إلغاء قانون الضرائب وضع رواتب الموظفين في مهب الريح

 

المستقبل :

إذاً، أبطل المجلس الدستوري قانون تمويل سلسلة الرتب والرواتب، فماذا بعد؟ الكرة تعود مجدداً إلى الملعب التشريعي لسدّ الثغرات الدستورية التي شابت القانون 45 والمجلس النيابي في هذا الملعب سيّد نفسه فإما يصحّح الخلل بتعديلات موضعية تراعي الأصول والمتطلبات الدستورية أو يقرّ قانوناً جديداً يحلّ مكان القانون الذي أبطل «الدستوري» مفاعيله. وبما أنّ «السلسلة» لا تزال نافذة بقوة الحقوق والقانون ومفعولها لا يزال سارياً وموجب التطبيق، فإنّ تعليق تمويلها يضع ميزانية الدولة أمام مأزق مرحلي حرج لا بد من تضافر القوى والجهود للخروج منه باعتبارها مسؤولية تقع على عاتق الجميع بحكم المصلحة الوطنية الجامعة في وجوب إنصاف الحقوق المزمنة لموظفي القطاع العام من دون الإنزلاق نحو «يوننة» لبنان وما يعنيه هذا المصطلح من مخاطر ومحاذير تفليسية على الخزينة العامة.

وفي حين بادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري المعني الأول بقرار المجلس الدستوري إلى تلقف الكرة برحابة قانونية من خلال تأكيد احترامه هذا القرار القضائي وعزمه تالياً شروع المجلس في «معالجة المشكو منه» تشريعياً، كذلك فإنّ مصادر حكومية شددت لـ«المستقبل» على أنّ «مجلس الوزراء مؤتمن على الدستور وبالتالي فهو يمتثل لقرار إبطال قانون تمويل «السلسلة» امتثالاً واحتراماً منه للقرارات الدستورية، تماماً كما هو مؤتمن أيضاً على تطبيق القوانين النافذة بما فيها قانون «السلسلة» الصادر عن المجلس النيابي». 

وإذ أشارت إلى كون «الحكومة حريصة على مصالح كل اللبنانيين وعلى تعزيز وتأمين التوازن بين تلبية هذه المصالح وبين المحافظة على الاستقرارين النقدي والمالي في البلاد»، دعت المصادر من هذا المنطلق مختلف الأطراف والقوى إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية إزاء موضوع تأمين البدائل المتاحة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، مشددةً في هذا الإطار على ضرورة النظر إلى هذه القضية الوطنية بعين المسؤولية المنزّهة عن أي حسابات فئوية أو سياسية.

وفي هذا السياق، استنفر رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري قنوات اتصالاته ومشاوراته على مدار ساعات الأمس ولفتت مصادره إلى أنه ألغى كل مواعيده ابتداءً من الظهر ليتفرغ إلى «عقد اجتماعات مفتوحة خصصت لبحث تداعيات قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الصادر عن المجلس النيابي لتمويل سلسلة الرتب والرواتب»، كما أجرى سلسلة اتصالات سياسية أفضت إلى التوافق على عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء الإثنين المقبل في السراي الحكومي، للتداول في المستجدات.

 

الديار :

