موسم الصيف الذي ينتظره الجميع أتى بكل ما يحمله من متعة ومن معاناة. فللنزهات الجميلة والنشاطات المتنوعة جانب سلبي يواجهه المواطن العادي بلا مساعدة، تتجلى في غلاء النشاطات والحيرة في ما هو قادر على تكبد تكاليفه، ولا سيما التكاليف غير المنطقية كالمسابح التي تتنوع بأسعارها وخدماتها. فما تكلفة قضاء يوم جميل على الشاطىء؟ وكيف يتعامل معها المواطن اللبناني؟


تكلفة المسابح

تراوح أسعار الدخول الى المسابح ما بين 20 ألف ليرة لبنانية وتصل إلى نحو 50 ألف ليرة بينما الشواطىء العامة فلا تتطلب دفع دخولية الا انها تبقى مهملة من البلديات وايضاً المواطنين، والتسويق لها معدوم. أما الطعام فله حسابات أخرى، إذ ترتفع الأسعار بحسب مستوى المسبح أو المنتجع حتى يصل سعر سندويش البطاطا احيانا إلى 7 آلاف ل.ل هذا أن وجد. فالمسابح الراقية لا تقدم الا صحون من الدجاج او غيرها يصل سعرها إلى نحو 30 ألف ل.ل.

بعملية حسابية صغيرة، ان زارت عائلة مؤلفة من 4 أشخاص مسبح لا يقل حسابهم عن 200 ألف ل.ل في حين بقي الحد الأدنى للأجور منخفضا لا يغطي تكاليف المعيشة الأساسية حتى.


بانتظار العروض

جمال قاسم ما زال "عريساً جديداً"، يحاول قدر المستطاع التمتع بفصل الصيف مع زوجته قبل أن تأتي "هموم الأطفال" على حد تعبيره، ويعترف أنّه يبحث عن عروض حسم على "الدخولية" إلى المسابح التي يقدمها بعض المواقع الالكترونية ويختار الأفضل منها. وفي اليوم الموعود، يمر وزوجته إلى فرن يتناولان الفطور كالمناقيش أو الكنافة بحيث لا تصل الفاتورة إلى 10 آلاف ليرة ومن بعدها يكملان طريقهما إلى المسبح، حيث يستعملان الحسم. خلال النهار يبتاعان العصير مشيراً إلى أنّ سعر كوب من عصير الليمون أو الجزر يصل إلى سعر الفطور لشخصين وأحياناً أكثر. يحاول الثنائي عدم تناول الطعام في المسبح، ولكن في أغلب الأوقات يغلبهما الجوع فيتناولان أي سندويش عادة الأرخص يكون ما بين 20 و25 ألف ليرة لبنانية.

بالنسبة إلى جمال تصل تكاليف "مشوار" البحر ما بين 100 و150 الف ل.ل، فيبرز السؤال لماذا لا يقصد الشواطئ الشعبية، فيرد جمال: "لا عيب في الشواطئ الشعبية لكنها في معظم الأحيان غير نظيفة أو بعيدة من بيروت بحيث تنهكنا أزمة السير، كما أنني أعمل وزوجتي طوال الشهر لنستمتع يوم واحد فهل السعادة حكر على الأغنياء"؟

 

لئلا يذهب الشباب سدى

داني غانم مواطن في ريعان شبابه، يمضي وقته بالعمل والخروج مع الأصدقاء على أمل أن يقع في شباك الحب وتنهكه المصاريف المنزلية. لا يعرف داني عن المواقع التي توفر حسومات، لذلك يزور المسابح "الشبابية" التي تبلغ تكلفة الدخول إليها ما بين 30 إلى 50 دولاراً أميركياً. ويقول لـ "النهار": "في هذه المسابح الفاخرة، أعتبر أنني أدفع أقل مبلغ إذ تختلف الخدمات بين "كرسي البحر الخاص للتشمس" أو "السرير المريح"، وباختلاف الموقع إن كان موقعاً خاصاً بمجموعة أصدقاء أو مع كل الموجودين في المسبح". وعن الطعام: "الأسعار مخيفة أحياناً، خصوصاً أنّه لا يوجد سندويش على بعض القوائم، وأقل صحن يبلغ سعره نحو 30 ألف ل.ل".

للمشروب حكاية أخرى، "فأرخص ما يمكنك ابتياعه في المسبح هو كأس من النبيذ والذي يصل سعره إلى أكثر بمرة ونصف مرة من سعر القنينة في السوق"، بحسب داني، مضيفاً "سافرت إلى بلدان عدة والفرق كبير حيث الشواطئ نظيفة والأسعار أقل بكثير، إذ لا يضطر الأفراد إلى زيارة المسابح الخاصة. لكن في لبنان، تكثر المسابح الخاصة والمسابح العامة شبه معدومة".


المسابح العامة

سلمان يونس ركب قطار الحب والعائلة وأصبح والداً لطفلتين، يعمل وظيفتين وزوجته تعمل أيضاً لتأمين مستلزمات العائلة. أما الخروج مع العائلة، فيكون يوماً في الشهر اذ يزور الشواطىء العامة التي لا تشمل "الدخولية"، ويدفع بقدر ما يطلبه علماً أنه يستأجر طاولة وكراسي بقيمة 10 آلاف ليرة ويتكبد تكلفة الطعام ما بين 20 إلى 30 ألف فقط لا أكثر. ويوضح سلمان "آمل أن يتم تطوير وإنماء الشواطىء العامة باعتبار أنها المتنفس الوحيد للعائلات الفقيرة".


ليس غريباً أن يصبح التنزه والخروج مع العائلة أمراً نادراً بين العائلات اللبنانية خصوصاً في ظل الظروف المعيشية الصعبة في البلاد. لكن متى سيبرز الاهتمام بالمعالم العامة ويركز عليها كي تصبح ملاذاً آمناً لكل طبقات المجتمع؟