عندما تكون مصالح أطراف السلطة على المحك، فإنّهم يتنادون للحفاظ عليها على عجل، فيجترحون العجائب، ويتلاعبون بالدستور والقوانين
 

أولا: ميشال شيحا ويوسف السودا

أُقرّت الموازنة في المجلس النيابي الذي يحتضر خلال الأيام القادمة بسرعة قياسية، وما زالت دعوة ميشال شيحا للبرجوازية اللبنانية: (أثروا، enrichissez-vous) راسخة في أذهان أطراف السلطة، والذين يستعدون للعودة "الميمونة" إلى مقاعدهم في مجلس النواب القادم، حيث تُبنى الحكومات، ويُنتخب الرؤساء، وتُنشأ اللجان، وتُوزّع المغانم ، ويتم نهب المال العام وتُراكم الثروات. أمّا كلمات يوسف السودا التي قالها غداة الاستقلال عام ١٩٤٣ فما زالت في ضمير اللبنانيين دون جوابٍ شافٍ حين قال: 
"الرخاء، النقد، المال، الأسعار، البنايات والسيارات، المطار، مصبّات البترول، المصارف، الصناعة، التجارة، الفنادق، علب الليل...
مادة، مادة، كلها مادة، تبهر العين، تملأ الجيب، تُشبع الجسد..
أمّا الروح! أين الروح في كل هذه المظاهر؟
الاستقلال، سيدي، كلمة جوفاء مُظلمة إذا لم تُنر حروفها أشعةٌ من الروح".
ما زال الاستقلال ومعه جلاء الإحتلالات ومهرجانات التحرير كلمات جوفاء مظلمة لم تُنر حروفها أشعةٌ من الروح من أيام يوسف السودا حتى يومنا هذا، بعد مرور ثلاثة أرباع القرن.

إقرأ ايضًا: نقيب صيادلة لبنان يمنع منعًا باتًا الرأفة والرحمة بالمواطن المريض

ثانياً: أحكام المسجد الخراب عند عامر الشعبي

عندما تكون مصالح أطراف السلطة على المحك، فإنّهم يتنادون للحفاظ عليها على عجل، فيجترحون العجائب، ويتلاعبون بالدستور والقوانين والمؤسسات والأعراف إن اقتضى الأمر ذلك.
أنجزوا الموازنة وقد تحلّبت أفواههم على قروض سدر ١، والتي تُقدّر بحوالي سبعة عشر مليار دولار، أي ما يزيد على خمس الدين العام الذي تلتهم خدمته أكثر من ثلث الناتج المحلي، حتى بات اللبنانيون يستبشرون خيراً حين يُقفل هذا المجلس الذي لا يُفتح إلاّ على حساب رفاههم وخدماتهم المفقودة وجيوبهم المنهوبة، وما الصخب والضجيج وبذّر الأموال والتّلهُف على المقاعد النيابية في السادس من أيار القادم إلاّ الدليل الواضح على ما ينتظر اللبنانيين من مآسٍ ومخاطر على يد الطبقة السياسية التي تستعدّ لتجديد شبابها وحيويتها في القريب العاجل.
سُئل فقيه المدينة المشهور عامر الشعبي عن المسجد الخراب، أيُجامع فيه؟ قال: "نعم، ويُخرأ فيه!"، فلو سُئل الشعبي اليوم عن حكم الاقتراع في السادس من أيار القادم، أيُخرأُ في صناديق الاقتراع؟ فلربما أجاب: نعم، ويُبالُ فيها.