ابطال المجلس الدستوري للقانون رقم 45 المتعلق باستحداث ضرائب بغية تمويل سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام لا يمكن الا ان تكون له تداعيات خطرة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي اضافة الى السياسي، واحداث بلبلة وفوضى في الحكومة والمجلس النيابي اللذين عليهما ان يفتشا عن مخارج لا تزيد الامور تعقيدا وتعيد الدولة الى الوراء من خلال الكلام التصعيدي الذي صدر عن هيئة التنسيق النقابية.
1- ابطال قانون الضرائب يعني ان تبحث الحكومة عن حلول اخرى تقي الخزينة المزيد من العجز، وتعطي اصحاب الحق الذين يتجاوز عددهم الـ 250 الف موظف في القطاع العام رواتبهم على اساس الزيادة الجديدة لانه لم يتم الطعن بقانون السلسلة رقم 46 وهذا ما سيؤدي الى الزام الحكومة تأمين هذه الرواتب في نهاية الشهر الحالي ... الا اذا تم تعليق قانون السلسلة بانتظار تأمين الايرادات له.
وهذا الامر له تداعياته خصوصا ان هيئة التنسيق النقابية التي ناضلت اكثر من خمس سنوات لإقرار قانون السلسلة لن ترضى بهذا التدبير وستتجه الى التصعيد بعد ان وصلت اللقمة الى فم الموظف فقد عمد البعض منهم الى الاستدانة على راتبه الجديد الذي لم يصل الى جيبه بعد، واضطر البعض الاخر الى دفع الزيادة للاقساط المدرسية رغم ان وزير التربية حذر المدارس من اي زيادة، اضافة الى ان العديد من المؤسسات رفعت اسعارها.
وقد دعت هيئة التنسيق النقابية وزير المال الى اصدار قرار صرف الرواتب والاجور ومعاشات التقاعد وفق القانون الجديد والا ستتجه الى تصعيد غير مسبوق.
2- تستطيع الحكومة في هذا الإطار تأمين الموارد اللازمة لتغطية كلفة السلسلة من خلال: الاستدانة ريثما يتم ضم الموارد الضريبة التي ستعود الحكومة وتقرها الى مشروع موازنة العام 2017 ضمن شمولية هذه الموازنة من خلال استعمال جزء من اموالها في حساب رقم 36 في مصرف لبنان، او من خلال الاستدانة من مصرف لبنان نفسه.
3- تتحسب مصادر اقتصادية مطلعة ان التأخير في المعالجة قد يتسبب بزيادة العجز في الموازنة، مما ينعكس حاليا على التصنيف الائتماني للدولة خصوصا ان بعثة صندوق النقد الدولي التي حضرت الى لبنان الاسبوع الماضي اثنت على اقرار المجلس النيابي الايرادات الضريبية الجديدة التي تؤمن تكلفة السلسلة وتخفف العجز في الموازنة.
احد المديرين العامين في الدولة وصف ما يجري بأنه «حفلة جنون» خصوصا بربط الموازنة بقطع الحساب وادخال المواد الضريبية بمشروع الموازنة متسائلا كيف ان الضرائب التي اقرت في السنوات الماضية من قانون ضريبة الدخل او قانون الضريبة على القيمة المضافة، هل اقرت ضمن الموازنة او بإقرار هذه الضرائب منفردة رافضا التأكيد على امكانية ان يقبض الموظفون والاساتذة الرواتب على القانون الجديد او على اساس الرواتب القديمة.
لكنه اعتبر ان قرار المجلس الدستوري في ابطال القانون 45 قد يسرّع في اقرار مشروع موازنة العام 2017 كما كان يطالب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بضم هذه الايرادات الى الموازنة خصوصا ان وزير المال طالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء لمناقشة قرار ابطال قانون الضرائب وتداعياته وتحمل المسؤولية في ما خص قانون السلسلة وايجاد البدائل اللازمة.
مصادر اقتصادية اعتبرت ان الضريبة على ارباح المصارف الاستثنائىة من جراء الهندسات المالية لمصرف لبنان امنت للخزينة 1135 مليار ليرة، وهي تعتبر كافية لتأمين كلفة السلسلة لكنها ذكرت ان هذه الاموال دخلت الخزينة ضمن مشروع موازنة العام 2017.
وعلى الرغم من ان المصارف والمهن الحرة قد حققت انتصارا في رد قانون الضرائب خصوصا في ما يتعلق بالازدواج الضريبي فإن الاسراع في تطبيق قرار المجلس الدستوري يبقى الحل الامثل كتأمين ايرادات جديدة وادخالها ضمن مشروع موازنة العام 2017 او الاستدانة بانتظار الحل المنشود الذي لا يمكن ايجاد بديل عنه وهو تأمين ايرادات للسلسلة والبحث عن الوفر الذي امّنه رئىس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان.
الخبير الاقتصادي غازي وزني فند لـ«الديار» هذا الموضوع فاعتبر ان الحكومة ملزمة ان تدفع الرواتب والاجور وفق الجدول الجديد اعتباراً من نهاية ايلول حيث تبلغ الكلفة الاضافية 110 مليار ليرة شهرياً.
يعود ذلك لان المادة 20 من قانون 46 المتعلق بالسلسلة ينص على ما يأتي : يجاز للحكومة فتح الاعتمادات اللازمة لتنفيذ احكام هذا القانون الذي ينفذ حكماً بعد شهر.
فان رفض الحكومة دفع الرواتب الجديدة يترتب عليها مخالفات قانونية وملاحقات من قبل موظفي القطاع العام.
وان المادة 27 من قانون المحاسبة العمومية (فتح الاعتمادات الاضافية وتغطيتها) تنص: تغطى هذه الاعتمادات الاضافية بطريقة النقل من بنود اخرى او من باب احتياطي الموازنة، او اخذها من مال الاحتياط او بمواد جديدة.
في حالتنا الحالية فان تغطية الاعتمادات الاضافية تتم من خلال زيادة الاستدانة ما يتسبب بزيادة العجز في الموازنة العامة وهذه التغطية يمكن ان تتم باستعمال الحكومة اموالاً لديها في حسابها في مصرف لبنان رقم 36 الذي يسجل رصيد دائن او ايجابي بقيمة 8800 مليار ليرة، او عبر الاستدانة مباشرة من مصرف لبنان.
تقدم الحكومة بمشروع قانون جديد معجل مكرر للموارد الضريبية اخذة في عين الاعتبار الملاحظات والاسباب التي ابطلت القانون القديم ولا سيما المتعلق بالمادة 83 من الدستور الذي ينص على شمولية الانفاق والايرادات، اي على ضم جميع الموارد الضريبية على مشروع موازنة العام 2017.
اما التأخير في المعالجة فقد يتسبب بزيادة العجز في الموازنة العامة بقيمة 100 مليار ليرة شهرياً، لا سيما ان العجز مقدر بحوالى 9 في المئة من الناتج المحلي في العام الحالي ما ينعكس حالياً على التصنيف الائتماني للدولة ولاحقاً ضرورة رفع معدلات الفوائد. وعلى الحكومة عند التقدم بمشروع القانون الضريبي الجديد ان تأخذ بعين الاعتبار تصريح رئيس لجنة المال النيابية النائب ابراهيم كنعان في تحقيق وفر في الموازنة العامة بقيمة 1000 مليار ليرة وذلك يتيح لها الغاء بعض الايرادات الضريبية التي تستهدف مباشرة او بشكل غير مباشر المواطنين.
ان ابطال المجلس الدستوري المادة 11 من قانون المواد الضريبية رقم 45 المتعلق بمعالجة مخالفات الاملاك العمومية يتيح للحكومة استبدال هذه المادة بأخرى جديدة تتعلق بتسوية مخالفات الاملاك العمومية البحرية التي توفر ايرادات مقدرة بـ2000 مليار ليرة لمرة واحدة، اضافة الى بدل سنوي لهذه المخالفات للاملاك البحرية والمقدرة بـ250 مليار ليرة.
وتجدر الاشارة الى ان غالبية الاجراءات الضريبية المرصودة في قانون 45 سوف تعود في القانون الجديد باستثناء المتعلق بالازدواجية الضريبية والاملاك العمومية البحرية وذلك بعد اقرار المجلس النيابي مشروع القانون المكرر المعجل الجديد المقدم من الحكومة.
في المقلب الاخر نوّه رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير بقرار المجلس الدستوري واصفاً إياه بـ «الخطوة التاريخية التي أنقدت لبنان وحمته من مأزق اقتصادي».
وقال شقير في بيان: إننا كقطاع خاص نؤمن إيماناً عميقاً بدولة القانون والمؤسسات، باعتبارها المرجع الوحيد لتسيير أمور الناس بشكل عادل ومنتظم»، معتبراً أن «قرار المجلس الدستوري أكد أهمية فصل السلطات الذي من شأنه في نهاية الأمر وضع الأمور في نصابها بما يخدم مصالح البلاد العليا».
وأمل في أن «يشكّل هذا القرار، صدمة إيجابية لدى أهل السياسة، وأن يتيح للسلطة السياسية بكل مؤسساتها، مساحة كافية من الوقت لإعادة درس كل الامور بعيداً من الضغوط، بما يحفظ حقوق الجميع ويساهم في نهوض البلد على مختلف المستويات، لا سيما اقتصادياً واجتماعياً».
على أي حال قد يكون قرار المجلس الدستوري بتعليق قانون الضرائب سببا لإعادة درس كيفية الحصول على ايرادات جديدة، او «تطيير» السلسلة الى ما بعد الانتخابات النيابية، او زيادة غلاء المعيشة لموظفي القطاع العام.

