يعتبر لبنان بمقوماته الطبيعية، الجغرافية والبشرية الغنية بلداً ذا مقومات سياحية قيّمة، فقد نجح القطاع السياحي في أن يكون عاملاً أساسياً في الاقتصاد الوطني. ولطالما كان القطاع السياحي من بين القطاعات الاقتصادية الرائدة في لبنان، لكونه يشكّل مصدرًا رئيسيًّا للدخل والتوظيف. أهمّية القطاع السياحي أنه يُدخل إلى الاقتصاد نقداً بالعملة الأجنبية وهذا الأمر له فوائده على صعيد الناتج المحلّي الإجمالي وأيضاً على صعيد فرص العمل والليرة اللبنانية. وتشير البيانات إلى أن حصة السياحة من الدخل القومي ارتفعت الى 7 مليارات و200 مليون دولار عام 2009 مقارنة بنحو 4,8 مليارات عام 2008، مما يجعل السياحة تشكل نحو ربع الدخل الوطني. وقد حطم لبنان في العام 2010 الرقم القياسي في عدد السياح الذين يأتون إليه، وكان للوافدين العرب والأوروبيين الحصة الأبرز من حجم السياح. تُشير البيانات إلى أن مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلّي الإجمالي بلغت 29% في العام 2010.

وكان يمكن ان يستمر هذا الرقم في الارتفاع لو استمرت الاحوال السياسية والامنية هادئة، لكن مع عودة التجاذبات السياسية والتوترات الامنية الى لبنان تأثّرت صناعة السياحة سلباً بفعل التوترات الإقليمية من جهة، وتباطؤ تدفق السياحة الخليجية بفعل أزمة النفط، وتباطؤ معدلات الاقتصاد العالمي. تشير الأرقام وبشكل واضح إلى أن عام 2011 كان بداية لمنحى تراجع عدد القادمين الى لبنان حيث تعطل الممر البري للسياح الخليجيين بشكل خاص نتيجة حذرهم من المجيء. أهم أسباب هذا التدني في الأرقام الحرب في سوريا والمشاكل السياسية والأمنية في لبنان، إضافة إلى التوترات السياسية. عام 2012 كانت مرحلة الركود الاقتصادي إذ تراجع القطاع السياحي بنسبة 50 في المئة عن العام الذي سبقه، وذلك بعد سلسلة الانفجارات الأمنية التي طالت بيروت وضواحيها والتي أدت الى تراجع في الحجوزات الفندقية وتذاكر السفر. وسجل تراجع في نوعية السياح الوافدين حيث تراجع عدد السياح الخليجيين وخصوصاً السعوديين، وبات يدخل 4% من حجم السائحين السعوديين الذين كانوا يدخلون في أعوام سابقة، ويعود هذا التراجع بشكل واضح الى تردّي الاوضاع الامنية والتشنّجات السياسية.2013 هو العام الأخطر، أو ما يسمي بعام "الكارثة"، إذ تراجعت فيه المؤشرات الاقتصادية بشكل كبير أدت الى إرهاق الكثير المؤسسات والاستثمارات والمشاريع السياحية، فتراجعت الحركة السياحية بنسبة 6.6% عن عام 2012، وبخسائر قدرت جسامتها بثلاثة مليارات و500 مليون دولار أميركي. وتراجع عدد زوار لبنان بنسبة 6.6% إلى 1.24 مليون سائح للعام 2013 مقابل 1.36 مليون في 2012. وانخفض عدد الوافدين إلى لبنان بنسبة كبيرة تصل إلى 40% مقارنة بمستوى السياحة قبل أربع سنوات. فيما سُجّل التحسّن الأوّل في عام 2014 مع ارتفاع عدد السيّاح بنسبة 0.68% ودخول نحو 897 ألفاً بحلول شهر آب، في حين انخفض الإنفاق السياحي بنسبة 6%. أمّا في العام 2015 فقد تدنى مستوى السياح إلى 1.274.362 أي انخفاض بنسبة نحو 45% وتقدر الخسارة المباشرة وغير المباشرة ما يعادل المليار ونصف المليار على خزينة الدولة وعلى القطاع السياحي. وأشارت الإحصاءات إلى أن عدد السياح الذين زاروا لبنان في العام 2015 بلغ ما يقارب المليون ونصف المليون سائح، منهم 500 ألف من الدول العربية وتحديداً الخليجية.

التوترات الأمنية في لبنان أدت إلى تدني إشغال الفنادق اللبنانية في العام 2015، إذ بلغت 56% وفقاً لدراسة أجرتها إحدى الشركات المهتمة بالقطاع الفندقي في منطقة الشرق الأوسط، والتي أشارت إلى أن بيروت سجلت نسبة الإشغال الأدنى لفنادق المنطقة. كما أنه أصبح أكيداً أن نسبة السياح قد تدنت بنسبة 15% في العام 2016 بالنسبة للعام 2015. شهد قطاع السياحة تحسناً ملحوظاً في عام 2017، إذ سجّل أعلى نسبة سيّاح وافدين منذ 7 سنوات، وبلغ عددهم حتى تموز 2017 نحو 1.29 مليون زائر، محقّقاً ارتفاعاً بنسبة 13.2% عن العام السابق، ومنعكساً بالتالي زيادة في الإنفاق السياحي بنسبة 6%، بحسب ما يشير تقرير صادر عن قسم البحوث في «بلوم بنك» حول "الانتعاش في القطاع السياحي في لبنان". أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي Forum Economic World في 5 نيسان 2017 تقريره حول التنافسية للسفر والسياحة للعام 2017، وقد سجل لبنان نتيجة ٣٧,٣ في مؤشر التنافسية للسفر والسياحة للعام 2017 ليحتل المركز الـ 11 إقليمياً والـ 96 عالمياً، مسجلاً تراجعاً بمرتبتين مقارنة بالعام 2015. 

وضعت وزارة السياحة اللبنانية خطة شاملة ليكون الموسم الحالي واعداً، وأن تكون السياحة في لبنان على مدار السنة. إلا أن القطاع السياحي في لبنان يعيش أوضاعاً صعبة بعد دعوات حكومية في خمس دول خليجية الى الامتناع عن زيارته. إن السياحة في لبنان تعتمد على الخليجي عموماً والسعودي خصوصاً. فبعدما كان السعوديون يحتلون المرتبة الاولى في قائمة السياح في العام 2010 بحيث كان عددهم يتجاوز الـ 150 الف سعودي تراجع هذا العدد الى 40 الفاً و958 سعودياً، وهذا التحول في نوعية السياح يعود الى الحظر الخليجي للرعايا الخليجيين بعدم المجيء الى لبنان. إن غياب السياح الخليجيين يفقد لبنان 39% من إيرادات السياحة.

ومع بداية موسم الاصطياف نجد أن نسبة حجوزات الطيران والفنادق متدنية جداً مما ينبئ بموسم سياحي كارثي، الأمر الذي يستدعي تشكيل الحكومة سريعاً وعودة الاستقرار السياسي. وقد أكدت على ذلك مصادر خليجية حيث أفادت أنه سيُعمل هذا الصيف على عودة السائح الخليجي الى لبنان بعد الانتخابات النيابية وتشكيل حكومة جديدة وعودة الاستقرار السياسي والاقتصادي.