الوعود برفع الحرمان عن كاهل محرومي الإمام المغيّب السيد موسى الصدر (وخاصةً البقاعيين منهم) فقد أُنيطت بحركة أمل ورئيسها دولة الأستاذ نبيه بري
 

أولاً: الانتصارات الموهومة...


تعيش الطائفة الشيعية منذ العام ألفين أوهام الانتصارات المتلاحقة، ففي هذا العام تمّ الإنتصار الساطع بانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي اللبنانية (باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المتنازع عليها مع سوريا، والجانب اللبناني من بلدة الغجر)، وقد عاش الجنوبيّون، ومعهم باقي اللبنانيين، فرحة هذا النّصر المبين، كما يطيب لأنصار المقاومة الإسلامية أن يُهلّلوا لنصر تموز عام 2006، في حين يعتبره كثيرون هزيمة مُقنّعة بقناع النّصر، فقد أمّنت إسرائيل حدودها الشمالية مع لبنان بخمسة عشر ألف جندي دولي تؤازرهم قوة عسكرية لبنانية، وتحدّد تواجد المقاومين بعيداً عن الحدود اللبنانية-الفلسطينية، وعندما انخرطت المقاومة الإسلامية في جحيم الحرب السورية، بُذلت جهودٌ إعلامية جبارة وأُطلقت خطابات تعبوية متواصلة ومُتقنة لإقناع جمهورها بأنّ المشاركة المقدسة في هذه الحرب جلبت انتصاراتٍ جليلة لتيار المقاومة وعادت بالخيرات على المقاومين الذين بذلوا فيها دماءً عزيزة، وبعد ذلك جاء الاستحقاق الإنتخابي، فنزلت المقاومة ساح الانتخابات وراكمت الإنتصار تلو الآخر، (ولعلّ أبرزها على حليفها حركة أمل بتحجيم أصواتها والحدّ من فعالياتها)، وبعد ذلك دأبت المقاومة على بثّ روح الانتصار والتّفوّق على العدو الإسرائيلي تمهيداً للتّفرُّغ لمرحلة القضاء على الفساد، وهو الجهاد الأكبر، ومن خلاله يتحقق الانتصار الحقيقي. والمواطن ما زال في دوامة الانتصارات الموهومة.

 

إقرأ أيضا : خطاب العودة والإستقطاب

 


ثانياً: الوعود المزعومة...


أمّا الوعود برفع الحرمان عن كاهل محرومي الإمام المغيّب السيد موسى الصدر (وخاصةً البقاعيين منهم) فقد أُنيطت بحركة أمل ورئيسها دولة الأستاذ نبيه بري، وهو حامل الأمانة منذ أكثر من أربعين عاماً، يحمل الوعود البرّاقة والآمال الخلّابة لجمهور الطائفة المحرومة والمجتمعة في بعلبك إحياءً لذكرى غياب السيد الصدر، فيُبشّرهم بعفوٍ قريب، ليقول لهم بعد ذلك: إذهبوا فأنتم الطُّلقاء، كما قالها سيّدُ المرسلين ذات يوم، ومن ثمّ يعدهم بتشريع زراعة الحشيشة، علّها ترفع الحرمان المزمن والفقر المدقع، ولهم في زراعة التبغ في الجنوب قُدوةً حسنة، وهاهم أهالي سجستان كانوا قد أخذوا عهداً من العرب المسلمين حين افتتحوها: ألاّ يقتلوا قُنفذاً ولا يصيدوه، لأنّها بلادُ أفاعٍ والقنافذ تأكلها، ولولا ذلك ما كان لهم بها قرار، والحشيشةُ، يا سبحان الله، لولاها لما كان لأهل بعلبك-الهرمل قرار.


أمّا الوعد الثالث والأخير، والذي سيأتي بالخير والمنّ والسلوى لأهل البقاع، فهو مجلس إنمائي لمنطقة البقاع على غرار مجلس الجنوب، الذي لولاه لكان الجنوبيون اليوم في حالةٍ يُرثى لها، وعلى كلّ حال، الصبر مفتاح الفرج، بانتظار تحقيق الوعود، والخشيةُ كلّ الخشية، أن لا تكون سحابة صيفٍ سرعان ما تنقشع.