بعد العاصفة التي أثارها كلام وزير الخارجية جبران باسيل من الجبل قبل أسبوعين، إذ اعتبر أن المصالحة لم تتم وطريق إنجازها يكون بالسياسة وبالوصول إلى المجلس النيابي على أن تتعمّد بعد ذلك بالمساعدات والخدمات، اضطر باسيل إلى خطوة تراجعية. أسهم كثيرة صوّبت نحو باسيل من قبل مسيحيين قبل الدروز لما وصفوه بأنه محاولات لنبش الماضي وقبوره في سبيل تحقيق مكتسبات انتخابية ومقاعد نيابية، عبر شد العصب المسيحي.

استفز كلام باسيل كثيرين، لكن الدروز أصروا على الصمت وعدم إثارة الموضوع لعدم زيادة تداعياته، كان ذلك بتوجيهات مباشرة من النائب وليد جنبلاط، الذي قرأ الأمر بهدوء، واعتبر أن الردّ على هذا الكلام بنفس الطريقة سيؤدي إلى مزيد من الشحن. بالتالي، سيحقق باسيل مراميه أولاً، وثانياً يكون جنبلاط قد أهدر إنجازاً كبيراً حققه قبل سنوات مع قوى مسيحية أخرى. لذلك، جاءت الردود من الفعاليات المسيحية، التي رفضت منطق باسيل وما يريد إشاعته، فشكل هؤلاء عامل ضغط سياسي وشعبي على وزير الخارجية وتياره.

في موازاة هذا الضغط، أوصل بعض حلفاء التيار الوطني الحر من الدروز، أنهم أكثر المحرجين من كلام حليفهم وزير الخارجية. فقد أصبحوا بين نارين، نار السكوت عن ذلك وتحميل الدروز مسؤولية ما حصل، وبالتالي فإن ذلك سيرتد عليهم سلباً في الانتخابات، ونار الرد على باسيل والإصطدام به على أبواب الانتخابات النيابية، وما سيكون لذلك من إنعكاسات سلبية على التحالف الانتخابي بينهما، أو على المزاج المسيحي المؤيد لباسيل والذي قد يعارضهم انتخابياً.

ودخل حزب الله على الخطّ، بهدف إصلاح الموضوع، وأوصل رسالة إلى باسيل مفادها أنه من الضروري العودة خطوة إلى الوراء وإعلان التمسك بالمصالحة وخيارها، لعدم إثارة نعرات طائفية في الجبل أو غير الجبل. ما دفع باسيل بعد أيام قليلة من إعلانه موقفه إلى توضيحه، بأن ما كان يقصده هو تعزيز المصالحة وحمايتها من خلال منح المسيحيين حقوقهم السياسية وغير السياسية في الجبل.

هذه الخطوة، استكملها باسيل بالأمس من خلال توجه وفد من التيار ضم القياديين في التيار إيلي حداد وبول عون إلى كليمنصو، حيث التقيا النائب وائل أبو فاعور وامين السر العام في الحزب التقدمي الإشتراكي ظافر ناصر. وقد نقل الوفد دعوة للنائب وليد جنبلاط واللقاء الديمقراطي للمشاركة في زيارة رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل إلى الشوف، مبدياً الحرص على أن تكون الزيارة جامعة كل أطياف الجبل، فيما أكد الوفد الإشتراكي للوفد ترحيب جنبلاط بالزيارة والمشاركة فيها من قبل أبناء المنطقة بما يعزز ويكرس المصالحة.

وتشير مصادر متابعة للقاء أن البحث تركز على ضرورة تخفيف التوتر في هذه المرحلة، لا سيما بشأن الوضع في الجبل، مع تأكيد الإشتراكي على أنه حريص على المصالحة وتمثيل المسيحيين والحصول على حقوقهم. وهو ما تجلّى في قانون الانتخاب. فيما أكد وفد التيار أنه حريص على عدم فتح جروح الماضي.

عليه، فإن باسيل سيستكمل جولاته الانتخابية التي يقوم بها منذ فترة بشكل أسبوعي إلى مختلف المناطق اللبنانية حيث ستكون محطّته المقبلة في الشوف. وتكشف المصادر أن الإشتراكي سيرسل ممثلين عنه إلى اللقاءات التي سيعقدها باسيل، وأن الدروز حريصون على الإنفتاح على كل الأفرقاء، والجميع مرحّب به في الجبل. رغم بعض الإمتعاض لدى بعض الفئات الدرزية من كلام باسيل.