دعونا من مزاعم أفيغدور ليبرمان عندما يقول إن إسرائيل تمكنت في خلال أربع ساعات من الهجمات الجوية والصاروخية، من ان تضرب “كل البنى التحتية الايرانية تقريباً في سوريا”، لكأن الإيرانيين الذين يحفرون الخنادق ويحشدون الصواريخ والمقاتلين منذ ثمانية أعوام على الأقل مجرد أهداف مكشوفة للنار الإسرائيلية!

لكن العمليات الإسرائيلية الأخيرة هي الأعنف والأوسع منذ أعوام، وخصوصاً منذ التصعيد المتدرج الذي جاء بعد إسقاط طائرة “الدرون” السورية فوق الجولان يوم ١١ تشرين الثاني الماضي، ومنذ ذلك الحين تكررت الهجمات الإسرائيلية على مواقع سورية وإيرانية، وأوقعت قتلى في الكسوة تكراراً قرب دمشق وفي “مطار تيفور” قبل عشرة أيام.

ليبرمان يقول إن اسرائيل لن تسمح لإيران بتحويل سوريا قاعدة أمامية ضدها، “ونأمل بأن نكون انتهينا في هذا الفصل وأن يكون الجميع فهموا الرسالة، وإسرائيل لا تريد تصعيد الوضع”. طبعاً هذا هراء، فكيف يكون التصعيد إذا كانت الغارات استهدفت سبعة مواقع تابعة لفيلق القدس الإيراني الذي يديره قاسم سليماني، والذي قيل أنه أشرف على عمليات القصف الصاروخي الإيراني للجولان التي سبقت الرد الإسرائيلي، إضافة الى ١٧ موقعاً بينها ستة مطارات و١١ مركزاً ومخزناً للصواريخ؟

ليس المهم ما حصل أمس، المهم ما يحصل بعد ساعة أو ساعات أو غداً، هل تبتلع إيران الضربة التي جاءت متوازية مع قرار ترامب الإنسحاب من الإتفاق النووي وما أحدثه من هزات عميقة سياسياً وإقتصادياً في طهران، أم تندفع في تغطية كل هذا بالتصعيد، ما سيشعل حرباً قد لا تبقى محصورة في الميدان السوري، وقد يجد لبنان نفسه وسط المعمعة إذا تحركت صواريخ “حزب الله” مثلاً؟

امام القادة الإيرانيين حسابات دقيقة ومعقدة في هذه الساعات الحاسمة، والإيرانيون أذكياء ويعرفون جيداً كيف يقرأون وراء النيران وبعدها، بمعنى انهم يعرفون جيداً ان بنيامين نتنياهو لم يكتفِ بإطلاع فلاديمير بوتين على العملية، بل عرض معه تفاصيل بنك الأهداف التي قصفتها اسرائيل، التي أعلنت صراحة أنها أبلغت روسيا العملية. لكن القصة ليست هنا، فمنذ دخول الروس الى سوريا تم التفاهم مع إسرائيل على حفظ حرية تحركها [أربع زيارات متلاحقة لنتنياهو لموسكو التي أعلنت منذ البداية أنها تحترم مصالح إسرائيل في سوريا]!

ويعرف الإيرانيون جيداً ان بوتين سعيد أكثر من نتنياهو بتقليم أظافر طهران في سوريا، فهي ضرّة تنافس موسكو على الجبنة السورية، ولهذا مع الغضب الأميركي والحياد الروسي إيران ليست في موقع مريح!

هل نذهب أكثر في السياسة؟ تركيا بدورها سعيدة بتقليم أظافر الإيرانيين في سوريا، فهي ضرّتهم ايضاً على الأقل في الشمال. ويعرف الإيرانيون جيداً ان الأكثر سعادة هو بشار الأسد، الذي بات من مصلحته الآن، تخفيف القبضة الإيرانية التي تحاصره في دمشق … مفهوم؟