 

الجمهورية :

صَدم المجلس الدستوري الواقع الداخلي بإبطال القانون الضريبي الموازي لسلسلة الرتب والرواتب. وبمعزل عمّا إذا كانت هذه الصدمة إيجابية برفع سيف الضرائب عن رقبة الناس، أو سلبية تهدّد مصير السلسلة ورواتب الموظفين المنتظرة على أساسها، فإنّ هذه المسألة برمَّتها قد عادت إلى المربّع الأوّل، وعادت السلسلة لتلتفّ على رقبة البلد، وها هو التلويح بالخطوات التصعيدية قد بدأ، وحُشِرت الحكومة وكذلك المدافعون عن الضرائب في زاوية البحث عن مخارج للمأزق الذي دخَل فيه البلد.

السؤال الذي توَلّد فور إبطال القانون الضريبي، ما هو مصير السلسلة التي اصبحت نافذة، ويفترض ان يتقاضى الموظفون رواتبهم الجديدة آخر الشهر الجاري على اساس الجداول الجديدة؟ وإنْ تقرّر السير بقانون السلسلة فكيف ومن أين ستموّل وتتأمّن التغطية لأكلافها؟

عملياً، ومع سقوط القانون الضريبي بالضربة القاضية بقبضة المجلس الدستوري، لا نفعَ للبكاء على الميت، ولا لأيّ محاولة للهروب الى الامام وتغليب العامل السياسي على كل ما عداه وإلقاء اللوم على المجلس الدستوري بأنه كان قاسياً جداً في حكمه، وعلى مقدّمي الطعن وتحميلهم مسؤولية إدخال البلد في هذة «اللبكة» الصعبةِ الاحتواء.

بل إنّ حساسية الموضوع تستوجب بالحد الادنى اعلانَ حالة طوارئ حكومية سريعة لاستدراك الامر، وهذا يتطلب مقاربة جديدة واستثنائية لهذا الملف.

وعملياً وواقعياً ايضاً، فإنّ الحكومة، ومع إبطال القانون الضريبي صارت واقعة بين فكّي كمّاشة يضغطان عليها بقوّة، من ناحيةٍ قانون السلسلة النافذ وعدم قدرتها على النفاذ منه، ومن ناحيةٍ ثانية وضعُ الخزينة. فإنْ قرّرت تجميد العمل به فهذا معناه الاصطدام بأصحاب الحقوق والمستفيدين والموظفين في كل القطاعات الرسمية وفي مقدّمهم المعلمون.

وإنْ قرّرت الاستمرار بالسير به ودفع رواتب المستفيدين من السلسلة على الاسس الجديدة، فهذا معناه الاصطدام بالواقع الصعب للخزينة المرهقة وزيادة اعباء عليها، فيما هي لا تستطيع تحمّلَ ايّ اعباء من ايّ نوع، علماً انّ تحذيرات متتالية تتصاعد منذ فترة، من قبَل رجال مال واقتصاد، حيث نبّهوا من بلوغ الوضع الاقتصادي مستويات شديدة السلبية، ما لم تبادر الجهات المعنية في الدولة الى اتخاذ خطوات وإجراءات علاجية وشفائية مستعجلة في العديد من القطاعات الحساسة.

وإذا كانت الحكومة قد استسهلت في إعداد القانون الضريبي مدَّ اليدِ على جيوب الناس، فإنّ قرار المجلس الدستوري يفرض عليها ان تحوّل مسارَها في الاتجاه الذي يوصل الى المصادر الحقيقية والفعّالة لتمويل اكلاف السلسلة، وما عليها في هذه الحالة الّا ان تتّخذ القرار بولوج كلّ المحميّات المقفَلة والغرف السياسية التي تُدار فيها عمليات الهدر والنزف والصرف في كلّ الاتّجاهات والصفقات واختلاس اموال الدولة في ظلّ فوضى مستشرية في كلّ إدارات الدولة والفساد الرهيب الذي يجتاح كلّ المفاصل من دون استثناءِ ايّ مؤسسة أو قطاع. الّا إذا كان التوجّه هو الهرولة نحو الباب الأقرب لاستدراك ما حصَل عبر تضمين الموازنة الحاليّة السلّة الضرائبية التي أبطلها المجلس الدستوري.

جلسة استثنائية
الواضح أنّ قرار المجلس الدستوري احدثَ صدمة قوية اهتزّت معها كلّ المستويات السياسية، وخصوصاً رئيس الحكومة سعد الحريري الذي يبدو أنه استشعَر انّ حكومته تقف امام اختبار صعب، ولهذا بادرَ الى إلغاء كلّ مواعيده ابتداءً من ظهر امس، وعَقد اجتماعات مفتوحة خُصّصت لبحثِ تداعيات قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الضريبي.

كذلك أجرى سلسلة اتصالات سياسية أفضَت إلى التوافق على عقدِ جلسة استثنائية لمجلس الوزراء الإثنين المقبل في السراي. (وعلمت «الجمهورية» أنّ اتصالات جرَت مساء أمس لتقريب عقد الجلسة من الإثنين الى موعد آخر لتُعقد برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون).

وفي السياق ذاته، اندرَج موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي اكتفى بالقول: «ما صَدر عن قضاء يُحترم ولو أنه أتى لمصلحة المصارف، وعلينا الآن معالجة المشكو منه».

من جهته ، اجرى وزير المال علي حسن خليل (الذي سيتوجه الى الولايات المتحدة الاميركية قريبا لعقد اجتماعات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي) اتصالات بالرؤساء عون وبري والحريري لتدارس خطوات ما بعد القرار، وتم الاتفاق على انه اذا ما اتخذت الحكومة والقوى السياسية اي قرار فإنه سيكون بالاجماع.

وعلم ان وزير المال اكد ان فريقه السياسي يرفض ان يتحفظ اي مكون سياسي داخل الحكومة على القرارات التي قد تتخذ. واذا ما تقرر تعليق السلسلة فإن الاجراءات الادارية ستكون معقدة وتستدعي 15 يوماً للعودة الى البرامج الادارية القديمة، ما سيؤخر صرف الرواتب وفق الرواتب القديمة لمدة اسبوع من الشهر المقبل، وهذا يعني اننا ادخلنا البلد في أزمة.

