لو سوّلت لأيّ صيدلي نفسه بأن يساعد مريضاً مُحتاجاً أو فقيراً مُعتراً، وذلك بحسم مبلغٍ بسيط من فاتورة الدواء، فإنّ الصيدلي يتعرض لأقسى العقوبات
 

درجت العادة في لبنان أن يعمُد الصيادلة (أصحاب الصيدليات) على إعطاء حسومات معينة على أسعار الأدوية التي يبيعونها للمواطنين المرضى، تتراوح بين الخمسة والعشرة بالمائة، وذلك حسب سعر الدواء، وحسب حالة المريض الاجتماعية والصحية وفئة عمره، ومدى حاجته للدواء وفترة العلاج، إلى أن طلع أحد نقباء الصيادلة منذ بضعة سنين، فأرسل تعميماً للصيادلة يطلب بموجبه التقيد بالتسعيرة الرسمية لسعر الدواء، بأسلوبٍ رقيق وأديب، فعمل الصيادلة بهذا التعميم لأسابيع معدودة، ثم عادوا إلى سيرتهم الأولى بإعطاء المرضى ما تسمح به ميزانية الصيدلية، فيراعي مصلحة المواطنين ويُشجّع الحالة التنافسية بين الصيدليات التي انتشرت في الآونة الأخيرة على نطاقٍ واسع، حتى جاء منذ أيامٍ فقط نقيب الصيادلة الحالي ليعمّم "فرماناً" سلطانياً على الصيدليات ليوضع بشكلٍ بارزٍ وواضح في صدر الصيدلية يمنع بموجبه إعطاء أيّ حسمٍ كان على التسعيرة الرسمية للدواء،(تسعيرة مستوردي الأدوية ومافياته)، وذلك تحت طائلة العقوبات الزاجرة التي قد تصل إلى حدّ إقفال الصيدلية (بالشمع الأحمر طبعاً).

إقرأ أيضًا: بواخر الكهرباء ... يكاد المريبُ أن يقول خذوني
يعني ذلك أنّه لو سوّلت لأيّ صيدلي نفسه بأن يساعد مريضاً مُحتاجاً أو فقيراً مُعتراً، أو مُسنّاً أو أرملة لا مُعيل لها، أو عاطلاً عن العمل، وذلك بحسم مبلغٍ بسيط من فاتورة الدواء، فإنّ الصيدلي يتعرض لأقسى العقوبات، وقد تُقفل صيدليتُه، أمّا لو تجاوز الخطوط الحمر، ووهب دواءً لمريضٍ لا يملك ثمنه، فقد يتعرض للتّشهير به كخائنٍ لوطنه واقتصاد وطنه، ومُسيئ لأخلاق المهنة وشرفها، فضلاً عن التّعرض لمصالح تجار الأدوية ومستورديها، ما قد يتسبّب بانهيارات اقتصادية ومالية، وقانا الله وإياكم هذه الشرور والفواجع.
النقيب القوي في العهد القوي.