بدأ التمهيد لتكملة تحرير الجرود على جبهتين سياسية وعسكرية

 

المستقبل :

لا تزال مفاعيل دحر الشغور عن سدة الرئاسة الأولى تتوالى فصولاً إيجابية على خشبة استحقاقات شهر آب الوطنية، من عودة حفل «تقليد السيوف» إلى عيد الجيش في الأول منه إلى عودة «التقليد الرئاسي» التاريخي بالمشاركة في قدّاس «سيدة التلة» في دير القمر أمس بالتزامن مع إحياء الذكرى السادسة عشرة لمصالحة الجبل في آب 2001. أما مؤسساتياً، فسيكون الأسبوع الجاري على موعد مع التوقيع الرئاسي المرتقب على قانون سلسلة الرتب والرواتب، بحيث أكدت مصادر قصر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون سوف يوقّع قانون «السلسلة» هذا الأسبوع، على أن يصار إلى معالجة الملاحظات والمطالبات ذات الصلة بالشق الضرائبي منها في مشروع قانون خاص يُعدّ لهذه الغاية ويقرّ بشكل منفصل بعد التوافق السياسي عليه.

وكان عون قد شارك أمس في القداس الاحتفالي الذي ترأسه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في كنيسة «سيدة التلة» وحضره ممثلا رئيسي مجلسي النواب والوزراء نبيه بري وسعد الحريري، النائب نعمة طعمة والوزير غطاس خوري، لمناسبة عيد «شفيعة دير القمر والشوف» وذكرى المصالحة التاريخية في الجبل التي رعاها عام 2001 البطريرك نصرالله بطرس صفير ورئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الذي مثّله نجله تيمور في قداس الأمس كما في لقاء قصر المير أمين الذي أقيم لاحقاً للمناسبة. وإذ اكتفى بتغريدة ترحيبية برئيس الجمهورية قال فيها عبر تويتر: «أهلاً وسهلاً بالرئيس ميشال عون في الشوف في دير القمر»، حرص جنبلاط لاحقاً على القيام بزيارة خاطفة إلى مطرانية بيت الدين للقاء الراعي مؤكداً أنه «لا يمكن أن يكون البطريرك في الشوف من دون أن يلقي التحية عليه»، ليعود فيغادر بعدها معتذراً عن عدم المشاركة في لقاء «قصر المير أمين» حيث ألقى النائب مروان حمادة 

كلمة باسمه خلال اللقاء الذي رعاه نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان وقاطعه «التيار الوطني الحر».

وعن حصر رئيس الجمهورية مشاركته في قداس دير القمر، أوضحت مصادر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ زيارة عون الشوف لم تشمل أي محطات أخرى «لارتباطه بمواعيد محددة مسبقاً في القصر الجمهوري»، مشيرةً إلى أنه «آثر عدم الغياب عن تقليد المشاركة في قدّاس«سيدة التلة»الذي درج عليه رؤساء الجمهورية تاريخياً». أما في ما يتعلق بموعد انتقاله إلى المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين، فأكدت المصادر أنه «يتحدد بعد انتهاء«مهرجانات بيت الدين الدولية»نظراً لكونها تشغل حيّزاً كبيراً من الباحة الخارجية للقصر ولا يريد الرئيس أن تؤثر الإجراءات التي تتخذ عند انتقاله إلى بيت الدين على راحة وحركة رواد المهرجانات».

الجيش يتقدّم..

عسكرياً، برز أمس في مستجدات المعركة التي يخوضها الجيش اللبناني لتحرير الجرود من تنظيم «داعش» الإرهابي، تمركز وحدات عسكرية على تلال استراتيجية مشرفة على مواقع تمركز المجموعات «الداعشية» في المنطقة الجردية، بالتزامن مع مواصلة الجيش دكّ هذه المواقع بالقصف المدفعي والصاروخي لا سيما في جرود الفاكهة رأس بعلبك والقاع. 

وكانت قيادة المؤسسة العسكرية قد أعلنت أمس تمركز وحدات من الجيش على «ضليل الأقرع»، «دوار النجاصة» و«قلعة الزنار» من ناحية جرود منطقة عرسال، إستكمالاً لانتشار هذه الوحدات في إحكام الطوق على المجموعات الإرهابية التابعة لـ«داعش»، مع إشارتها إلى أنّ مدفعية الجيش دمّرت عدداً من التحصينات «الداعشية» في جرود منطقتي رأس بعلبك والقاع وأوقعت إصابات مؤكّدة في صفوف الإرهابيين.