رواتب أيلول
وعلمت «الجمهورية» أنّ اجتماعاً سيُعقد اليوم في وزارة المال، الثالثة بعد الظهر، َيحضره ممثلون عن كلّ الكتل النيابية المشاركة في الحكومة. وفي السياق قال وزير المال لـ«الجمهورية»: بالنسبة إلى وزارة المال، فإنّ المبلغ الماليّ لتغطية الرواتب لشهر أيلول مؤمّن، إنّما صرفُه يحتاج الى تغطية قانونية.

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: لا إمكانية لإبطال صرفِ السلسلة قبل 25 أيلول، الذي هو موعد البدءِ بالصرف، وبالتالي فإنّ البدء بصرفِ هذه السلسلة سيضعُ القوى السياسية أمام احتمالين، إمّا تعديلات تدخِلها الحكومة على قانون الضرائب ويقرّها المجلس النيابي، وإمّا تقديم اقتراح معجّل مكرّر الى مجلس النواب يتضمّن تعليقَ العمل بالسلسلة لمدّة شهر إلى حين إجراء التعديلات وإقرار قانون الضرائب

تباينات
وسار مقدّمو الطعن على خط آخر، حيث تعاطوا مع قرار المجلس الدستوري كانتصار سياسي لهم، وقد اعتبَره حزب الكتائب ثورةً دستورية على الغرف المغلقة ومنطق الصفقات والتسويات التي حوّلت الدستور الى «ممسحة». فيما استوجبَت التغريدة التهكّمية للنائب وليد جنبلاط التوقّفَ عندها، حيث قال فيها: «بما أنّ أزمة جديدة تطلّ على البلد، فاستعينوا بالخوخ البرّي بالياباني Amonbouchi ففيه الفيتامين c ليساعد في الرسوم الجديدة».

لكنّ العلامة النافرة في هذا الموضوع، تجلّت في مسارعة قوى سياسية فاعلة الى لحسِ موافقتِها وتصويتها على القانون الضريبي في مجلس النواب، ومحاولة الخروج من الإحراج الذي أصابَها، بالهروب الى الامام عبر الإعلان أنّ إبطال القانون الضريبي يعبّر عن المنحى الذي كانت تسلكه والهدف الذي توَخّته.

وأيضاً عبر إلقاء المسؤولية على مراجع سياسية على نحوٍ ظهَّر الإعلامُ القريب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اعتبر أنّ قرار المجلس الدستوري «أنصَف رئيس الجمهورية، وأعاد تكرار ما قاله سابقاً الرئيس بأنّ القانون المطعون فيه صَدر في غياب الموازنة وخارجها وخالف مبدأ الشمول، وللمزيد من إنعاش الذاكرة حول هذا الموضوع لا بدّ من التنبيه الى أنّ رئيس المجلس النيابي هو مَن كان مصِرّاً على إقرار السلسلة قبل الموازنة».

إرباكات وتعقيدات
وفي تقييمٍ لقرار المجلس الدستوري، فإنه أحدثَ زلزالاً سياسياً واقتصادياً، وبدا واضحاً أنه خلّفَ وراءه إرباكات لأكثر من طرف. وظهر وقعُ الصدمة من خلال ردّات الفعل الاولى، وفي مقدّمها ما أعلنَه وزير المالية علي حسن خليل، من انّ قرار المجلس الدستوري يستحقّ عقد جلسةٍ طارئة لمجلس الوزراء.

وكان واضحاً منذ صدور القرار، انّ الجدل سوف يتركّز على السؤال المحوري التالي: هل ستمضي الدولة قدماً في تنفيذ قانون سلسلة الرتب والرواتب في معزل عن قرار إسقاط قانون الضرائب المخصّص لتمويل السلسلة؟

في الواقع، هناك اربعة زوايا للإجابة عن هذا السؤال، وهي:

قانونياً: لا علاقة لقانون السلسلة بإسقاط قانون الضرائب، وبالتالي، خبراء القانون يَجزمون بأنّ قانون السلسلة قائم ولم يُمسّ ولا تستطيع الدولة إيقافَه بذريعة تعطيل قانون الضرائب. (ص11)

مالياً: تعاني المالية العامة كما هو معروف من صعوبات وتعقيدات متداخلة، والاستمرار في تنفيذ قانون السلسلة بلا ضرائب لزيادة الإيرادات يعني المزيد من العجز ومن نموّ الدين العام، وزيادة المخاطر الماليّة التي إذا تجاوزت الخطّ الأحمر تشكّل خطراً على كلّ اللبنانيين في حياتهم ومستوى عيشِهم.

كذلك قد يؤدّي قرار زيادة الإنفاق إلى خفضِ تصنيف لبنان الائتماني، وهذا الوضع يهدّد بزعزعة بنية الفوائد، ويؤدي الى ارتفاعها، مع ما يعني ذلك من مفاعيل سلبية على مجمل الاقتصاد.

سياسياً: الاستمرار في السلسلة يعني إعطاءَ ورقة إضافية رابحة لمقدّمي الطعن، وفي مقدّمهم حزب الكتائب، إذ إنّ المستفيدين من إلغاء الضرائب سيكونون مرتاحين، وكذلك من يستفيد من السلسلة. في حين انّ وقفَ السلسلةِ قد يخفّف من وهج «الانتصار» الذي تَحقّق.

شعبياً: هناك معضلة في وقفِ السلسلة بعدما اصبحَت أمراً واقعاً. وإذا كانت الشريحة الكبيرة المستفيدة منها قد سبقَ ونزلت الى الشارع من اجلِ إقرارها، فإنّ وقفها اليوم، بعدما اصبحَت «اللقمة في الفم»، سيتسبَّب بردّات فعلٍ عنيفة، عبّرت عنها مسبقاً بيانات هيئة التنسيق النقابية، وموقف رئيس الاتحاد العمّالي العام.

هذه الإشكالية المعقّدة ستكون الحدثَ الذي سيَخطف الانظار في الايام المقبلة، بانتظار قرار سياسي مطلوب للخروج من المأزق. وربّما يبدو الحلّ الافضل، من خلال تسريع إقرار الموازنة، بعد إنهاء عقدة قطعِ الحساب.

تبقى الاشارة الى انّ التمويل المؤقّت للسلسلة، بانتظار المعالجة عبر الموازنة، ينبغي ان يكون متوفراً، ما دامت الضرائب الاستثنائية التي دفعتها المصارف عن الهندسات المالية بلغت لوحدها حوالي 800 مليون دولار.

