هكذا إستغلت الطبقة السياسية ثغرات القانون النسبي للحفاظ على كتلها النيابية وإضعاف المعارضة
 

ناقصًا، ويتيمًا وُلد القانون الإنتخابي الجديد الذي يقوم على النسبية، كما تدعي القوى السياسية، ولكن لا نسبية عادلة في هذا القانون، ولا أحد يُنكر أنه وُلد بتشوهات وعيوب أدت إلى رفض الكثيرون له، لأن السلطة السياسية الحالية فصلًت هذا القانون على قياسها لضمان بقاءها وبقاء كتلها النيابية، ويرى الكثيرون أن "الثغرات التي تشوب هذا القانون أتت لتشكّل (نقاط قوّة) تناسب مصالح أحزاب السلطة السياسية والانتخابية على حساب القوى المعارضة لها"، عدا عن أن بنود أساسية في القانون الجديد تحسم النتائج بشكل مسبق لصالح أحزاب معينة في بعض المناطق، كدائرة بيروت الثانية مثلاً، فرغم كثرة اللوائح المرشحة ضمن هذه الدائرة إلا أنه من المعروف أن لائحة تيار المستقبل هي من أكثر اللوائح المرشحة للفوز، وكذلك في دائرة صور – الزهراني، حيث تحظى لائحة الثنائي الشيعي بحظوظ وفيرة للفوز مقابل اللائحة المنافسة لها.
وللأسف إستغلت الطبقة السياسية ثغرات القانون النسبي بهدف الحفاظ على كتلها النيابية وإضعاف المعارضة، ومن أبرز تلك الثغرات:

 

الدوائر الإنتخابية
من المعروف أن النسبية تقوم على إعتبار لبنان بكامله دائرة واحدة، إلا أن السلطة السياسية قسمت لبنان إلى 15 دائرة وهذا ما يتناقض مع النسبية، ولا شك أن تقسيم تلك الدوائر جاء ليتناسب مع التوزيع الطائفي للمناطق، وهذا ما كان يتم اعتماده سابقًا حسب القانون الأكثري.
ويشكل اعتماد الدوائر الـ 15 إلى طغيان الطائفية، ويقلل فرص الفوز للأقليات السياسية، والمعارضة للسلطة، الأمر الذي يحد من امكانية تمثيل الجميع وفق احجامهم الشعبية.
كما وأدت طريقة توزيع الدوائر حسب المناطق إلى خلل كبير وغير منطقي في عدد النواب حسب المناطق، حيث من المعروف أن السلطة فرضت هذه الطريقة (أي توزيع الدوائر) لهدف ضمان أحزاب معينة في كل دائرة، لكن التفاوت في عدد النواب بين الدوائر كبير وغير منطقي، وهذا ما يتناقض مع مفهوم النسبية ويحوّلها إلى نظام أكثري بصورة غير مباشرة.

 

الصوت التفضيلي

أولاً: الصوت التفضيلي على مستوى القضاء
شكل اعتماد الصوت التفضيلي على مستوى القضاء أزمة  مذهبية ومناطقية، وصلت إلى نوع من التجارة والإستثمار المالي عبر شراء الصوت التفضيلي، فاليوم الكثير من القوى السياسية تعمل على شراء الصوت التفضيلي بمبالغ مالية.
ومن جهة ثانية شكل حصر الصوت التفضيلي بالقضاء أزمة جديدة فضحت ثغرات القانون الجديد، لأن حصر ذلك الصوت بالقضاء قد يدفع البعض إلى استثماره طائفيًا، وهذا ما يؤدي إلى إندفاع الناخب لإنتخاب المرشح التابع لنفس قضاءه وطائفته.

 

ثانيًا: الصوت التفضيلي الواحد
أدى الصوت التفضيلي إلى انشقاقات بين الأحزاب المتحالفة وانفصال بعضها، وإلى معارك إنتخابية بين أفراد اللائحة الواحدة، كما اختلف الكثيرون على مبدأ إعتماد صوت تفضيلي واحد، على إعتبار أن الصوتين التفضيليين هو الخيار الأقل سلبية، ويعطي حرية أوسع للناخب ضمن الدائرة، بينما اعتماد الصوت الواحد يُقيد حرية الناخب عبر اختيار المرشح المفضل ضمن القضاء وليس الدائرة.
ويعتبر الكثيرون، أن "لجوء السلطة إلى الصوت التفضيلي وفق الكوتة الطائفية والقضاء، ليختار الناخب عبره المرشّح المفضّل بالنسبة إليه، هو دليل على ضعفها وعدم قدرتها على ترتيب المرشحين بين أحزابها على اللوائح".

 

ثالثًا: احتكار رئيس الحزب للصوت التفضيلي 
من المعروف أن كل لائحة يترأسها رئيس، قد يكون رئيس حزب معين، وهذا يعني أن أغلبية الأصوات التفضيلية من المؤكد ستكون لرئيس الحزب، ما يعني أن هذا الرئيس سيحصل على نسبة أكبر من الأصوات مقارنة بحلفاءه على نفس اللائحة، وهذا بحد ذاته يُعد إحتكار الزعماء للصوت التفضيلي.

 

إلغاء خيار التشطيب
يعتمد النظام النسبي على اللوائح المقفلة، ويفرض الإقتراع لجميع المرشحين على اللائحة دون تشطيب أحد، أو زيادة أسماء مدرجة على اللوائح المنافسة، وهذا ما يقيد حرية الناخب في إختيار المرشح الذي يريد، في وقت يجبره فيه على إختيار مرشحين قد لا يريد الإقتراع لهم، أو قد لا يعرفهم حتى، ولكن للأسف يكون الحزب بهذه الطريقة، قد فرض على الناخب الإقتراع لضمان فوز جميع أعضاء اللائحة حتى ولو كان الناخب غير راضٍ عن خياراته، وهذا يعد غير منطقي، وقد يمنع الكثير من الناخبين من رغبة الإقتراع.