تصاعد التوتر بين بغداد وطهران بعد أن قال رئيس الوزراء العراقي إن بلاده ستلتزم بالعقوبات الأمريكية ضد إيران، في حين يطالب الأخير بالتعويض عن الأضرار في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و 1988
 

وقال رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في 7 آب / أغسطس إن العراق سوف يلتزم بالعقوبات الأمريكية على إيران لحماية مصالح العراق. وقد أكّد الناطق باسم العبادي سعد الحديثي في 13 آب / أغسطس أن العراق لن ينتهك العقوبات الأمريكية على إيران وأن "موقف العراق من العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران ينبع من المصلحة العامة للعراق، ولم يكن متهورًا أو متسرعًا، بل تمت دراسته، ولم تتأثر بمواقف الدول الأخرى أو الأحزاب السياسية. "

بعد أن أعلنت السلطة العراقيّة إنها ستلتزم بعقوبات الولايات المتحدة، علت اصوات المسؤولين الإيرانيين  ضد العراق، واصفين الوقف بالخيانة وتطالب البلاد بدفع تعويضات عن الأضرار التي تسببت بها في الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 و 1988 التي جرت في ظل حكم الرئيس العراقي صدام حسين .

أدى الجدل حول قبول العراق للعقوبات الأمريكية ومن ثم مطالبات إيران بتعويضات الحرب إلى تقسيم الشارع العراقي إلى معسكرين متعارضين.وانتقدت الأحزاب الشيعية والمليشيات الموالية لإيران رئيس الوزراء لأنه أدار ظهره لإيران ودعم الموقف الأمريكي العدائي ضد جار العراق. وقالت المليشيا الشيعية العراقية عسيب أهل الحق في تصريح لها في 8 آب / أغسطس: "نأسف لإصدار رئيس الوزراء العراقي مثل هذا الموقف، ونعتقد أنه لم يكن في حاجة إلى إلزام نفسه وإلزام الدولة العراقية بمثل هذا الالتزام، خاصة وأن حكومته تعمل خارج فترتها الانتخابية وبدون غطاء برلماني ". وقالت الميليشيا: "هذا الموقف ليس ملزماً للحكومة المقبلة، التي نأمل أن تستند إلى مصالح عراقية وستأخذ بعين الاعتبار سيادة العراق ولن تكون جزءاً من إدارة ترامب في سياساتها المتهورة فيما يتعلق بالمنطقة".

ومن جانبه دعا حسن سالم، القيادي في ائتلاف فتح، الذي جاء في المرتبة الثانية في انتخابات أيار / مايو في العراق، الحكومة العراقية إلى "سداد صالح إيران" ، مشيراً إلى المساعدة التي قدمتها إيران في إزالة الدولة الإسلامية من الأراضي العراقية.

كما انتقد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي العبادي قائلاً: "إن العقوبات الأمريكية على إيران هي انتهاك صارخ للقانون الدولي"، ويجب على العراق ألا يلتزم بها، تماماً كما لم يلتزم بالعقوبات الأمريكية السابقة على سوريا.

شن مجتبى الحسيني، ممثل الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي، هجوماً على العبادي بسبب موقف رئيس الوزراء من فرض عقوبات أمريكية على إيران، ووصفه بأنه شخصية غير مسؤولة ومهزومة. كما انتقد رجل الدين البارز الموالي لإيران في بغداد، جلال الدين علي الصغير، موقف عبادي من دعم إجراء غير عادل ضد "بلد مسلم وجار وحليف للعراق في جميع مواقعه". ووصف الصغير قرار عبادي بأنه فضيحة لا يمكن تغطيتها بأي ذريعة. كما انتقد مفتي العراق السني مهدي الصميدعي المقرب من إيران العبادي معتبرًا إنه سيكون "أول من يدعم إيران ضد العقوبات الأمريكية".

في غضون ذلك، أصدرت وزارة الخارجية العراقية، في محاولة لإصلاح الفجوة بين إيران والعراق ، بياناً في 8 أغسطس / آب تنتقد فيه العقوبات الأمريكية على إيران وتعرب عن امتنان العراق لإيران لدعم العراق في محاربة الدولة الإسلامية. وكان مكتب العبادي قد أعلن أيضا أنه سيزور إيران وتركيا قريبًا جدًا لمناقشة علاقات العراق مع البلدين المتجاورين ، لكن الزيارة إلى إيران ألغيت في وقت لاحق، مما يشير إلى تصاعد الخلافات بين البلدين.
على الجانب الآخر من الانقسام في العراق، انتقد العديد من السياسيين إيران للمطالبة بتعويضات الحرب كرد فعل على إعلان العراق الالتزام بالجزاءات الأمريكية ضد إيران. قال جواد بولاني، وزير الداخلية العراقي السابق، في مقابلة مع قناة الشرقية التلفزيونية ، "إن من حق العراق الشرعي أن يتبع مصالحه الخاصة في علاقاته مع الدول الأخرى، ولا يحق لإيران تقديم شكوى أو طلب التعويض. يجب على الحكومة العراقية أن تضع حداً للمطالب الإيرانية غير الشرعية للحصول على تعويض ". ومن الجدير بالذكر أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 ، الذي أنهى الحرب الّتي استمرت ثماني سنوات بين إيران والعراق، لم يُلزم العراق بدفع تعويضات لإيران. المفاوضات بين البلدين على الحرب انتهت في عام 1991.

كما رد عضو البرلمان العراقي فائق الشيخ على مطلب إيران بتعويضات الحرب من العراق ، قائلاً: "بالنيابة عن عائلات ضحايا الإرهاب، أطلب من إيران دفع تعويض لمليون عراقي قتلوا عندما جلبت إيران القاعدة إلى بلادنا عام 2003 بحجة محاربة الأمريكيين". كما دعا الحكومة العراقية للتشاور مع الأمم المتحدة من أجل الحصول على رأي قانوني بشأن تعويض الحرب بين إيران والعراق.
أخيراً، التوترات المتصاعدة بين إيرا ن والعراق بشأن العقوبات الأمريكية ضد إيران تشير إلى أن إيران سوف تستخدم كل الوسائل لإحضار أحد حلفائها لرئاسة الحكومة العراقية الجديدة من أجل منع العراق من الاقتراب من الولايات المتحدة. وبما أن العبادي قد اتخذ بالفعل قراره بالبقاء في المدار الأمريكي ونأى بنفسه عن إيران، فإن الجمهورية الإسلامية ستفعل كل ما في وسعها لاستبداله بحركة فتح أو زعيم حزب الدعوة الإسلامي الأقرب من إيران.


ترجمة وفاء العريضي

بقلم علي المعموري نقلا عن المونيتور