وهو مبلغ يكفي لتمويل السلسلة لعام كامل. أضِف الى انّ لجنة المال والموازنة تقول إنّها أمّنت وفراً بحوالي الف مليار ليرة، أي ما يكفي لتمويل السلسلة لمدّة عشرة أشهر. وهذا يعني انّ الخزينة لديها فائض لتمويل السلسلة لمدة عام وعشرة أشهر. فهل تبدو هذه المدّة غير كافية لإقرار الموازنة، وإعادة الوضع المالي الى ما ينبغي أن يكون عليه؟!

قانصو لـ«الجمهورية»
إلى ذلك، أيّد الوزير علي قانصو انعقاد جلسة طارئة لمجلس الوزراء، واعتبَر انّ البحث عن مداخيل جديدة هي من مسؤولية الحكومة ومجلس النواب. وقال لـ«الجمهورية»: «الحلّ يكون عبر إعداد لائحة مداخيل للسلسلة تأخذ في الاعتبار ملاحظات المجلس الدستوري، وتناقش اللائحة من ضمن الموازنة التي يناقشها مجلس النواب وتقرّ المداخيل معها، فأين المشكلة؟».

وشدّد قانصو على أن «لا انهيار ماليا»، متسائلاً: «لماذا سيَحصل هذا الانهيار طالما نستطيع تقديم مداخيل بما لا يتعارض مع أحكام المجلس الدستوري، الحديث عن انهيار ماليّ كلام تهويلي يَستبطن مواقفَ سياسية لها أهداف تشويه أو الحط من قدرة الدولة».

وقال: «الموضوع يتطلب السرعة، لأنّ الناس يعتقدون أنّ السلسلة طارت لكنّها باقية، صارت حقاً مكتسَباً لهم وهي صَدرت بقانون. موضوع السلسلة صار موضوعاً خارج النقاش».

حرب
وقال النائب بطرس حرب لـ«الجمهورية»: «على رغم كلّ الضغوط التي تتعرّض لها المؤسسات الرقابية، أثبتَ المجلس الدستوري مناعتَه واتّخَذ الموقفَ القانوني الملائم، وطبعاً هذا يضع السلطتين التنفيذية والتشريعية امام مسؤولياتهما في ضبط الإنفاق ومنعِ الهدر والصفقات والسمسرات توفيراً للمال العام الذي يغطّي نفقات السلسلة من دون تكبيد المواطنين وخصوصاً الطبقة ذات الدخل المحدود مصاريفَ هذه النفقات».

عون
على صعيدٍ آخر، في موازاة الدعوة الأميركية لتوطين النازحين، أكّد الرئيس عون رفضَ لبنان لهذا الأمر، وقال في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتّحدة: لبنان بلدٌ صغير المساحة كثيفُ السكّان محدودُ الموارد، وجاء النزوح ليضيفَ 50 في المئة من نسبة سكّانه، فزاد من صعوباتنا الاقتصادية ومن نسبة الجريمة على أنواعها».

وأكّد «أنّ الأفضل أن تساعد الأمم المتحدة النازحين ليعودوا إلى وطنهم»، وقال: «الادّعاء أنّ النازحين لن يكونوا آمنين في بلادهم غير مقبول، ولبنان لن يسمح ولن يقبل بتوطين اللاجئين أو النازحين مهما كان الثمن، والقرارُ في هذا الشأن يعود لنا لا لغيرنا».

إيران
من جهة أخرى،أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني أمس أنّ بلاده تعتزم تعزيز قدراتها العسكرية والبالستية رغم انتقادات الولايات المتحدة وفرنسا. وتأتي تصريحاته في وقت إستعرضت إيران صاروخاً جديداً أطلقت عليه إسم «خرمشهر»، خلال عرض عسكري نظم في ذكرى اندلاع الحرب الإيرانية-العراقية عام 1980.

وقال روحاني: «شئتم أم أبيتم، سنعزِّز قدراتنا العسكرية الضرورية على صعيد الردع»، مؤكّداً «لن نطوِّر صواريخنا فحسب، بل كذلك قواتنا الجوية والبرية والبحرية». وأضاف «لن نطلب إذناً من أحد من أجل الدفاع عن وطننا».

 

 

اللواء :

بـ«5 كلمات فقط» أبطل المجلس الدستوري القانون رقم 45 برمته، هذا القانون المعروف بقانون الضرائب، بغية تمويل سلسلة الرتب والرواتب.

ومع هذه النتيجة، بدت البلاد وكأنها عادت إلى فترة ما قبل 21/8/2017 تاريخ إقرار سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام من مدنيين وعسكريين، في الملاك الدائم أو التقاعد، فضلاً عن المتقاعدين في الاسلاك على اختلافها.

وإن كانت الحكومة ومجلس النواب وسائر السلطات أعلنت احترامها لقرار أعلى سلطة دستورية في لبنان، وسط ترحيب متفاوت، وامتعاض متفاوت أيضاً، فإن الحدث الدستوري فرض نفسه بنداً قوياً في المجالس الرئاسية، التي راحت تتبادل المسؤوليات وربما الاتهامات، فيما دعي مجلس الوزراء إلى جلسة استثنائية الاثنين، بناء على طلب وزير المال علي حسن خليل، الذي التقاه الرئيس نبيه برّي ليلاً، وذلك لاتخاذ القرار المناسب في ما يتعلق بمعاشات ورواتب الموظفين التي اعدت وفق السلاسل الجديدة عن شهر أيلول، بناءً لتعليمات وزارة المال، وهي تتعرض لأن تصرف وفقاً للجداول القديمة، بعدما تبخّر قسم منها بزيادة الأسعار، وقسم آخر برفع اسقاط المدارس الخاصة.

وفي المعلومات ان الحكومة بصدد مشروع قانون يحال على وجه السرعة إلى مجلس النواب، ويقضي بوقف العمل بالسلسلة، ريثما تقر الموازنة أو يُصار إلى توفير مصادر مالية أخرى، وردت في القانون المبطل أو ستفرض على سلع أخرى..

وفي المجالس، تحميل للمسؤوليات.. فالمقربون من بعبدا، يعتبرون ان الرئيس ميشال عون عندما نبّه إلى ضرورة ان تقر الموازنة، وأن تكون سلسلة الرتب والرواتب جزءاً منها.. اما بالنسبة لتبعات المجلس الدستوري بابطال السلسلة، فليسأل رئيس المجلس بموضوع طريقة التصويت، التي كانت أحد الأسباب التي نصت عليها المادة 36 من الدستور، ولم تراعَ عند التصويت..

