ليست المرة الأولى نستمع الى الترهات الإسرائيلية، قبل تهديدات رئيس الأركان غادي ايزنكوت بالحرب المدمرة التي قد تشنها إسرائيل على لبنان هذه السنة، سبق لنا ان إستمعنا تكراراً الى تهديدات من قادة العدو الاسرائيلي بانهم سيعيدون لبنان الى العصر الحجري في حرب ضروس تدمر كل شيء ولا تفرّق بين حزب الله والأهداف العسكرية والمواقع المدنية اللبنانية.

لكن الحديث عن هذه الحرب الآن، ليس أكثر من لوثة في رأس إيزنكوت، الذي ككل أركان الجيش الإسرائيلي يحلم بحرب تنقله الى الزعامة السياسية، لكنه زمن مضى وانقضى، عندما يكون الهاجس عند قائد الجبهة الشمالية يتسحاق باز مثلاً، كيف يقنع السكان في شمال اسرائيل ووسطها بأن الإنسحاب من مناطقهم وإخلاء منازلهم اذا نشبت الحرب، من الأمور الطبيعية والضرورية، وكل هذا ليس جديداً في حسابات اسرائيل بل في عناصر الحرب مع حزب الله وإحتمالاتها.

لنتذكر على سبيل المثال لا الحصر قبل ان نتحدث في السياسة ان شركة كيماويات حيفا إضطرت في ايلول عام 2017 الى نقل خزٌانات الأمونيا من حيفا الى النقب بعد تهديدات السيد حسن نصرالله بقصفها، ولنتذكر تكراراً ان كل ترهات التهديد لا معنى لها!

في السياسة كثير من عناصر الإطفائيات الحربية، فإسرائيل تحتاج الى كلام إيزنكوت لتجاوز جريمتها الأخيرة في غزة التي يدينها العالم، على الاقل لإثارة موضوع جديد يطغى على مذبحة غزة وإسرائيل تعرف جيداً ان الصواريخ التي تساقطت عليها في عام ٢٠٠٦ لم تتجاوز مدينة الخضيرة شمال تل ابيب، وأنها الآن باتت معرضة لعشرات آلاف الصواريخ التي تصل الى العمق الإسرائيلي بما يعني ان الحسابات تغيّرت جذرياً!

في السياسة أيضاً تدرك إسرائيل انها ليست في حاجة الى الإنخراط في حرب جديدة وقت يتحدث دونالد ترامب عن قرار الإنسحاب من سوريا، بما يعني ان الكوريدور الإيراني التسليحي لـ”حزب الله” عبر العراق وسوريا سيتحوّل أوتوستراداً. ثم أنه في الموضوع السياسي، هل تستطيع اسرائيل الذهاب الى الحرب عندما ترتفع المساعي الأميركية لتسوية شاملة في المنطقة كما يقولون في واشنطن، وهل يجرؤ بنيامين نتنياهو على الذهاب الى الحرب وهو المطلوب لدى القضاء؟


أيضاً وأيضاً في السياسة، أوروبا عاكفة على الاهتمام بلبنان ومؤتمرات دعم لبنان والإنتخابات النيابية في لبنان، من منطلق خوف دفين ودائم عندها من إنتقال مئات الوف اللاجئين السوريين فيه الى شواطئها، فهل تضع إسرائيل وسط كل هذه الظروف كل العالم الغربي في وجهها وتنخرط في حرب غير مضمونة النتائج، ضد “حزب الله” ولبنان؟

والسؤال الأخير، اذا كانت اسرائيل عبر ترهات إيزنكوت تريد ان تؤثر سلباً على نتائج حزب الله في المعركة الإنتخابية، فهي واهمة لأن تهديداتها ستخدمه إنتخابياً!