تزامناً، لفتت الانتباه أمس كلمة قائد الجيش العماد جوزيف عون التي ألقاها ممثله إلى الاحتفال التكريمي في رأس بعلبك لشهداء المؤسسة العسكرية اللواء جورج شريم، بما تضمنته من تصميم على الوقوف «سداً منيعاً» أمام الخطر الإرهابي «بعزيمة أبطال الجيش والتفاف الشعب حوله»، وحرص على إبداء تشديد حازم من «رأس بعلبك» على مشارف معركة الجرود بأن «لا راية تعلو فوق راية الجيش ولا صوت يرتفع إلا لبّيك لبنان».

 

الديار :

توحي المؤشرات الميدانية المتراكمة ان لحظة انطلاق الهجوم الحاسم على مواقع «داعش» في جرود القاع وراس بعلبك قد اقتربت، مع الاشارة الى ان «سر» الساعة صفر لا يعرفه سوى القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وبعد ايام من القصف «المنهجي» على مواقع وتجمعات مسلحي «داعش» في الجرود، في سياق «التحمية» الميدانية المتدرجة، سُجل أمس تطور إضافي، تمثل في تمكن الجيش من التقدم نحو ثلاثة مرتفعات لناحية جرود عرسال، هي تلال ضليل الاقرع ودوار النجاصة وقلعة الزنار، في ما بدا انه تمهيد للمعركة الفاصلة. كما واصلت مدفعية الجيش استهداف مراكز «داعش» ما ادى الى تدمير عدد من تحصيناته وتحقيق اصابات مؤكدة في صفوف الارهابيين.
وقد أتت سيطرة الجيش على المرتفعات الثلاثة لتغلق الحيز الجغرافي المتصل بجرود عرسال امام ارهابيي «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، الامر الذي أدى الى إحكام الطوق على هذا التنظيم من كل الجهات، ومن ثم تضييق هامش حركته.
ويمكن القول بعد عملية الامس «الموضعية» انه لم يعد هناك اي ممر او منفذ لـ «داعش» في اتجاه العمق اللبناني، بحيث فقد كليا القدرة على التسلل او المناورة، وبات مقاتلوه عالقين بين فكي الكماشة اللبنانية - السورية... في انتظار الضربة القاضية. 
ومن الواضح ان الجيش يعتمد في «المرحلة الانتقالية» تكتيك استنزاف العدو وزيادة جرعات الضغط عليه، بشكل يؤدي الى ضعضعته وإصابته بـ«الدوار الميداني»، وصولا الى تأمين افضل الشروط الممكنة لضربه واستئصاله، من دون ان يعني ذلك ان المؤسسة العسكرية تستخف بالمعركة، نظرا للطبيعة الجغرافية الصعبة ولتمرس ارهابيي «داعش» المعروفين بشراستهم.
ولعل اللحظة الحالية هي المثلى كي ينقض الجيش على «داعش» الذي يتعرض في هذه المرحلة لهزائم متلاحقة في العراق وسوريا، ما يعطي المؤسسة العسكرية فرصة للاستفادة من هذا الزخم وديناميته من أجل تطهير الاراضي اللبنانية. 
وتكتسب معركة جرود القاع وراس بعلبك بالنسبة الى الجيش اللبناني أهمية استثنائية، ليس فقط على المستوى الميداني وانما ايضا على المستوى المعنوي المتصل بترسيخ ثقة المؤسسة العسكرية في ذاتها وثقة اللبنانيين فيها، حتى ان هناك من يقول ان «الجيش» بعد موقعة الجرود لن يكون كما قبلها.
والارجح ان الجيش سيصبح بعد انتصاره اقل تسامحا ومرونة مع الاصوات التي اعتادت التشويش عليه، والتشكيك في مهامه ونياته، كما حصل في اعقاب مداهمته مؤخرا لبعض مخيمات النازحين في عرسال. وقد أعطى مصدر عسكري رفيع المستوى اشارة في هذا الاتجاه بقوله: «عندما تنتهي معركتنا مع داعش سيكون لنا حديث آخر..» من دون ان يفصح عما يقصده بالتحديد، تاركا المجال مفتوحا امام الاجتهاد في التفسير.
