الأسوأ والأخطر هو حالة الفلتان الأمني والأخلاقي التي تسود عمل الماكينات الإنتخابية للمرشحين من كل الأحزاب والتيارات
 

على بعد أيام من موعد الإستحقاق الإنتخابي يزداد الشارع اللبناني حماوة وحماسة قلّ نظيرها حيث لم يسبق أن عاش لبنان هذه المشاهد التي نعيشها اليوم على امتداد المناطق اللبنانية كافة.
حشدت الأطراف واللوائح كل ما تملك من مقدّرات وإمكانات في ماكيناتها الإنتخابية وتداخل السياسي بالطائفي والمناطقي إلى حدّ كبير، ولكن الأسوأ والأخطر هو حالة الفلتان الأمني والأخلاقي التي تسود عمل الماكينات الإنتخابية للمرشحين من كل الأحزاب والتيارات في مختلف المناطق اللبنانية حيث بلغت الأجواء التنافسية بين الأحزاب والمرشحين حدود التفلت الأخلاقي لدرجة الإساءات الشخصية والإعتداءات المباشرة واقتحام مراكز اقتراع واتهامات متبادلة غير مسبوقة، وكل ذلك بغياب الأجهزة المعنية الأمنية والرسمية وفي مقدمها هيئة الإشراف على الإنتخابات التي تتنصل من مسؤولياتها بعد جملة من الإحتجاجات والشكاوى بحجة عدم وجود صلاحيات رسمية تخولها معالجة الخروقات الحاصلة وتطلب من أصحاب الشكاوى الإنتظار الى ما بعد الإنتخابات وتقديم الطعون الى المجلس الدستوي الذي يملك صلاحية النظر في هذه الشكاوى علما أن المجلس الدستوي هو أيضا محل نقاش قانوني ودستوري في قدرته الحالية على معالجة الشكاوى والطعون بعد الإنتخابات.

إقرأ أيضًا: عدوى الرد العربي في الزمان والمكان المناسبين تنتقل إلى إيران؟
هذا الواقع المؤسف الذي يتكرر يوميًا في بيروت خصوصًا ولبنان عمومًا يطرح المزيد من التساؤلات حول جملة من الأمور المحيطة بالإنتخابات في مقدمها حول القانون الإنتخابي الجديد، وحول الجهات المعنية بمعالجة التجاوزات التي تحصل، وحول المرجعية المفترضة لتطبيق القانون ووضع حد لهذه التجاوزات.
وبالطبع لا جواب في الوقت الراهن لأن نصف الدولة من المرشحين، ونصف الحكومة من المرشحين، وكل الأحزاب مشغولة بما يمكن أن تحصل عليه من مقاعد في المجلس النيابي.
وبالعموم فإن المشهد الإنتخابي برمّته أظهر ضعف المجتمع السياسي اللبناني وتفلّته من أي ضوابط ومعايير وبات الوصول إلى المجلس النيابي هدفا يستحق التضحية بكثير من المسلمات المفترض أنها موجودة في هذا المجتمع، تلك المسلمات التي تعتبر كأساس في تحصين السلم الأهلي والسياسي والإجتماعي نظير الإلتزام بالمعايير الأخلاقية أولًا ومعايير الحفاظ على المجتمع من التهور إلى مستنقع الخطاب الطائفي والمذهبي والتحريضي وهذا ما يحصل فعلا بل وأكثر من ذلك بكثير بشواهد كثيرة لا يمكن تعدادها وهي تتصدر عناوين الأخبار اليومية في البلاد.
وقد كشفت هذه الإنتخابات هشاشة الواقع اللبناني القائم بالأساس على المجاملات كما كشف الخطاب المعتمد اليوم وعلى بعد أيام من موعد الإقتراع في 6 أيار أن ما تضمره النفوس هو غير الواقع لدى جميع القوى والأحزاب وأن لبنان الدولة والوطن والجمهورية هو آخر الإهتمامات وأن السلم الأهلي والعيش المشترك هو مجرد شعار يسقط عند مصلحة الحزب أو الطائفة أو الزعيم أو المقعد النيابي.