توزع الإهتمام بالقضايا الشرق أوسطية في الصحف الدولية بين زيارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما لإسرائيل وأصداء التفجيرات الدموية التي شهدها العراق بالتزامن مع الذكرى العاشرة للغزو الذي قادته الولايات المتحدة له، فضلا عن تداعيات الأزمة السورية والإتهامات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة باستخدام الأسلحة الكيماوية وتعيين مدير تنفيذي في مجال تكنولوجيا المعلومات يحمل الجنسية الأمريكية رئيسا للحكومة المؤقتة التي شكلتها المعارضة السورية.
وتخصص صحيفة الإندبندنت مقالا عن الرئيس الجديد لحكومة المعارضة السورية تحت عنوان "آخر محطة دالاس والمحطة القادمة دمشق، المدير التنفيذي في تكنولوجيا المعلومات الذي يريد أن يحكم سوريا".
ويرى تقرير الصحيفة أن غسان هيتو الذي كان في العام الماضي مجرد مدير تنفيذي لشركة في مجال تكنولوجيا المعلومات ينصب جل اهتمامه على بيانات المعلومات فيها وكيفية تسليم مشاريع الشركة في أوقاتها المحددة، وقف يوم الأثنين ليلقي خطابا في اسطنبول شدد فيه على أن أولويته هي استخدام "كل السبل الممكنة" لإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد وتوفير المساعدات التي يحتاجها الشعب المحاصر في سوريا.
تحديات
"لقد دعمت فكرة تشكيل حكومة بديلة لوقت طويل، ولكن وضعت ورقة تصويتي فارغة لأنه لا يوجد أي مرشح من داخل سوريا. أريد رئيس وزراء من داخل سوريا"
المعارض السوري البارز هيثم المالح
ويتوقف تقرير الصحيفة عند التحديات التي يواجهها هيتو، البالغ من العمر 50 عاما والذي انتخب رئيسا للحكومة التي شكلتها المعارضة السورية، في بناء شرعية حكومته على الرغم من نقص الدعم والتأييد له من بعض الأعضاء البارزين في التحالف السوري المعارض.
إذ انتخب هيتو بأصوات 35 عضوا من بين 49 من أعضاء التحالف المعارض الذين أدلوا بأصواتهم، بيد أن ثمة 15 عضوا لم يحضروا التصويت، مع عدة انسحابات من البعض احتجاجا على ما يصفونه صلات هيتو القوية بالإخوان المسلمين وداعميهم في قطر.
ويضيف التقرير أن هيتو، الذي ولد في دمشق وخرج من سوريا في الثمانينيات وعاش أكثر من 20 عاما خارج سوريا ولم يكن شخصية جماهيرية معروفة، سيحتاج إلى كسب التأييد من كل من المجتمع الدولي وممن هم على الأرض في سوريا، إذا كان للوزارة المؤقتة التي شكلها أي حظ من النجاح.
وينقل التقرير عن المعارض السوري البارز هيثم المالح قوله "لقد دعمت فكرة تشكيل حكومة بديلة لوقت طويل، ولكن وضعت ورقة تصويتي فارغة لأنه لا يوجد أي مرشح من داخل سوريا. أريد رئيس وزراء من داخل سوريا".
ويضيف التقرير أن هيتو، وهو من أصول كردية، ترك عمله في دالاس العام الماضي وانتقل إلى تركيا، حيث عمل في تنسيق جهود الإغاثة، وكان ابنه الأكبر عبيدة لاعب كرة قدم أمريكي سابق شارك بفاعلية في الانتفاضة السورية وتسلل العام الماضي إلى سوريا للقتال مع مسلحي المعارضة.
"زيارة متأخرة"
تصف الإندبندنت الزيارة بأنها فرصة كبيرة لإعادة بناء الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة.
وانشغل معظم الصحف في أصداء زيارة الرئيس أوباما لإسرائيل، وخصصت صحيفتان منها مقالا افتتاحيا فيهما لهذه الزيارة، فكتبت صحيفة ديلي تلغراف تحت عنوان "زيارة باراك أوباما لإسرائيل متأخرة جدا" تقول إن لدى الرئيس أوباما الكثير لتعويضه عند وصوله إلى اسرائيل في أول زيارة له للدولة اليهودية منذ دخولة البيت الأبيض.
وتضيف الصحيفة في افتتاحيتها أن أوباما بدأ رئاسته قبل أربعة أعوام وسط آمال كبيرة بأن يحمل مقتربه الجديد ثمارا للمنطقة التي تعيش نزاعا مزمنا، وبشكل خاص بعد خطابه في القاهرة الذي دعا فيه إلى "بداية جديدة" في علاقات واشنطن مع العالم العربي.
وترى الصحيفة أن ايا من هذه الآمال، بأن أوباما قد ينجز هدف إقناع القادة الاسرائيليين والفلسطينيين لتحقيق اتفاق سلام، لم يتحقق وتحطم على صخرة واقع صعب.
وتضيف الصحيفة أن نفور الرئيس الأمريكي من توريط نفسه في مخاضات المنطقة، قد عززته موجة الانتفاضات العربية التي غيرت بشكل جذري المشهد السياسي السائد خلال العامين الماضيين.