وفي السياق، تحرك الوزير جبران باسيل، فاعتبر ان إقرار الموازنة وشمولها موارد السلسلة وقطع الحساب، يتوجّب ان يعمل من أجله مجلس النواب منعاً لأي انهيار مالي.

وفي عين التينة، عبر الرئيس برّي عن «احترامه لما صدر عن المجلس الدستوري، ولو انه أتى لمصلحة المصارف وعلينا الآن معالجة المشكو منه».

وكشفت أوساط عين التينة ان الرئيس سعد الحريري أوفد مدير مكتبه للقاء وزير المال الذي أجرى اتصالات بالرؤساء الثلاثة نظراً للتداعيات على مالية الدولة بعد ابطال قانون الضرائب، وحرمان السلسلة من موارد تمويلها..

اما في السراي الكبير وبيت الوسط، فالموقف، بدا على النحو التالي:

الحكومة تحترم قرار المجلس الدستوري، وهي ملتزمة بالسلسلة، وبالقدر نفسه ملتزمة بالحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي..

وذكرت مصادر الرئيس الحريري انه ألغى كل مواعيده ابتداءً من ظهر أمس، وعقد سلسلة اجتماعات مفتوحة لهذه الغاية، أدت إلى التوافق على جلسة لمجلس الوزراء تعقد الاثنين في السراي الكبير.

طعن الدستوري

وهكذا أعاد قرار المجلس الدستوري الذي ابطل بإجماع أعضائه العشرة، كامل قانون الضرائب المتعلق بالموارد المالية لقانون سلسلة الرتب والرواتب، وأن لم يفاجئ الأوساط الدستورية والقانونية، الأمور إلى نقطة الصفر، ووضع الحكومة والمجلس النيابي في وضع بالغ الحرج، بعد ان فتح الباب امام مرحلة جديدة تستوجب من الحكومة ومن المجلس طريقة جديدة في مقاربة قانون ضرائب جديدة يأخذ بعين الاعتبار مصالح الطبقات الفقيرة التي انصفها القرار، بحيث بات ينبغي البحث عن موارد أخرى عبر وقف الهدر والقضاء على مكامن الفساد وتعزيز أجهزة الرقابة والمحاسبة.

وعكس بيان المكتب الإعلامي للرئيس سعد الحريري، حجم الإرباك الذي واجهته الحكومة ومعها الكتل النيابية الكبيرة، من تداعيات قرار المجلس حيث أعلن ان الرئيس الحريري ألغى كل مواعيده ابتداء من ظهر أمس كما سبقت الإشارة.

ومن بين الاجتماعات التي الغاها الرئيس الحريري اجتماع للجنة الوزارية لبحث كيفية معالجة ملف النفايات، وتزامن ذلك مع حركة مشاورات طارئة بين الرؤساء الثلاثة والوزير خليل للبناء على القرار بما يقتضي تأمينه من موارد مالية لتغطية نفقات السلسلة، في ظل تخوف من انعكاس القرار على قانون السلسلة، رغم ان هذا القانون لا يلغيه الا قانون آخر، وعلى الائتمان المالي للبنان، بعد ان كان البنك الدولي أشاد بخطوة إقرار قانون السلسلة.

واعتبرت مصادر نيابية وقانونية ان العمل أصبح في عهدة المجلس النيابي أيضاً، الذي عليه ان يُعيد دراسة القانون المطعون به من خلال اقتراحات معجلة وادراج التمويل ضمن مشروع الموازنة، أو إرسال مشروع معجل من الحكومة لتصويب الثغرات التي جاء على أساسها الطعن، على ان تقوم الحكومة بتأمين بدائل التمويل وتضمينها في الموازنة العامة والتي لم تقر بعد في المجلس، بالإضافة إلى إيجاد حل لقطع الحساب.

وفي تقدير هذه المصادر، ان امام الحكومة ثلاثة خيارات ما تزال قيد الدرس، ويفترض ان تكون عناوين بحث الجلسة الطارئة لمجلس الوزراء الاثنين وهي:

- تأجيل دفع الرواتب الجديدة للموظفين الاداريين واسلاك الأساتذة والعسكريين على أساس السلسلة، والتي كانت يفترض ان تدفع آخر الشهر الحالي، وهذا الأمر يقتضي من وزارة المال اعداد جداول جديدة تحتاج إلى ما لا يقل  عن 15 يوماً، وهذا يعني ان الموظفين لا يستطيعوا قبض رواتبهم آخر الشهر، بما يعنيه ذلك من أزمة اجتماعية ومعيشية كبيرة مع بدء العام الدراسي.

وضع مشروع قانون جديد معجل لتعليق العمل بالسلسلة وهو ايضا دونه تداعيات ومضاعفات شعبية واجتماعية، مع التأكيد هنا على ان السلسلة باتت حقاً مكتسباً ومن الصعب الرجوع عنها.

- أو وضع مشروع قانون جديد لتأمين موارد مالية جديدة للسلسلة.

وفي حين جاء الرد الأوّل من الرئيس نبيه برّي الذي قال ان «ما صدر عن قضاء يحترم ولو انه اتى لمصلحة المصارف، فإن علينا الآن معالجة المشكو منه، اعتبر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، الذي كان وراء تقديم الطعن مع 9 نواب، تمّ تأمينهم بجهد جهيد، ما حصل بأنه «ثورة دستورية على منطق الصفقات والغرف المغلقة»، مشيرا إلى انه بعد قرار الدستوري أصبح التصويت على القوانين بالمناداة، والا سيكون القرار قابلا للطعن، وإلى ان المسؤولين سيضطرون الآن إلى إقرار الموازنة إذ، بحسب الدستور، لا يجوز الانفاق من خارج الموازنة.

ودعا الجميل، في مؤتمر صحفي طارئ، كل الموظفين إلى الاطمئنان لناحية السلسلة، مؤكدا ان لا أحد بإمكانه التهويل عليهم بميزانية الدولة، لأن أرباح المصارف التي تحققت بسبب الهندسة المالية كافية لتمويل السلسلة هذه السنة، كما ان الأموال متوافرة العام المقبل بسبب وفر الموازنة.

وسأل أفرقاء السلطة: لماذا لم تكترثوا عندما امنتم أموال البواخر فيما توقفون السلسلة إذا لم تحصلوا على الأموال من جيوب المواطنين؟ وإذا كنتم تصرون على الضرائب فصوتوا عليها مجددا عبر إصلاح النقاط المخالفة للدستور، وقال: «خياركم ما رح تقطع عاحدا».

