يترأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الوفد اللبناني إلى القمة العربية التي تعقد يوم الأحد المقبل في مدينة الدمام في المملكة العربية السعودية، وستكون هذه القمة محطة اختبار لمدى التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس التي أقرها مجلس الوزراء بالإجماع بعد أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري من الحكومة اعتراضاً على تدخل حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية، وانخراطه في النزاع السوري والعراقي واليمني بناء لطلب إيران، خصوصاً وان جدول اعمال القمة يتألف من 15 بنداً تتعلق بشؤون الدول العربية وأبرزها الإرهاب ومكافحته والتعاون العربي المفترض في هذا المجال، وتدخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الشؤون العربية وسبل مواجهتها، إلى قضايا أخرى مثل الوضع في سوريا واليمن، فهل سينسجم لبنان مع الدول العربية التي سبق لها في مؤتمرات عربية ان ادانت التدخل الايراني في الشؤون العربية الداخلية بهدف زعزعة الأمن القومي، وصنفت حزب الله في خانة الإرهاب الدولي، أم يعترض على هذين البندين كعادته ويخرج عن الإجماع العربي ويسجل بالتالي انحيازه إلى المعسكر الإيراني وتدخل حزب الله في الشؤون الداخلية للدول العربية؟ وفي مثل هذه الحالة، ماذا سيكون موقف الرئيس الحريري الذي أخذ على عاتقه مسؤولية الحياد تجاه الدول العربية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي تستضيف القمة العربية؟ وهل سيعترض على الموقف اللبناني ويعيد الأزمة الداخلية إلى ما كانت عليه قبل الاتفاق على سياسة النأي بالنفس التي جعلته يتراجع عن استقالته من رئاسة الحكومة يومذاك ويدخل لبنان في نفق مظلم.

لا يصدر حتى الآن، أي شيء عن القصر الجمهوري يدل على ان لبنان عدل في موقفه الذي عبّر عنه بشكل دائم وزير خارجيته جبران باسيل في كل المؤتمرات العربية التي انعقدت حتى الآن، وبحثت في التدخل الإيراني وحليفها حزب الله في الشؤون العربية الداخلية والعمل على زعزعة الاستقرار فيها، بقدر ما تدل المؤشرات إلى ان سياسة رئيس الجمهورية ما زالت منسجمة مع سياسة وزير الخارجية بالنسبة إلى التعاطي مع التصنيف العربي لسياسة إيران وحزب الله، وهذا من شأنه ان يضع الوفد اللبناني في موقف صعب ودقيق في آن، فإما ان يتناغم مع الإجماع العربي ويدين التدخل الإيراني وحلفاءه في الشؤون العربية الداخلية، ويقبل بتصنيف حزب الله بجناحه العسكري منظمة إرهابية، واما ان يلتزم بمواقفه السابقة المعروفة بهذا الخصوص ويدفع ثمن خروجه عن الإجماع العربي المفترض، كما هو مرجح حتى الآن، وعندها يصبح الوفد اللبناني امام أزمة داخلية كبيرة، لا يعرف أحد كيف تنتهي وإلى ماذا تنتهي خصوصا وان الرئيس الحريري الذي نجح إلى حدّ بعيد في إعادة ترتيب علاقات لبنان مع الدول الشقيقة على أساس اعتماد سياسة النأي بالنفس ومع الإجماع العربي لن يرضى بأن يخرج لبنان عن هذا الاجماع ويغرد كما تريد له إيران خارج السرب العربي، ويفوّت عليه بالتالي فرصة ذهبية تعود عليه بأحسن المنافع سواء على الصعيد العربي أو على صعيد المجتمع الدولي الذي يريد للبنان الالتزام فعلاً لا قولاً بسياسة النأي بالنفس وتحسين علاقته مع دول العالم لا سيما الدول العربية التي تعتبر إيران عدوة، ولها أطماع مكشوفة في المنطقة، عبّرت عن نفسها في تدخلها بالنزاعات العربية الداخلية من سوريا إلى العراق واليمن والبحرين وباقي الدول العربية.
بانتظار انعقاد القمة العربية يوم الأحد المقبل في المملكة العربية السعودية، وغياب أي موقف واضح للمسؤولين من المواضيع المدرجة على جدول أعمال القمة العربية، فإن اللبنانيين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من ان يتورط لبنان في اتخاذ مواقف مخالفة للاجماع العربي، ويدخل مجددا في آتون مليء بالنار الملتهبة.