دلالة رمزية
وتركز صحيفة الإندبندنت في إحدى مقالاتها الافتتاحية أيضا على الدلالة الرمزية لزيارة أوباما لإسرائيل، مشيرة إلى أن هذه الزيارة تشكل فرصة كبيرة لإعادة بناء الثقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، بعد أن توترت بشكل خطير في لحظة حرجة في الشرق الأوسط تتوالى فيها الأحداث كالحرب الأهلية في سوريا والمواجهة مع إيران بشأن برنامجها النووي وعدم الاستقرار في مصر والعراق.
وتقول الصحيفة إنه لا يمكن توقع أن تحقق زيارة أوباما التي ستستمر لثلاثة أيام الكثير من التقدم بالنسبة لحل الدولتين أو تغيير تردد البيت الأبيض في تسليح المعارضة السورية ولا حتى القضية التي تقع في مقدمة اهتمامات البلدين، وهي هل سيكون ثمة إنذار جديد لطهران بشان برنامجها النووي.
وتضيف الصحيفة أن إنخفاض سقف التوقعات من هذه الزيارة سيقدم فرصة لأوباما ونتنياهو لبناء علاقة أفضل بعد فضاء الضغينة الذي هيمن على فترة رئاسة أوباما الأولى وأدى إلى أن يشير نتنياهو بوضوح إلى أنه يفضل فوز رومني في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.
كما تنشر الصحيفة ذاتها في هذا الصدد مقال رأي للكاتب روبرت فيسك تحت عنوان "كن ضيفا جيدا يا باراك ولا تطرح حدود 1967 مع اسرائيل".
ذكرى غزو العراق
وفي الشأن العراقي توقف معظم صحف الأربعاء البريطانية عند التغطية الإخبارية لسلسلة الإنفجارات والهجمات المنسقة التي تزامنت مع الذكرى العاشرة لغزو العراق.
وفي مقال تحليلي تحت عنوان "أهداف جديدة والطائفية ذاتها" كتب أيان بلاك في صحيفة الغارديان يقول إنه لا يحتمل بشكل كبير أن يكون مجرد مصادفة تزامن حوادث إراقة الدماء في العراق التي تصدرت عناوين الأخبار من جديد مع مرور عشرة أعوام على بدء الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لإسقاط صدام حسين.
ويضيف الكاتب أن التعليقات في الولايات المتحدة وبريطانيا في هذه الذكرى إنصبت على الفشل الاستخباري وتواصل الغضب ضد قرار جورج بوش وتوني بلير الذهاب إلى الحرب، بينما يرى العراقيون الامور بشكل مختلف. فمن ينعون نظام صدام هم قلة، لكن واقع الاحتلال الذي اعقبه خلف احداثا أثرت عواقبها في حياة الملايين من العراقيين البسطاء ومازالوا يعيشون معها.
وتقول صحيفة الإندبندنت في تغطيتها لتفجيرات في العراق أنها تظهر قدرة تنظيم القاعدة في العراق على القيام بتفجيرات متعددة في العاصمة العراقية، على الرغم من مئات نقاط التفتيش والإجراءات الأمنية المشددة، إذ تمكنت السيارات المحملة بالمتفجرات من إختراق نقاط التفتيش تلك والوصول إلى أهدافها.
وقالت صحيفة التايمز في تقريرها الاخباري عن الهجمات في العراق إنها جاءت بعد يوم واحد من تأكيد رئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير على أنه كان محقا في تفويض مشاركة القوات البريطانية في غزو العراق على الرغم من "مشاكله الكبيرة".
وتضيف أن بلير حاول عقد مقارنة مع النزاع السوري الراهن بالقول إنه ثمة "ثمن للوقوف جانبا" كما للتدخل.
رفض إعطاء حصانة لإميرين سعوديين
وفي شأن قانوني، تتوقف صحيفة الفايننشيال تايمز عند رفض القضاء البريطاني طلب اثنين من الأمراء في السعوديين لمنحهم حصانة ضد إقامة دعوى قضائية ضدهم بسبب نزاع يتعلق بأعمال تجارية.
وتقول الصحيفة أن ثمة نزاع قانوني أمام المحكمة العليا بين الأمير مشعل آل سعود وابنه مع رجل الأعمال الاردني فيصل المهيرات، يتعلق بشركة اف آي كول البريطانية واثنين من حملة أسهمها، احدهما على صلة بالأمير الابن.
وتشير الصحيفة إلى أن الأمير مشعل وابنه تقدما بطلبين للمحكمة العليا لمنحهما الحصانة من الملاحقة القضائية استنادا إلى صفتيهما الملكية وانتمائهما إلى الأسرة المالكة السعودية.
فالأمير مشعل البالغ من العمر 86 عاما هو أحد ابناء الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس المملكة وله دور مهم في المملكة عبر ترؤسه لمجلس البيعة الذي يشرف على اختيار ولي العهد القادم بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وتقول الصحيفة إن الحكم جاء بعد شهر من فشل الأميرين في ضمان طلب قانوني آخر في جعل تفاصيل النزاع القانوني المتعلق بشركة اف آي كول سرية. وكانت صحيفتي الفايننشيال تايمز والغارديان البريطانيتين عارضتا الحجج القانونية التي قدمت لجعل الإستماع لهذه القضية خاصا وغير علني.