جراثيم، مجارير، مواد كيميائية، نفايات، معادن ثقيلة... تجتاح مياه لبنان
 

بدأ الموسم السياحي في لبنان مع بداية فصل الصيف، وكالعادة سيتوجه اللبنانيون أولاً والسُياح ثانياً لممارسة السباحة في مياه بحر وأنهار لبنان، لكن هل يعلم هؤلاء أن "معظم هذه المياه ملوثة بنسب متفاوتة، تلوثاً جرثومياً وكيميائياً وبالمعادن الثقيلة"، وفق ما أظهرت نتائج دراسة قامت بها مصلحة الأبحاث الزراعية، كما نقلت صحيفة "النهار"، التي سلطت  الضوء على أزمة كارثية خطرة يعاني منها لبنان هذا الصيف، حيث لفتت الصحيفة ووفق النتائج، 
إلى "أن نسبة التلوث في بعض الشواطىء لا سيما الصناعية وذات الكثافة السكانية وصلت إلى 100%، ومنها بيروت وعكار وبعض مناطق الجبل والبقاع".


وطال التلوث مختلف الشواطىء الساحلية كشاطىء ضبيه وجونيه وصيدا وطرابلس وبيروت، وكذلك الأنهار أبرزها نهر الكلب وانطلياس وبيروت والليطاني والبردوني والغزيل... 


أما الأسباب الحقيقية، فيمكن إستخلاصها وفقاً للصحيفة، وكلام رئيس مصلحة الأبحاث الزراعية ميشال افرام كالتالي:


- "التغيير المناخي.


- زيادة مفعول التلوث.


- انخفاض هطول الأمطار التي أدت إلى تفاقم الواقع البيئي والجرثومي.


- صب مجارير الساحل والجبال في البحر.


- عدم معالجة مشكلة النفايات بطريقة صحيحة منذ سنتين، ما أدى إلى وجود نسبة جراثيم مرتفعة وصلت إلى المليارات".


وعدا عن هذه الأسباب يمكن ذكر أسباب أخرى، أبرزها غياب شبكات الصرف الصحي، رمي المصانع القريبة من الشواطىء لمواد كيميائية في البحر، كثرة مستوعبات النفايات الموضوعة بالقرب من الشاطىء لاسيما في صور وبيروت وطرابلس، والأهم هو غياب دور الدولة وتفشي الفساد.

 

لماذا الدولة مقصّرة في هذا المجال؟

منذ أزمة النفايات، لا بل قبلها بعشرين عاماً حين اقترضت الحكومة اللبنانية أكثر من 1.5 مليار دولار لإنشاء أنظمة للصرف الصحي في عدد من المناطق باستثناء مناطق أخرى، بقيت محطات الصرف الصحي غير متصلة بشبكات الصرف الصحي، ما أدى إلى رمي مياه الصرف الصحي في البحر قبل معالجتها، هذا عدا عن غياب أي جهة مختصة أو لجنة رقابية تتولى مهمة إنفاق الأموال التي يحصل عليها لبنان كقروض لمعالجة مشكلة التلوث من الاتحاد الأوروبي مثلاً.


أما أزمة النفايات الأخيرة التي ظهرت للعلن عام 2015، لازالت الدولة تتستر على صفقاتها حتى اليوم، دون أن يعرف المواطن اللبناني أين ذهبت النفايات، ولكن من المؤكد أن مياهنا كان لها نصيب كبير منها.

 

ما الحلول المقترحة؟

على الرغم من فشل الدولة في الحد من تفاقم أزمة النفايات وتلوث المياه في لبنان، أو حتى عجزها عن الحد من تفاقم هذه الأزمة، إلا أن الدولة اللبنانية تبقى المسؤول الأول والأخير عن هذه الكارثة، وعليها إيجاد حلول إنقاذية سريعة، كوضع نظام شامل لإدارة النفايات يغطي البلد بأكمله، التعاقد مع شركات مختصة مثل "سوكلين" و"سوكومي" لإدارة النفايات الصلبة في معظم أنحاء بيروت وجبل لبنان، إيجاد خطة شاملة لكافة المناطق في لبنان تحت غطاء وتوجيهات ورعاية ودعم الوزارات المعنية في الدولة، تطوير وتنفيذ خطة وطنية طويلة الأجل لإدارة النفايات، تقوم على المبادئ الصحية والبيئية السليمة...


وفي هذا السياق، لفت الباحث بسام خواجا في مقال له العام الماضي، إلى أن "هناك حلول واضحة لإدارة النفايات، وحوالي 90 بالمئة من النفايات الصلبة في لبنان تتكون من مواد يمكن أن تكون سماداً أو يُعاد تدويرها، لكن الواقع أن حوالي 8 بالمئة فقط يُعاد تدويره و15 بالمئة يتحول إلى سماد، والباقي يوضع في مطامر، يُلقى عشوائياً، أو يُحرق، إلا أن الحكومة لم تتخذ حتى الخطوة الأساسية لتوفير خيار مناسب لإعادة التدوير في بيروت".


مضيفاً، أنه "سبق أن قدم باحثون مقترحات بشأن ما قد يبدو أنه خطة مستدامة لإدارة النفايات الصلبة، مستنيرة بمبادئ الصحة العامة، وأظهرت منظمات بيئية مثل "سيدار إنفيرومنتال" و"تير ليبان" أنه من الممكن تطبيق ممارسات إدارة النفايات المستدامة في لبنان، غير أن الحكومة بدت حتى الآن عاجزة عن اعتماد وتنفيذ حل متماسك لهذه المشكلة".

 

مدينة صور: بعدا بألف خير!

تمتاز مدينة صور الساحلية بأنظف شاطىء في لبنان  حتى الآن، فوحدها هذه المدينة لم تتجاوز مستوى الخطر الذي طال مختلف المناطق اللبنانية، وبقي الشاطىء الصوري مقصداً لجميع اللبنانيين من جميع أنحاء لبنان، أملاً بمحافظة الدولة اللبنانية على حماية شاطىء صور قبل أن يصبح الشاطىء اللبناني، والمياه اللبنانية كلها ملوثة بنسبة تفوق المئة في المئة!!