وكان المجلس الدستوري استند في قراره على أكثر من 130 حيثية لتقليل أسباب الطعن بالقانون، من بينها عدم مراعاة التصويت على القانون بحسب الأصول الدستورية المنصوص عليها في المادة 36 من الدستور، وأن القانون صدر في غياب الموازنة وخارجها، وخالف مبدأ الشمول الذي نصت عليه المادة 83 من الدستور، وكان ينبغي ان يأتي في إطار الموازنة العامة، وأن ما ورد في المادة 17 (الفقرة الأخيرة)، يعتبر خرقاً لمبدأ المساواة امام التكاليف العامة والضرائب ومتعارضة مع الفقرة (ج) من مقدمة الدستور، ومع المادة 7 من الدستور (النص الحرفي للقرار على الموقع الالكتروني لـ(اللواء).

هيئة التنسيق

نقابياً، ردة الفعل الأولى جاءت من هيئة التنسيق النقابية، التي عقدت اجتماعاً طارئاً لمناقشة الموقف، وانتهت بعد المناقشة الى: 1 - دعوة وزير المال إلى «اصدار قرار صرف الرواتب ومعاشات التقاعد على رأس جداول القانون 90/2016 دون تأخير» وهو قانون السلسلة.

2 - عقد جمعيات عمومية في 25 و26 أي الاثنين والثلاثاء، تمهيدا للسير بالإضراب في 2 ت1 المقبل.

وقال مصدر نقابي لـ «اللواء» انه في ضوء قرار مجلس الوزراء تتقرر الخطوة التالية، بشل العام الدراسي.

عون في باريس الاثنين

ومع عودة الرئيس عون إلى بيروت مرتاحاً لنتائج اللقاءات التي أجراها في الأمم المتحدة، والكلام المشجع الذي سمعه، خصوصا من الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرس بالنسبة لطلبه بأن يكون لبنان مركزا دائماً للحوار بين الحضارات والديانات، بعد ان قدم إليه طلباً رسميا بذلك، وسيكون هناك خطة تحرك ديبلوماسية لمتابعة تنفيذ هذا الطلب، انهمكت دوائر القصر الجمهوري في اعداد برنامج زيارة رئيس الجمهورية إلى فرنسا يوم الاثنين المقبل، في أوّل زيارة دولة يقوم بها رئيس دولة إلى  فرنسا، بحسب ما ارادها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

وسيرافق الرئيس عون في زيارته الفرنسية والتي تستغرق ثلاثة أيام وزراء الخارجية جبران باسيل والداخلية نهاد المشنوق، وشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول ومستشاره للشؤون الدولية الياس بوصعب والسفير اللبناني الجديد في باريس رامي عدوان.

وأوضحت مصادر قصر بعبدا، انه عدا عن المحادثات التي سيعقدها الرئيس عون مع الرئيس ماكرون في قصر الاليزيه. ستكون له محادثات مع رئيس الحكومة الفرنسية أدوار فيليب في قصر ماتينيون، بالإضافة إلى زيارات لكل من الجمعية الوطنية الفرنسية وبلدية باريس ومعهد العالم العربي ولقاءات مع الجالية اللبنانية في فرنسا.

وستكون المحادثات متشعبة، وتتناول العلاقات الثنائية والدولية والحرب على الإرهاب ومشكلة النازحين والقضية الفلسطينية، ولن يكون هناك توقيع اتفاقيات جديدة، وإنما ايضاحات للاتفاقيات الموقّعة والتي لم تدخل بعد في إطار التنفيذ.

اما بالنسبة لزيارة نيويورك، فقد حرصت مصادر بعبدا، على وصف عدم حضور الرئيس عون حفل الاستقبال التقليدي الذي أقامه الرئيس الأميركي دونالد ترامب لرؤساء الوفود المشاركين في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه «مقاطعة» وأن الرئيس عون ارتأى عدم المشاركة لاعتبارات لم تشأ ان توضحها المصادر المعنية، والتي لفتت ايضا إلى ان عدم لقاء عون للرئيسين الأميركي والفرنسي، سببه ان الأخيرين لم يطلبا ذلك، وأن الرئيس اللبناني التقى كل الرؤساء والشخصيات التي طلبت اللقاء به، وكان عددها كثيرا.

وكشفت ان الرئيس عون بقي يدرس خطابه امام الأمم المتحدة حتى اللحظات الأخيرة لوضع اللمسات النهائية عليه، وأن موقفه من التوطين كان موجودا في الخطاب، لكنه زاد عليه فقرة بأن «القرار في عدم السماح بالتوطين لا للاجئ ولا للنازح مهما كان الثمن، يعود لنا وليس لغيرنا»، بعد الكلام الأخير للرئيس الأميركي في شأن توطين اللاجئين السوريين.

وجاءت هذه الفقرة في سياق تطرقه إلى القضية الفلسطينية، في خطابه، إذ أكّد ان «جريمة طرد الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم لا يمكن ان تصحح بجريمة أخرى ترتكب بحق اللبنانيين عبر فرض التوطين عليهم، كما بحق الفلسطينيين عبر إنكار حق العودة عليهم، وليس تعطيل دور مؤسسة «الاونروا» الا خطوة على هذه الطريق تهدف إلى نزع صفة اللاجئ تمهيدا للتوطين، وهو ما لم نسمح به».. الخ.

وكان الرئيس عون شدّد في خطابه على ان لبنان الذي تمكن من مواجهة الإرهاب الذي اشغل نيرانه في العديد من الدول، استطاع ان يتجنب السقوط، والانفجار من خلال حفاظه على وحدته الوطنية رغم كل الانقسام السياسي الحاد الذي كان قائماً، لافتا إلى ان الجيش أنهى الوجود العسكري لتنظيم «داعش» و«النصرة»، وإلى ان الحجة باتت ملحة لتنظيم عودة النازحين السوريين بعد استقرار الوضع في معظم أماكن سكنهم الأولى، مشددا بأن لبنان مع العودة اللافتة، مميزا بينها وبين العودة الطوعية، وداعياً الأمم المتحدة إلى مساعدة هؤلاء على العودة إلى وطنهم بدلا من مساعدتهم على البقاء في مخيمات لا يتوفر فيها الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة. 

