إن البقاع وأبناء البقاع الذين يطالبون دائما بحضور الدولة وبسط سلطة القانون هم اليوم أمام مسؤولية حقيقية تجاه ما حصل لأن ضريبة الأمن وبسط القانون هي التسليم بمنطق الدولة
 

بين منطق الدولة وتطبيق القانون والمنطق الآخر السائد في بعلبك الهرمل منطق الفلتان الأمني والسلاح المتفلت والمخدرات وقطع الطرق والإعتداءات المتنقلة وترويع الآمنين، عاشت منطقة البقاع يوم أمس لحظات حرجة خلال العملية التي قام بها الجيش اللبناني لإلقاء القبض على أخطر المطلوبين المدعو علي زيد اسماعيل الذي يعتبر من أخطر تجار المخدرات، والمطلوب توقيفه بموجب 2941 ملاحقة قضائية من بلاغات بحث وتحرٍّ ومذكرات توقيف وخلاصات أحكام، ولارتكابه جرائم تجارة وترويج المخدرات، والإتجار بالأسلحة والذخائر الحربية، وسلب سيارات بقوة السلاح وتزوير مستندات، وإطلاق النار باتجاه مواطنين وإصابة بعضهم، بالإضافة إلى محاولة قتل عسكريين وإطلاق النار على دوريات عائدة إلى الأجهزة الأمنية وإصابة بعض عناصرها، حسب بيان قيادة الجيش.

 تمكّن الجيش من إحكام سيطرته على بلدة الحمودية غرب بريتال، بعد اشتباكات عنيفة دارت خلال مداهمة لمنزل المطلوب اسماعيل وانتهت بالقضاء عليه الى جانب 7 من مجموعته وتوقيف 41 مطلوبًا بينهم 6 جرحى، وضبطت كمية من الأسلحة والمخدرات، وقد نتجَ عن هذه العملية مقتلُ كلٍّ مِن علي زيد اسماعيل، وشقيقه محمد ووالدته زينب، وأحمد حويشان اسماعيل وابنه، وسوريَين اثنين وامرأة، إضافةً إلى ستّة جرحى، وتوقيفِ أكثر من أربعين مطلوباً بينهم سوريّون.

العملية حقّقت أهدافها لكنها كانت محل سجال واسع في نظر عدد كبير من أبناء البقاع بالنظر الى سقوط عدد كبير من القتلى بينهم نساء وسط تساؤل عن الأسباب التي أدّت إلى ذلك.

مصدر عسكري أكد لصحيفة الجمهورية الصادرة اليوم أنّ هذه العملية النوعية هي إنجاز للجيش الذي يضع الأمنَ في سلّمِ أولوياته، إذ إنّ علي زيد اسماعيل المطلوب توقيفُه بموجب 2941 ملاحقة قضائية خطيرٌ جداً، لا بل مِن أخطرِ المطلوبين، وكان يلجَأ لأساليب عديدة للتهرّبِ من المراقبة والملاحقة.

ولكن نتيجة الرصدِ والمتابعة من قبَل الجيش والتي جرت 24 على 24 في الفترة الأخيرة، تمّ تحديد مكانه وانطلقَت عملية توقيفِه بعد وضعِ خطّةٍ محكمة لها، وشاركت فيها عدة وحدات من الجيش، بينها القوات الجوّية، واستمرّت عدة ساعات.

إقرأ أيضًا: دعوة الرئيس بري لتشريع زراعة الحشيشة في الميزان العلمي والفقهي (1)

 

وروى المصدر تفاصيلَ المداهمة، مشيراً إلى أنّ المطلوب، وعند حصول عملية الدهم، أطلقَ النار ثمّ حاوَل الهروب فوقعَ بكمين، ما أدّى إلى مقتله، موضحاً أنّ الجيش اضطرّ للردّ على مصادر إطلاق النار من قبَل المجموعة المتواجدة في مكان العملية.

وكشَف المصدر أنّ الموقوف كان المسؤولَ عن كلّ المخدّرات التي تُوزَّع في عدة مناطق لبنانية، وتحديداً في بيروت، أي أنّه يحمل ذنبَ المئات من ضحايا المخدّرات.

عمليات المداهمة الخطيرة من هذا النوع تحتمل الخروج عن السيطرة، خصوصا وأن الهدف هو مطلوب خطير من جهة، ومن جهة ثانية تعرّض الجيش لإطلاق نار من المجموعة التي ترافق الهدف وبالتالي فقد وُضع الجيش أمام مواجهة مفروضة وخطيرة لكن المفاجأة كانت بوجود نساء في المجموعة التي تطلق النار على الجيش فاتخذت العملية مشهدا مغايراً لدى كثيرين لم يعرفوا بتفاصيل ما حصل.

إن البقاع وأبناء البقاع الذين يطالبون دائما بحضور الدولة وبسط سلطة القانون هم اليوم أمام مسؤولية حقيقية  تجاه ما حصل لأن ضريبة الأمن وبسط القانون هي التسليم بمنطق الدولة وسلطة الجيش لإفساح المجال للقضاء على أي مطلوب مهما علا شأنه ومهما كانت عشيرته، لأن المنطقة بكاملها عانت وما زالت تعاني من وجود المجموعات الخارجة على الدولة والقانون، ويجب الإقتناع والتسليم أن الجيش قام بوظيفته بمسؤولية وإن كانت العواقب كبيرة.

الخطة الأمنية كانت مطلباً أساسياً لأهالي البقاع وما زالت ولا يمكن اليوم تقويضها تحت أي اعتبارات عائلية أو عشائرية أو حزبية ويجب أن يجتمع الجميع تحت سلطة الدولة والقانون وبالتالي فإن أي تحرّك ضد الجيش في هذا الوقت بالذات هو في غير محله وهو خروج جديد عن منطق المطالبة ببسط سلطة الدولة والقانون في البقاع وعلى كل الأراضي اللبنانية.

ولذلك فإننا مع الجيش كما أي لبناني، مع الجيش ظالماً أو مظلوماً من خلال بقائنا إلى جانبه في السراء والضراء وحين البأس، ولكي يبقى الجيش خارج دائرة الإتهمامات والإنتقادات فإننا ندعو قيادة الجيش إلى التحقيق الفوري بما حصل وكشف الحقائق كما هي لتفويت الفرصة على الإستغلال المسيء للجيش والخطة الأمنية وأهالي البقاع.

وفي الوقت نفسه ندعو الأحزاب الى توضيح موقفها مما حصل وخصوصًا حزب الله لأن ما صدر أمس من تعليقات على التواصل الإجتماعي من تأجيج الرأي العام ضد الجيش لهو أمر خطير ومستهجن خصوصاً ما صدر عن رئيس بلدية بريتال حسين اسماعيل الذي جرى تعميمه سريعا والذي تضمن إساءات واضحة للجيش والخطة الأمنية في المنطقة.