لا حاجة لذكر الأسماء التي قصدها الرئيس الحريري والتي مهدت لطعنه أو أنها أمسكت بسكين الطعن طالما أن الطعن في خاصرة الوطن أكبر بكثير
 

كان واضحاً بأن جهة مقربة أو حليفة هي من طعنته في ظهره وعملت على تشويه علاقته بالمملكة العربية السعودية نتيجة مواقف ملتبسة من حزب الله خصم السعودية التي ينحاز إليها فريق لبناني يرى في إيران عدوة للبنان وللعرب.
 وكان الرئيس سعد الحريري سيبق البحصة الكبيرة لكنه أجلّها لميقات آخر رغم اعترافه بأن قلبه كبير ويتسع لخصومه إيماناً منه بأن البلد يحتاج الى الجميع دون استثناء.
من هوخصم الرئيس الحريري الذي شكاه واشتكاه للمملكة؟ سؤال عرف إجابته الكثيرون ممن تابعوا ملابسات استقالة الحريري وما بعدها من تريث أفضى إلى عودة ميمونة لحكومة ضامنة للإستقرار المهدد من لا أحد على الاطلاق إلاّ من الطبقة السياسية نفسها القادرة على إطلاق صفارة الموت أو إسكاتها بحسب الحاجة اليها.

إقرأ أيضًا: الحريري بعباءة سعودية وعمامة إيرانية
في العودة إلى الخصم الطاعن لخاصرة الحريري يتضح أن هناك انقلاب واضح على قيادة الحريري من قبل أطراف أساسية أو مهمشة من فريق 14 آذار نتيجة اختلافات متعددة الوجوه وطبيعة الحمية السياسية التي انتهجها الحريري والتي ابتعد فيها عن الشعارات الدسمة وقرر الاكتفاء بشعارات سهلة تقربه من السلطة ولا تبعده عن معارضة خجولة استنفدت كل وسائل القول لا الفعل في ظل توازن مخيف ومرعب لقوى لا تتهاون في موضوعات حرجة من أن تفعل ما تريد ليعيد الخصوم حساباتهم المُضلة في حقل ملغوم وكفيل بإحداث تفجيرات تهزّ كيان الجميع وترعب قوى لا تحتاج إلى أكثر من هزّة إصبع.
ما يهم هنا هو إعادة تموضع الحريري في وسط آخر وبشروط قبلها خصومه كونها تلبية ورقية طالما أن موازين القوى على ما هي عليه خاصة و أن الحسابات السورية الجديدة قد أفضت إلى ربح ملحوظ لمحور النظام وهذا ما جعل من حلفاء سورية ممسكين أكثر في القرار وأضعف من الأطراف المعادية للنظام وجعل منها أطراف تبحث عن وسيلة نجاة لتجاوز المرحلة خاصة وأن المجموعة الدولية قد تخلت عن المعارضة السورية لصالح مصالح روسية ومواقف معلنة من قبل حلفاء الهدنة الدموية في سورية - روسيا وتركيا و إيران - بعد أن اكتفت الولايات المتحدة الأميركية بوجود وحضور قيد الإنسحاب إذ ما نضجت تسوية عاقلة ما بين النظام والمعارضة.

إقرأ أيضًا: شعب وجيش ومقاومة وسعد الحريري
في ظل تقدّم النظام السوري تراجع دور المعارضين له ولهذا حساباته السياسية اللبنانية وهذا ما دفع الرئيس الحريري إلى ربط نزاعه مع حزب الله كما أسماه والإتفاق معه على دور حكومي ناشط في الحقل الداخلي وبما يتصل بالأمور والعناوين غير الخلافية أيّ أن حكومة التسوية حكومة مختصة بما اتفق عليه ولا دور لها في ما هو مختلف فيه وهذا تسييس جديد لسلطة محدد لها سلفاً دورها وهذا من العجب العجاب إذ لا يوجد تحت سقف هذا العالم سلطة منتقصة وغير كاملة ولها توصيف سياسي مُعين ومحدد من قبل جهات سياسية وفي ذلك تشريع عرفي لدور مؤسسة كفلها الدستور والقوانين وحدد لها وظائف الإدارة العامة للدولة وثمّة من ينظر لعملية الحدّ من دور السلطة الرسمية لصالح سلطات الواقع أيّ التخلي التدريجي عن مكونات رئيسة في الدولة خاصة وأن الخصخصة تبرر هذا النوع من التخلي.
من هنا لا حاجة لذكر الأسماء التي قصدها الرئيس الحريري والتي مهدت لطعنه أو أنها أمسكت بسكين الطعن طالما أن الطعن في خاصرة الوطن أكبر بكثير فمقياس معرفة الشيء هو في القدرة على الإحتواء والمعالجة بما يضمن السلامة العامة وليس المقصود بالمعرفة تلبية نزعة المعرفة التي تثير غرائز اللبنانيين كونها تدغدغ عصبياتهم السياسية والطائفية وتشعل من كبريت إختلافاتهم اليومية.