كيف نتعلم حفظ الدولة وصون المال العام والمحاسبة على الفساد والسرقات من عدونا الإسرائيلي؟
 

أولاً: مُلاحقة سارة بتهمة الاحتيال...
السيدة سارة (زوجة رئيس وزراء العدو الإسرائيلي الغاشم) ستُلاحق بتهمة الاحتيال. فقد تلقّت حرم الرئيس هدايا (مع وضع خطّين بعرض إصبعين تحت كلمة هدايا) بقيمة مائة وثلاثة عشر ألف دولار فقط لا غير، (ويمكن وضع خطّين أيضا تحت الرقم )، وهذا المبلغ "الزّهيد" قد "يختلسُه" عندنا أي رئيس بلدية أو مختار (بلا زغرة، أي بلا تصغير)، أو رئيس دائرة، أو "مُعقّب" معاملات في الداخلية أو المطار أو المرفأ أو الدوائر العقارية خلال أسبوع واحد أو أسبوعين ، أمّا كبار المسؤولين من الرؤساء والوزراء والنواب ومدراء البنوك ورؤساء مجالس إدارات المصالح العامة، وبائعو الخدمات العامة والوظائف، ومهندسو الصفقات والتّلزيمات، فهذا المبلغ الذي تلّقته السيدة سارة على شكل هدايا لا يُسمن ولا يُغني من جوع عندهم، وهو بالكاد يُستعمل "لتحلية" أضراسهم، ذلك أنّ الأمر الجلل عند من يريد أن يستغلّ نفوذه عند من ذكرنا من عليّة القوم، لا يقلُّ عن شقّة فارهة مُطلّة على البحر الأبيض المتوسط (قبل أن يسوّد بالنفايات)، أو مُنتجع بحري يُستثمر لمدة تسعٍ وتسعين عاماً بمبلغ رمزي، وغالباً لا يُستوفى، أو شركة استثمارية للأبن المحظوظ، أو الزوجة الغالية وأنسبائها.
حديث يطول، وشرحُه أطول، لا يحمل سوى الهمّ والغمّ وقمط القلب ومطّ الشفتين.
ما بالك لو عرجنا على الشّق الآخر من تهمة زوجة رئيس وزراء العدو، الغاشم دائماً، الست سارة تطلب وجبات طعام إضافية على حساب مكتب زوجها، وهذه عندنا تُعتبر نكتة سمجة، أو مهزلة، أو مسخرة، فهل يُعقل أن يُدقّق بفواتير وجبات رئيس وزراء دولة إقليمية يُحسب حسابها عند القريب والبعيد، فتُمسح بكرامته الأرض وتُلاحق زوجته بتهمة تلقّي هدايا وطلب وجبات على حساب مكتب رئاسة الوزراء ( ولا ندري ما إذا كانت الوجبات دسمة أم خفيفة تقتصر على الفلافل وما شابه ذلك)، في حين تتُمّ عندنا الموافقة على صرف مئات آلاف الدولارات كنفقات للزيارات الرئاسية، ومآدب القصور الرئاسية، وما خفي أعظم.

إقرأ أيضًا: ثلاثية المقاومة والجيش والشعب ... الدلال والغنجُ للمقاومة
ثانياً: العظة...
رحم الله عمر بن الخطاب وعليّ بن أبي طالب، فقد وقفا بحزم وشدة بوجه العمال والولاة الذين استباحوا أموال المسلمين العامة، أمّا عمر فقد عزل سعد بن أبي وقّاص (وهو من أبرز قادة الفتح)، ويُقال له المُستجاب، لقول النبي (ص): اتّقوا دعوة سعد، فلما شاطره عمر ماله، قال له سعد: لقد هممتُ، قال عمر: بأن تدعو عليّ. قال، نعم، قال : إذاً لا تجدني بدعاء ربّي شقيا.، وعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وشاطره ماله، وعزل أبا هريرة عن البحرين وشاطره ماله، وعزل الحارث بن كعب بن وهب وشاطره ماله. وما قاله لأبي موسى الأشعري: ما جاريتان بلغني أنّهما عندك، وما جفنتان (أي قدرتان كبيرتان) تُعملان عندك؟ وما مكيالان بلغني أنّهما عندك؟.وممّا قال لأبي هريرة : هل علمت من حين أنّي استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثمّ بلغني أنّك ابتعت أفراساً بألف وستمائة دينار، وكتب إلى عمرو بن العاص ، وكان عامله على مصر: بلغني أنّه فشت لك فاشية من خيلٍ وإبل وغنم وبقر وعبيد، وعهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، وبعث إليه محمد بن مسلمة فشاطره ما له.
أما علي بن أبي طالب وكان قد استعمل ابن عمّه عبدالله بن عباس على البصرة، فجاءه كتاب أبي الأسود الدؤلي يقول: هذا ابن عمّك قد أكل ما تحت يديه من غير علمك، فلم يسعني كتمانك ذلك، فكتب عليٌ إلى ابن عباس: أمّا بعد، فإنّه قد بلغني عنك أمرٌ، إن كنت فعلته فقد أسخطت الله، وأخزيت أمانتك، وعصيت إمامك، وخُنت المسلمين، بلغني أنّك جردت الأرض وأكلت ما تحت يدك، فارفع إليّ حسابك، واعلم أنّ حساب الله أعظم من حساب الناس والسلام. وتتالت الرسائل بينهما، حتى انتهت بفرار ابن عباس من البصرة حاملاً معه ما كان في بيت المال، وزعموا أنّه كان ستّة آلاف ألف.
أدرك عمر وعلي قديماً أنّ الأمم لا تقوم إلاّ بالعدل والصلاح والتُّقى، وهؤلاء الصهاينة الذين قامت دولتهم على البغي والعدوان والاغتصاب، يحاولون اليوم تحصينها بالقانون والصلاح، وحُكامونا يتبارون ويتفاخرون بانتهاك الدساتير والقوانين، ويُكدّسون الثروات المنهوبة من عرق الشعوب بلا حسيب ولا رقيب ولا وازع، ولا دين ولا ذمّة، وبالطبع بلا ضمير.