بعد عام ٢٠٠٥ خلت الساحة لحزب الله، الذراع الإيرانية الطولى والفاعلة
 

أولاً: تصريحات الشيخ روحاني المثيرة للجدل

عندما يقول الشيخ حسن روحاني بأنّ المنطقة الممتدة من العراق حتى شمال إفريقيا بما فيها الخليج " الفارسي" وسوريا ولبنان هي في دائرة النفوذ الإيراني، وأنّ هذه الدول لا تستطيع القيام بأي فعل دون الأخذ بالمصالح الإيرانية بعين الإعتبار، فهو في ذلك، لا ينطقُ عن هوى، فالنفوذ الإيراني واقعة جيو - سياسية، وحضور عسكري وأمني واضح، مع التدخلات السياسية والدبلوماسية المرافقة لذلك، وهذه ربما من مستلزمات التوسُّع الإمبريالي لدولة إقليمية بحجم إيران، ولعلّها من طبائع الأمور وعوائد المُلك والسلطان بلُغة إبن خلدون.

إقرأ أيضًا: مرزوق الغانم في مؤتمر البرلمانيين الدولي... العربُ الأقحاح

ثانياً: لبنان في دوامة التجاذبات الخارجية

منذ الإنتداب الفرنسي عام ١٩٢٠ والذي رافق نشأة دولة لبنان الكبير، لم يسلم لبنان من وطأة النفوذ الخارجي، فبعد إنتهاء ولاية المندوب السامي الفرنسي ونيل البلد إستقلاله أواسط الخمسينيات من القرن الماضي، وقع لبنان في دائرة التجاذب بين الشرق " العربي" والغرب " الفرنسي والإنكليزي"، وتسببت حرب السويس وقيام حلف بغداد باندلاع أول حرب أهلية عام ١٩٥٨، واستطاع الرئيس الراحل اللواء فؤاد شهاب أن يُجنّب لبنان ويلات التدخلات الأجنبية بمهادنة تاريخية مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، ممّا سمح بعد ذلك لتعاظم دور مصر في السياسة اللبنانية، وأصبح لدور السفير المصري أثراً واضحاً في مجريات تلك السياسة، واستمرّ الوضع على هذا المنوال حتى سبعينيات القرن الماضي، حين دخل العامل الفلسطيني المسلّح بقوّة وقلب الأمور رأساً على عقب، وتسبب السلاح الفلسطيني باندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، ليدخل بعد ذلك العامل السوري الذي تحول إلى شبه احتلال، وأعقبه الإحتلال الإسرائيلي، وفي خضمّ الحرب الأهلية والاحتلال الإسرائيلي، وصعود نجم الجمهورية الإسلامية في إيران، واندلاع حرب الخليج العراقية - الإيرانية، دخل العامل الإيراني إلى لبنان، وتحمّل عبء مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير الجنوب عام ٢٠٠٠، لينسحب بعد ذلك السوريون من لبنان عام ٢٠٠٥ ، وتخلو الساحة لحزب الله، الذراع الإيرانية الطولى والفاعلة.
لعلّ الكلام المفيد في هذا الصدد، أنّ لإيران مصالح حيوية واستراتيجية "مشروعة" في هذه المنطقة الحسّاسة من العالم، ومن حقّها وواجبها حمايتها والدفاع عنها، وذلك لا ينفي ولا يلغي مسؤلية تلك الدول التي ذكرها سماحة الشيخ الرئيس من أن تتلمّس مصالحها وتتعرف على حقوقها وواجباتها "المشروعة" والمُقدّسة في نهاية المطاف.