرض الخالية ما أُلقي فيها من شيء قبلته . فبادرتك بالأدب قبل ان يقسو قلبك ويشتغل لبك لتستقبل بجد رأيك من الأمر ما قد كفاك أهل التجارب بغيته وتجربته ، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب وعوفيت من علاج التجربة".
ينبه الامام سلام الله عليه الى خطورة المراحل الأولى من حياة الطفل ويشبهه بالأرض الخالية من الزرع والانسان يزرع فيها ما يريد ويختار . والطفل في حداثة عمره يشبه هذه الأرض تماماً فإذا لقنته الآداب والأخلاق ودربته على السلوك الحسن وعلى الجد والاجتهاد فإن النتيجة ستأتي موافقة لهذا الزرع . وكما قيل :" من شب على شيء شاب عليه".
فأول المسؤوليات التربوية تجاه الطفل تنشئته على الآداب والأخلاق مثل تعويده على الكلام المتزن واحترام الآخرين وإلقاء التحية والصدق والأمانة وآداب الأكل واللبس والنظافة وغيرها من المسائل السلوكية وهذا يحتاج الى سهرٍ وتعب ورقابة دائمة من الأبوين.
ثانياً : الالتفات الى معشر الطفل في المدرسة والملعب أو أي مكان آخر ، لأن المعشر مصدر ثانٍ يتلقى منه التعاليم. فيجب على الأبوين التعرف على أصدقاء ولدهم تجنباً لرفقة من يؤثر عليه سلباً . وإذا أهمل هذا الجانب فيضيع كل الجهد والتعب الذي يُبذل في البيت فقد قيل :"قل لي من تعاشر أقل لك من أنت".
ثالثاً : رعاية شؤونه الدراسية واستخدام الأساليب التي تُنمي ذاكرته وتساعده على بذل الجهد والتحصيل ، وإشعاره أنه تحت مجهر الرقابة حتى يتحسس بالمسؤولية ويتعود على القيام بواجباته.
رابعاً : رعاية شؤونه الخاصة مثل الاهتمام بلبسه ولعبه وعدم حرمانه مما تتطلبه الطفولة عادة كي لا يُحدث له ذلك عُقداً ترافقه في مراحل مختلفة من حياته.
خامساً : دخول الولد ما يسمى سن المراهقة وهذه المرحلة هي أخطر المراحل فإنها تحتاج الى دور يتميز عن الأدوار الأخرى بآلية التربية والتوجيه لأن الولد في هذا العمر يصبح لديه تطلعات كثيرة مثل حب البروز والاستقلال والتفكير بالمستقبل وغيرها من المسائل التي تتلاطم في مخيلته كموج البحر فينعكس ذلك على تفكيره ، ونجده متحمساً على الدوام ينفعل بين الحين والاخر سريع الحركة عجول كثير المطالب وما شابه ذلك . وهنا تبرز حكمة الأبوين في كيفية تهذيب أفكاره بطريقة إيجابية ، ومن أهم هذه الطرق إعطائه الأمان والاطمئنان ومصاحبته والاستماع إليه والإجابة على أسئلته ليشعر بإمكانية تحقيق طموحه وأحلامه بمساعدة أبويه ، وعندئذٍ يصبح متجاوباً معهما يصارحهما بمشاكله ولا يُخفي عليهما شيئاً وينفذ أوامرهما ونواهيهما.
سادساً :استخدام الأساليب التربوية السلبية ، سواء في مراحل الطفولة الأولى أو ما يليها من المراحل التي تحدثنا عنها ، وهذه الأساليب لا تساعد على حل المشاكل ولا على التربية الصحيحة . ولتوضيح الفكرة نأخذ هذه الأمثلة:
الأم التي تريد نهي ولدها عن الكذب وتقول : من يكذب يدخله الله الى النار ، من يرمي الخبز على الأرض ينزل الله حبلاً من السماء ويشنقه. 
فالطفل في هذه المرحلة من عمره لم يبلغ سن الوعي والادراك فيتولد لديه عقدة الخوف السلبي من الله عز وجل في الوقت الذي يجب عليها أن تعلمه كيف يحب الله من خلال الأسلوب الإيجابي فتحدثه عما أعد الله للصادق والمهذب والمجد من خير وما أنعم عليه من نعم.
ثم ان استخدام أساليب التخويف هي سلبية بالمطلق بالنسبة للطفل كأن نقول له : إذا لم تفعل الأمر الفلاني يأكلك الغول أو يقتلك اللص وما شابه ذلك…
وأما الجانب الإيجابي فهو المطلوب ، كأن نقول للطفل : أذا نجحت سأشتري لك لعبة ، أو ثوباً ومثل ذلك فهذا الأسلوب يعزز تحفيزه على الالتزام بالإرشادات الموجهة إليه ، ويجب ان نلتفت الى ان اهم ما يتأثر به الطفل الوفاء بالوعد.
الاسلوب السلبي الثاني الذي نبهنا إليه هو التأديب وتقويم اعوجاج الولد بالعنف مثل الضرب والشتم وهذا يزيده إصراراً على الخطأ حتى ولو شعرنا انه ارتدع عنه في بعض الاحيان الا ان عوامل الخطيئة تبقى في نفسه يمارسها ساعة يقدر على ذلك ، وفي بعض الأحيان يُولد هذا الأسلوب قسوة في قلب الولد على الأبوين حتى ولو لم يظهرها.
وفي أحيانٍ أخرى يؤدي أسلوب العنف الى الصدام والمواجهة وبالتالي الى الانحراف الكلي وهذه هي الخسارة الكبيرة.
وبناءً على ما عرضناه في هذا المقام نفهم ان الأسلوب الصحيح في التربية وتقويم الاعوجاج وتصحيح الخطأ هو الأسلوب الإيجابي