هل حاربت قوى السلطة لوائح المجتمع المدني خلال يوم الإنتخابات؟
 

انتهت الإنتخابات النيابية في لبنان بحصول مختلف الأحزاب السياسية على مقاعد لها في المجلس النيابي، بعد آمالٍ كبيرة عولت على قدرة المجتمع المدني في خرق اللوائح الحزبية، لكن دون جدوى، فلم يتمكن أي مرشح (مدني) من الوصول إلى المجلس النيابي، ما عدا بوليت سيراكان ياغوبيان (بولا يعقوبيان) المرشحة الفائزة عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في دائرة بيروت الأولى، فكانت الوحيدة التي استطاعت إختراق الأحزاب، بعد ترشحها على لوائح المجتمع المدني كما هو معروف وهي لائحة "كلنا وطني"، مع العلم أنها مرشحها عن حزب سياسي جديد وهو "حزب سبعة".
وفوز يعقوبيان ارتبط بأمل كبير بفوز المرشحة عن مقعد الأقليات في نفس اللائحة جمانة حداد سلوم بعد التشكيك باللعب بالنتائج، ومحاولة إسقاطها، فهل حاربت قوى السلطة لوائح المجتمع المدني خلال يوم الإنتخابات؟

للأسف يمكن القول أن لوائح المجتمع المدني فشلت في هذه الإنتخابات، فهذا الفشل يشبه فشل المجتمع المدني في تشكيل لوائح إنتخابية موحدة في كل لبنان، حيث راحت أطراف هذا المجتمع تتنافس فيما بينها وفي أكثر من لائحة تابعة للمجتمع المدني في نفس المنطقة، بعد أن فشلت في التعاون فيما بينها لتشكيل لائحة واحدة، فبدل محاربة اللوائح الحزبية معًا، انقسمت الأصوات المدنية على اللوائح التابعة للمجتمع المدني، الأمر الذي أدى إلى إعاقة نجاحها، وبالتالي لم تكن النتائج على قدر الطموحات التي أسسها المجتمع المدني.
ومن جهة أخرى، لا يمكن إلحاق أسباب فشل المجتمع المدني إلى خلافات أطرافه فقط، إنما السبب الأول هو محاولة أحزاب السلطة محاربة لوائح المجتمع المدني، حيث عانى الكثير من منظمات المجتمع المدني خلال الإنتخابات من مشاكل عدة منها الضغط على المندوبين، إلى الاعتداء على بعض المرشحين وأنصارهم، والتهديد والضرب والتعنيف، وصولاً إلى "تزوير النتائج ومحاولة إسقاط نجاح المرشحة جمانة حداد سلوم" حسب ما أفادت حداد.
وفي التفاصيل، حصلت لائحة "كلنا وطني" على حاصلين انتخابيين، وفق الأرقام التي وردت إلى الماكينة الانتخابية من قبل مندوبي اللائحة، وأكدت حينها الماكينات الإنتخابية فوز المرشحة بولا يعقوبيان، والمرشحة جومانة حداد عن مقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى ليل الأحد 6 أيار، لكن في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة الكبرى بإعلان فوز مرشّح التيار الوطني الحر عن مقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى انطوان بانو، ما أدى إلى رفض حداد لتلك النتيجة والتشكيك بتزوير النتائج، مطالبةً باعادة الفرز بحضور مندوبين من "كلنا وطني"، ودعت إلى وفقة إحتجاجية يوم أمس الإثنين أمام وزارة الداخلية. 
وبدورها غرّدت المرشحة الفائزة بولا يعقوبيان عبر حسابها على تويتر قائلة: "بلشت اول معركة قبل ما نبلش!، فيه محاولة لسرق إنجازكم واصواتكم فيه محاولة لاسقاط جمانة وهي ناجحة بكل حساباتنا".
وفي هذا السياق، ردت وزارة الداخلية بالبيان التالي التالي:
"عطفًا على ما أدلت به المرشحتان السيدة بوليت سيراكان ياغوبيان والسيدة جمانة عطا الله سلّوم، من لائحة "كلنا وطني" في دائرة بيروت الأولى، عن صدور نتائج تقريبية وغير رسمية عن الماكينات الانتخابية، فإنّ هذه النتائج لا يُعتدّ بها رسميًا لدى وزارة الداخلية والبلديات طالما لم تصدر عن الجهات المختصّة.
وذلك لأنّ قانون الانتخاب يؤكّد على أنّ دور الوزارة وإداراتها المتعلّقة بالعملية الانتخابية ينتهي عند تسليم صناديق الاقتراع إلى لجان القيد المختصّة التي يرأسها قضاة ويعود لها فقط فرز وتوثيق وجمع وإعلان النتائج النهائية من قبل رؤساء لجان القيد العليا، على أن تبلغها إلى المحافظين الذي يحيلونها إلى وزير الداخلية ليعلنها رسميًا".
وأضاف البيان، "من المهمّ التأكيد على أنّ غرفة العمليات المركزية في الوزارة قد استمرّت طيلة ليل أمس، وحتّى الساعة، في مواكبة الأعمال التي تلت عملية الاقتراع، وقد وصلت جميع صناديق الاقتراع في كلّ الدوائر الانتخابية فجر اليوم، بصورة سليمة، وتمّ تسليمها".
وختامًا، يمكن القول أن السلطة والأحزاب السياسية نجحت في القضاء على طموحات المجتمع المدني وهي وصول عدد لا يُستهان به من مرشحيه إلى المجلس النيابي، وخرق لوائح الأحزاب والسلطة، فأحزاب السلطة عملت على محاربة المجتمع المدني، عبر العمل على تفكيكه والإحالة دون تحالفه في لائحة واحدة أولاً، ثم محاربته أثناء الإنتخابات عبر الضغط على مندوبيه ومرشحيه ثانيًا.