تستمر التظاهرات في الجزائر على وقع إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تأجيل الانتخابات المقرّرة في 18 نيسان، وعدم ترشّحه لولاية خامسة. فالمحتجون، مالئو الشوارع منذ 22 شباط الماضي رفضاً لعهدة بوتفليقة الخامسة، لم يرضهم «تحايله» عليهم، بتمديد ولايته الرابعة من تلقاء نفسه، مقابل سحب ترشيحه الخامس.
 

يرى الكاتب والإعلامي الجزائري العربي زواق في حديث لـ«الجمهورية»، أنّ السلطة في الجزائر «تتحرّك في الوقت بدل الضائع، أي بعدما تحرّك الشارع».

ويشير إلى مختلف الخطوات التي اتخذها النظام الجزائري مخرجاً للأزمة، متهرّباً من سحب ترشح بوتفليقة وإجراء انتخابات في موعدها من دونه. فتحرّك السلطة الأول جاء من خلال مضي بوتفليقة في الترشح لعهدة خامسة، بعد انطلاق الحراك الشعبي مباشرة، صامّاً أذنيه لمطالب الشارع.

ومع استمرار التظاهرات، اقترح أن تستمر عهدته الخامسة لسنة واحدة فقط، تُنظم بعدها انتخابات مبكرة لا يكون ضمن المرشحين فيها، واعداً خلال هذه السنة بفعل ما لم يفعله خلال 20 سنة من حكمه! أي إجراء مجموعة من الإصلاحات، منها إعداد دستور جديد يُزكّيه الشعب الجزائري عن طريق الاستفتاء، ووضع سياسات عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية، والقضاء على كافة أوجه التهميش والاقصاء الاجتماعيين، ووضع حد للرشوة والفساد.

وعندما رفض الشارع هذه الوعود، وواصل الحراك، أعلن بوتفليقة خطوته التالية، وهي عدم ترشحه لعهدة خامسة، ولكن تمديد عهدته الرابعة لسنة إضافية من خلال تأجيل الانتخابات بحجة إقامة حوار وطني يسبقها.

ويقول زواق: «من الطبيعي جداً أن يرفض الشارع هذا الاقتراح أيضاً، لأنّ التغيير لا يمكن أن يكون بأدوات قديمة، وبوتفليقة وفريقه أدوات قديمة ومن غير المرجح أن يرضى الشعب بهذا البديل القديم».

ويشدّد على أنّ الرئيس «تجاوز الدستور حين مدّد حكمه»، موضحاً أنّ «الدستور يسمح بتمديد الحكم، وتأجيل موعد الانتخابات في حالة واحدة، هي حالة الحرب».

بوتفليقة

بعد 20 عاماً أمضاها في الحكم، أطفأ بوتفليقة شمعته الـ 82 منذ أيام، وقد أنهكته سكتة دماغية أصيب بها عام 2013 جعلت ظهوره العلني نادراً.

وأفادت صحيفة «تريبيون دي جينف» في تقرير حصري، استقته من داخل الطابق الثامن في المستشفى الجامعي في جنيف، حيث كان الرئيس يخضع للعلاج، أنه يعاني أيضاً من فقدان القدرة على الكلام، وأنّ فريقه الطبي يعتمد على قراءة شفاهه للتواصل معه. كذلك يعاني تدهوراً في ردود فعله العصبية، وحالته تندرج تحت بند «شديدة الخطورة، ويتطلب رعاية مستمرة»، وقد ظهر بوتفليقة على كرسي متحرك في نيسان الماضي.

ويؤكّد زواق، أنّ بوتفليقة مريض وعاجز، لكن «رأسه يعمل وهو يرفض مغادرة الحكم، ويريد أن يبقى رئيساً مدى الحياة، لأنّه حاكم عربي والحاكم العربي لا يغادر الحكم إلّا تحت الإكراه، أي في حالة الموت أو الابعاد القسري».

المعارضة

إلى ذلك، أصدرت قوى المعارضة بياناً أكّدت فيه أنّ «السلطة لا يمكنها أن تستمر خارج أي ترتيب دستوري ضد الإرادة الشعبية، وهي غير مؤهّلة لقيادة المرحلة الانتقالية»، مشددة على أنّ «استمرارها كسلطة فعلية يشكّل خطراً حقيقياً على الاستقرار والأمن الوطنيين».

ودعت إلى عقد لقاء وطني يجمع الجبهة الرافضة لمسلك السلطة، ويهدف الى إجراء حوار جاد لصياغة المطالب الشعبية ووضع خريطة طريق للانتقال الديمقراطي وبناء نظام حكم جديد، بعيداً من إملاءات القوى غير الدستورية التي تحكم البلاد.

وفي هذا السياق، يؤكّد زواق أنّ «الشعب الجزائري يتحرك من تلقاء نفسه، وهو لا يدرك أي بديل سياسي، وهنا مكمن الخطر».

ويشير إلى رفع ثلاثة شعارات في التظاهرات: «فبعض المتظاهرين يطالبون باسقاط النظام، وبعضهم يطالبون بتغيير النظام، وهناك جزائريون آخرون يطالبون بإصلاح النظام».

ويرى زواق، أنّ «اسقاط النظام فيه مخاطر على البلد وكل العقلاء يرفضونه، ويبقى الطلب المنطقي هو تغيير النظام في عهدة جديدة وليس بأدوات ترقيعية قديمة».

ولكن، هل ستستمر التظاهرات والاضراب والعصيان المدني؟ وهل تدخل الجزائر في حال من الفوضى تقودها إلى الحرب على غرار ما حصل في سوريا، وهو ما قد حذّر منه رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى بقوله إنّ «الثورة في سوريا بدأت بالورود وانتهت بالدماء»؟

في هذا الاطار، يشير زواق إلى أنّ «الثابت هو أن الشعب الجزائري يطالب بتغيير الاوضاع، ويرفض العهدة الخامسة وحكم بوتفليقة. ولكن لا يمكن التنبؤ بمسار الأحداث في ظل واقع صعب جداً، إذ أنه حقيقة لا يعلمها إلا الله».