في السادس عشر من آذار عام 1977 هوت رصاصات الإجرام لتغتال المعلم كمال جنبلاط، ذلك المارد الفيلسوف الذي عبر بإنسانيته الطوائف والمذاهب والأعراق وكان رائدا في نزاهة العمل السياسي. مواقف المعلم المبدئية هي التي أوصلته الى طريق الاغتيال. فهو أشد المناصرين للثورة الفلسطينية، وأبرز المنادين للديمقراطية في البلاد العربية، أول من طرح قانون النسبية للإنتخابات النيابية ودعا لإلغاء الطائفية السياسية، أسس الى جانب الرئيس الراحل فؤاد شهاب دولة المؤسسات فأنشئ التفتيش المركزي والضمان الاجتماعي ودشن أول عشر ثانويات رسمية في لبنان واقترح قانون من أين لك هذا.
في رثائه كتب الشاعر شوقي بزيع:" طال ترحالك ما عودتنا سفر أبى المساكين فارجع نحن ننتظر." ونحن نقول:" فما أصعب انتظار المستحيل، وما أضيق السياسة بدون من حل المحال وعبر فيها بفكره من فن الممكن الى فن صناعة المعجزات خدمة للإنسان
فهو الذي تعدى الحرف ومزجت روحه بين فلسفة اليوغا في الهند وفلسفة العقل المتخطي فلسفة التغيير- الماركسية والاشتراكية، زاوج المثالية والواقعية ليعبر نحو صيغة جديدة للديمقراطية الاجتماعية والانسانية، منطلقا من فلسفة العقل المتخطي فلسفة التغيير الجدليات، فولد منها ثورة في عالم الانسان وأبرق بشعاعه جوهر الإبداع ووحدة التحقق.
إنه كمال جنبلاط الإشتراكي المولود في عائلة إقطاعية، دخل الحياة السياسية باكرا فتحولت السياسة بحضوره من منصب للوجاهة الى وظيفة للخدمة
لقب بالأمير الثائر وبصانع الرؤساء، بيضاء كانت ثورته 1952 فأسقطت الرئيس بشارة الخوري، ومسلحة أتت ثورة العام 1958 لتسقط الرئيس كميل شمعون ومن خلفه مشروع أيزنهاور وحلف بغداد وتدحر الأسطول الامريكي السادس
أسس الحركة الوطنية ورأسها ووضع برنامجها الإصلاحي الى جانب الشهيد جورج حاوي والخالد محسن ابراهيم، حارب دخول النظام السوري الى لبنان عام 1976 ليغتاله نظام حافظ الأسد في السادس عشر من آذار 1977، إنه المعلم الذي كان أول من حطم قيود السجن العربي الكبير واليوم وبعد 36 عاما صدقت نبوءته في نفوس الشعب العربي... فحل المحال