 

 

الاخبار :

أصدر المجلس الدستوري بإجماع أعضائه العشرة القرار رقم 5/2017، الذي أبطل بموجبه القانون 45/2017، الذي عدّل واستحدث ضرائب جديدة، وذلك خلال الجلسة الثالثة التي عقدها، أمس، لاستكمال البحث في مراجعة الطعن في دستورية هذا القانون المقدّمة من نواب الكتائب وخمسة نواب آخرين، إذ رأى المجلس الدستوري في ملخّص قراره أن القانون 45/2017 «يخالف المبادئ الواردة في الحيثيات، وأن عدم إقرار موازنة عامّة سنويّة للدولة وعدم قطع حساب لكلّ سنة يشكّلان انتهاكاً فاضخاً للدستور».

إمعان المجلس الدستوري في عرض اجتهاداته في تفسير الدستور، تصفه مصادر قانونيّة بـ«الهرطقة»، بعد أن وصل به الأمر إلى حدّ ربط «جواز فرض الضرائب وشرعيّتها ودستوريتها بإدراجها ضمن الموازنة العامّة السنويّة للدولة، فيما القوانين الضريبيّة تصدر بمعزل عن الموازنة ومن دون وجود أي موانع دستوريّة»، وهو ما يمكن ترجمته على أرض الواقع، ومن تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسميّة، بامتناع كلّ المواطنين من موجب تأدية كلّ الضرائب إلى حين صدور موازنة عامّة. وأكثر من ذلك، مطالبة الدولة اللبنانيّة بتعويضات عن كلّ الضرائب والرسوم التي دُفعت منذ شباط 2006 حتى اليوم، أي منذ تقاعس السلطة السياسيّة عن إقرار موازنة عامّة للدولة!

ما مصير السلسلة؟

هذا الحرص على «احترام الدستور»، الذي تغاضى عنه المجلس الدستوري خلال 3 تمديدات متتاليّة للمجلس النيابي، أسهم هذه المرّة في فوز الهيئات الاقتصاديّة ولوبي المصارف والعقارات، مجدّداً، في معركتهم الرافضة لأي تصحيح ضريبي يصيب أرباحهم الضخمة، فضلاً عن أنه وضع مصير سلسلة الرتب والرواتب تحت سطوة السلطة السياسيّة، التي سبق أن هدّدت بإلغائها في حال أبطل المجلس الدستوري مصادر تمويلها، رغم تحوّلها إلى أمر واقع غير قابل للمساومة، وحق مُكتسب مصون بموجب الدستور. وهو ما يعدُّ، أيضاً، انتصاراً للوبي نفسه الذي كان يرفض أي تصحيح للأجور خشية انسحابه على القطاع الخاص.


يأتي قرار المجلس الدستوري متناغماً مع المواقف التي أبداها رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون بوجوب إعداد قطع الحساب وإقرار الموازنة لتحديد نفقات الدولة وإيراداتها قبل إقرار السلسلة، التي قد تتأمن مصادر تمويلها من الوفر في الموازنة، وهو ما أكّده أيضاً الوزير جبران باسيل في تصريح أعقب إصدار القرار، في حين رأى الرئيس نبيه بري أنه «قرار يخدم المصارف». أما الرئيس سعد حريري، فأجرى اتصالات أفضت إلى التوافق على عقد جلسة استثنائيّة لمجلس الوزراء يوم الاثنين لبحث تداعيات هذا القرار.

وتشير مصادر وزاريّة إلى أن «هذا القرار مرّر كيفما كان، وهو يضع الحكومة أمام ثلاثة خيارات: إمّا دفع السلسلة والذهاب نحو أزمة ماليّة كبيرة، وإمّا مخالفة القانون وعدم دفعها وتجميدها إلى حين إيجاد مصادر تمويل أخرى، أو السعي إلى إصدار قانون يلغي قانون السلسلة وتالياً مخالفة الدستور عبر نزع هذا الحق المكتسب من المستفيدين من السلسلة، وهو قرار سيكون موضع بحث داخل الحكومة، قد يعيد النقاش إلى النقطة الأساسيّة الخلافيّة بين وزراء حركة أمل من جهة ووزراء المستقبل والتيار الوطني الحرّ من جهة أخرى، حول أولويّة إقرار السلسلة أم الموازنة».

مبرّرات الإبطال!

تستند مراجعة الطعن إلى ما اعتبرته مخالفات دستوريّة، لناحية أن التصويت على القانون لم يحصل بالمناداة على النواب بأسمائهم (المادة 36)، وأن تخصيص الإجراءات الضريبيّة المستحدثة لتمويل السلسلة يناقض شمولية الموازنة (المادة 83)، وأن تكليف المهن الحرّة والمصارف بالضريبة على الفوائد ينطوي على ازدواج ضريبي ينقض مبدأ المساواة بين اللبنانيين (المادة 7 والفقرة ج من مقدمة الدستور). وهو ما أعاد المجلس الدستوري تأكيده في مطالعته. واللافت أن المجلس استثنى الضريبة على الفوائد، التي تطال المصارف وحدها دون المهن الحرّة، من تهمة «الازدواج الضريبي»، ما وضعته المصادر في معرض «ردّ المعروف للمحامين الذين تضامنوا مع القضاة في اعتكافهم الأخير اعتراضاً على إلغاء صندوق تعاضد القضاة. وهو ما يجيز أيضاً للمجلس النيابي إعادة فرض هذه الضريبة على المصارف باعتبارها دستوريّة».
في مطالعته، يستند المجلس الدستوري إلى نصّ المادة 36 التي تحدّد كيفيّة التصويت على القوانين في مجلس النواب «بالمناداة على الأعضاء بأسمائهم وبصوت عالٍ»، لتأكيد أن «التصويت العلني ليس قاعدة شكليّة بل شرط ضروري للمراقبة والمحاسبة في الأنظمة الديمقراطيّة، وهي أصول دستوريّة لم تحترم بحسب محضر الجلسة التي أقرّ فيها القانون، ما استوجب إبطاله».
في معرض الردّ على مخالفة القانون للمادة 83 من الدستور، يقرّ المجلس الدستوري بعدم دستوريّة كلّ الحسابات الماليّة للدولة منذ عام 2006 حتى اليوم في ظل غياب الموازنات، والعمل بموجب القاعدة الاثني عشرية غير الصالحة لأكثر من شهر واحد. إلّا أنه يربط استحداث قوانين ضريبيّة بإدراجها في الموازنة بحجّة احترام مبدأ سنويّة الموازنة التي