المتانة الذهنية، المعرفة، والثقة... كلّها سمات تدور في فلك سمة واحدة أساسية هي الشجاعة. تحلّيكِ بالشجاعة يزيدكِ راحةً خلال التعامل مع مشكلاتكِ اليومية، ويسهّل عليكِ اتّخاذَ القرارات الصعبة، والإقدام دون إضاعة الوقت. تحتاجين إلى شجاعة عندما تتبوئين منصباً أو مهمّة جديدة في العمل، أو عند مواجهتكِ أشخاصاً ذوي آراء مختلفة... وعندما تكتسبين بعض الشجاعة تصبحين أكثر قدرة على اتّخاذ المبادرات والتعامل مع العثرات التي تعترض طريقك.
 

نتمنّى جميعاً أن نكون شجعاناً، لكن غالباً ما يغلبنا الخوف، ويسيطر على نشاطاتنا اليومية، ويمنعنا من المبادرة والتقدّم في العمل والحياة، ما يوقعنا في متاهة المماطلة. فكيف تعزّزين شجاعتكِ لتتمكني من السير بخطى ثابتة؟

الشجاعة... تُبنى


لا تولد الشجاعة معكِ، ولا يمكنكِ امتلاكها فجأة، بل هي تنمو في روحكِ مع الأيام وأنتِ تعملين على تطويرها. يقدّم لكِ الباحث جويل رونيون نصائح تساعدكِ على تطوير شجاعتكِ ومحاربتكِ الخوف الذي يسكنكِ، ويقول:


عندما تكونين مرعوبة من خطوة معيّنة، افعليها على أيّ حال، وبعدها كرّري ما فعلتِ. وفي المرة الثانية التي تكرّرين فيها سلوككِ، حاولي أن تثقي بنفسكِ وبخبرتكِ أكثر لتكوني أقلّ خوفاً من المرة الأولى. هذه الطريقة الفضلى لتقتلي خوفكِ وتتقدّمي. فبخلاف ذلك ستبقين مرعوبة من القيام بالخطوة، ولن تُحرّكي ساكناً، ويبقى الرعب، وتراوحين مكانكِ دون إحراز أيِّ تقدّم يُذكر.


وانتبهي، لا تعني الشجاعة أن تقفزي في المجهول، وترتكبي حماقة، بل الشجاعة هي في تعلّم كيفية تحويل المناسبات إلى فرص، والإقدام واتّخاذ مخاطرات مقبولة في سبيل التقدّم.


شيئًا فشيئاً، وببطء، تتغلّبين على مخاوفك. مثلاً، إذا كنت تخشين الأماكن المرتفعة، تحدّي نفسكِ واصعدي إلى مكان ليس مرتفعاً جداً في البداية، وجرّبي الشعور. ثم كرّري فعلتكِ باختيار مكان أعلى قليلاً... ومرّة بعد مرّة تكسرين حاجز الخوف وتدركين مدى صغر المخاطر أمام إصراركِ وشجاعتكِ... ومع الوقت تصلين إلى القمة، وأنتِ أكثر شجاعة وفخراً بنفسكِ.

 

لحظات تشعركِ بالشجاعة


إنّ لحظات الشعور بالشجاعة، هي وقود للأفعال الشُجاعة المستقبلية. عندما يسكنكِ الخوف، فكّري بإنجازاتكِ السابقة، واقنعي نفسكِ بأنّكِ ستتخطّين العقبة المقبلة كما تخطيتِ عقبة سابقة مثلها أو حتّى أصعب منها.


لنفترض أنك ارتكبتِ خطأً في العمل، ولا تستطيعين الاعتراف بفعلتكِ لأنك خائفة. تذكّري أنكِ بإقدامكِ على قول الحقيقة ستتحرّرين ممّا كان يكبّلكِ وستتحمّلين مسؤولية أفعالكِ مثل الأبطال الشجعان. يؤكد الخبير غاي نورتون إيدلمان أنّ «هذه الأوقات هي لحظات القوّة».

 

في الغضب قوّة


قد يصعب عليكِ التحكّم بعواطفكِ، ولكنها سبيل للتغلّب على الخوف، فلمَ لا تستخدمين عواطفكِ كأدوات تحفّز تقدّمكِ. مثلاً، إذا غضبتِ بما فيه الكفاية، لن يتمكّن أيّ أحد من إطفاء لهيب شجاعتك. وينصحكِ الباحث روبرت بيسواس-دينر «بالتفكير في طرق لتدفّق الغضب عندما تحتاجين إلى دفعة صغيرة من الشجاعة». فأنتِ ربما تتجنّبين عادةً ما يُغضبكِ، ولكنّ الغضب قد يكون أكثرَ قيمة ممّا تعتقدين. وإذا كان بإمكانكِ العثور على جوانب أخرى تجعلك عاطفيةً، استخدميها.


فكّري بمعزل عن الخوف


أسألي نفسكِ: «ماذا كنتُ لأفعل في حال لم أكن خائفة؟»، «هل كنتُ سأحقّق ما أصبو إليه؟»، و»هل سأصبح بذلك شخصاً أفضل؟». وإذا كان الجواب: «على الأرجح»، قد تجدين نفسكِ قادرة فعلاً على تخطّي خوفكِ مدفوعة بطموح تحقيق حياة أفضل رسمتيها في خيالكِ. في بعض الأحيان تتغذّى شجاعتكِ من خلال نظركِ إلى حالتكِ من زاوية مختلفة.


وإذا كنتِ لا تستطيعين إيجاد الشجاعة في اللحظة المرجوّة، ادّعي أنك لستِ خائفة. «زيّفيها حتّى تصنعيها». وبالتالي، قد تبدين أمام الآخرين بصورة الشجاعة وتؤثري في نفوسهم.


وتذكّري: كلما طال الانتظار، كلما كان أصعب عليكِ أن تبني شجاعتكِ. تخيّلي كل الإنجازات التي يمكنكِ القيام بها إذا طردتِ الخوف من حياتكِ، وكوني شجاعة!