البكَّاءون على الوطن رفعوا مجددًا شعارات سلاح حزب الله غير الشرعي المستهلكة وقد أكلها دود سعد الحريري
 

لم تكن جلسات الموازنة في المجلس النيابي إلا مجرد إستعراض فلكلوري اعتاد عليه اللبنانيون مذ أن تحوّل المنبر النيابي إلى منبر غير مسؤول في كثير من العناوين والقضايا لنواب زرعوا على كراسي المجلس زراعة بعلية إذ لا أحد من الناس يعرف أكثرهم، فهم في الحقيقة انتخبوا لوائح معدّة سلفًا من قبل أرباب الطوائف دون إمعان النظر في هويات النوّاب الذين وصلوا المجلس من قبل أن تُفرج صناديق الإنتخابات عن أسماء الفائزين من المرشحين بقوّة الطائفة المملوكة لصاحبها الرئيس.
أمس رغم أن طقس المناخ في لبنان كان صحوًا وجميلًا كان الطقس السياسي في المجلس النيابي ملبدًا بغيوم الطوائف وحاجتها لمطر يعيد لها ما فقدته من رونق الحياة بعد أن مات فيها زرع الوطن وباتت بباب شباب لا يعرفون من جنّات طوائفهم ومذاهبهم سوى القبور التي يسكنونها طوعًا أو كرهًا لا فرق طالما أن نتيجة الموت واحدة فبدا تيّار المستقبل ملبدًا بالغيوم والهموم الإنتخابية وحزب الله يجرّ المطر السوري إلى أرض لبنان بفعل صاروخ طائش وضرير لا يصيب الطائر العدو بالقدر الذي يُصيب فيه أهداف أخرى جعلت من البكَّائين على الوطن يرفعون مجددًا شعارات سلاح حزب الله غير الشرعي المستهلكة وقد أكلها دود سعد الحريري عندما قرر وضع الخلاف مع حزب الله جانبًا والإلتفات إلى مصالح الإستقرار السياسي.

إقرأ أيضًا: ماذا سيفعل حزب الله إن وضع الحرس الثوري على قائمة الإرهاب؟
كان يأمل بعض المتأملين خيراً بنوابهم فيكونوا على مستوى الأمانة وعلى مستوى الأزمة في لبنان ولكن من الصعب الرهان على أمناء وفدوا من خارج الأمانة ومن الصعب أيضًا الرهان على من أتاح فرص هلاك لبنان إقتصاديًا وسياسيًا وإجتماعيًا أن يكون هو الحل المنشود لا شيء يطمئن بأن المناخ السياسي في لبنان سيشهد إنفراجاً ما طالما أن هذه الطبقة السياسية في واد غير واد وهي تمعن في سلب ما أمكن من أمل لتصحيح المسار السياسي في لبنان بالالتفات إلى إحتياجات الناس لوقف انحدار لبنان نحو الهاوية السحيقة.
هنا لا نلقي المسؤولية فقط على من بيدهم السلطة بل إن المسؤولية تقع على عاتق كل مواطن فقد أهليته الوطنية واستُلحق بالجماعة السياسية أو الطائفية وبات أسير مصالح لا تعكس مصالحه بالقدر الذي تعكس فيه مصالح طبقة مهمومة بشهيات لا تنتهي من المال إلى السلطة وقد انحدر البعض منهم إلى مشتهيات أخرى يعيد فيها التوازن إلى الطبيعة من خلال تعزيز ساحات الحروب وقتل ما أمكن من الناس تحت مسميات متعددة لا تنتهي بإنتهاء أسبابها بل تبقى على استعداد دائم لإتاحة ولادات جديدة تعطي الموت ما يحتاجه من الحياة.

إقرأ أيضًا: كريستينيا صويا والمال الحلال على OTV
لا تجد مواطنًا صاحيًا ملتفتًا لنمط حياته ولفرصته الوحيدة في الحياة بل يحوط السكر ويدور برؤوس الناس فتراهم لا يتقنون سوى فنون السب والشتم واللعن والتهوين والتخوين لمن يختلف معهم في حرف لا في كلمة والكثير منهم من العاطلين عن العمل وهم حرس هذه الطبقة السياسية التي حرمتهم من كل شيء وجعلت منهم مجرد طبّالين لأهل الفنّ السياسي وهذا ما كرّس جوًا ملبدًا بأبشع الغيوم السوداء وهي لا تفارق البلد وتبقى قائمة فيه وتتسع دوائرها باستمرار من خلال بشر عطلوا عقولهم ووهبوها لهذا وذاك من أصنام الإنس والجنّ.
ستبقى محاولات كشف المناخ السياسي في لبنان لإيجاد فرج ما مهمّة صعبة كون ما فيه محروساً جيداً ومن قبل فقهاء وسُفهاء كما جاء في الخبر: "لا بُدّ للحاكم من فقيه يُرشده ومن سفيه يعضُدُه" وهذا ما عطل ويعطل باستمرار محاولات الإصلاح عبر التاريخ وبقيّ السائد بكل محمولاته وأدواته المُستبدة هو الحاكم القائم بإسم إلهيّ السُفهاء والفقهاء وهذا ما عانت منه شعوب الأرض عبر التاريخ وهذا ما عانينا منه ومازلنا ندفع أثمانه الغالية في لبنان إذ لم تود الحرب الأهلية إلاّ لمزيد من الحروب التي صنعت لنا آلهة جديدة ولم تأت لنا بغُنُم واحد بل بقيّ الغُرُمُ وحده العملة السائدة لشعب يصرف منه كل يوم ما يحتاجه من كره وبغض وفتك وسفك وهو يحسب أنه يحسن صنعًا.