ووفق العارفين، يتجاوز الاهتمام بالمعركة المقبلة الحدود اللبنانية الى الاوساط الخارجية، لا سيما ان المجتمع الدولي برمته بات مسكونا بهاجس الحرب على الارهاب ومنخرطا فيها الى هذا الحد او ذاك، وبالتالي فهو معني بما ستفضي اليه المواجهة مع «داعش» في جبهة الجرود، والارجح ان أداء الجيش خلالها سيكون تحت مجهر المراقبة والمتابعة، خارج الحدود.
وعليه، فإن من شأن انتصار الجيش على «داعش» ان يعزز موقع لبنان وحضوره في الساحة الدولية، وان يعود بمردود ايجابي عليه، لا سيما لجهة زيادة الدعم للجيش وتحسن «التصنيف السياسي» للدولة. وأغلب الظن، ان محاولات فرض الحصار او العقوبات على لبنان ستفقد الكثير من زخمها بعدما يربح احدى الجولات المفصلية ضد الارهاب.
وخلافا لما يتداوله بعض اصحاب المخيلة الواسعة، لن يكون هناك اي نوع من المشاركة الاميركية المباشرة في المعركة ولن تشارك طائرات التحالف في القصف، بل ان العملية ستكون «صناعة وطنية»، وسيتولاها حصرا الجيش اللبناني تخطيطا وتنفيذا، مع الاخذ بعين الاعتبار ان الاسلحة والذخائر التي يستخدمها الجيش هي اميركية.
ويبدو ان فوضى التحليلات والتوقعات المرافقة للتحضير الميداني، بدأت تزعج القيادة العسكرية في اليرزة، بفعل البلبلة التي تترتب عليها، الامر الذي دفع مديرية التوجيه الى اصدار بيان تطلب فيه توخي الدقة في ما ينشر من آراء وتحليلات حول الواقع العسكري في جرود القاع وراس بعلبك.
وإذا كانت بعض القوى السياسية تعترض على مبدأ التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في مواجهة «داعش» على الحدود المشتركة، فان الوقائع والحقائق سبقت المعترضين، خصوصا ان التعاون بين الجيشين ومعهما المقاومة هو إلزامي وحتمي وفق قانون الميدان الذي لا يعترف بالنكايات السياسية ولا بالتنظير من الابراج العالية.
وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان مكتب التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري هو الذي سيتولى الاشراف على آلية التنسيق الميداني قبل وخلال المعركة. 
وتؤكد المصادر العسكرية اللبنانية ان التنسيق مع الجيش السوري للتخلص من وجود «داعش» على الحدود المشتركة هو أمر ضروري، لافتة الانتباه الى ان الجبهة واحدة والعدو واحد، ومن غير الطبيعي ان يخوض طرف واحد مواجهة كهذه، لانه إذا فُتحت الجبهة اللبنانية فقط فان الارهابيين سيستفيدون من الهدوء على الجبهة السورية المقابلة للاحتماء والاختباء، الامر الذي سيسمح لهم بالصمود فترة أطول امام هجوم الجيش اللبناني.
وبمعزل عن التجاذب السياسي حول مسألة تعاون الجيشين في موقعة الجرود المتوقعة، يحظى الجيش اللبناني بدعم كامل من القائد الاعلى الرئيس ميشال عون الذي ابلغ وفدا من كبار الضباط زاره قبل ايام انه يمنح، بما يمثل، الغطاء السياسي التام لعملية الجيش، مع كل ما تتطلبه من مقتضيات.
وفيما ارتفعت مؤخرا اصوات داخلية تتهم حزب الله بمصادرة دور المؤسسة العسكرية، عبر الهجوم الذي شنه على مراكز «النصرة» في جرود عرسال، يبدو الانطباع مغايرا في اليرزة، حيث تسود لدى القيادة قناعة بان تحرير المقاومة لتلك الجرود أدى الى حماية ظهر الجيش الذي بات بمقدوره التفرغ لمواجهة «داعش».
اكثر من ذلك، لا يبدو الجيش مستعجلا لتسلم مراكز المقاومة في جرود عرسال المحررة، برغم ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله دعاه مرتين في خطابيه السابقين الى الانتشار في تلك المنطقة. أولوية الجيش في هذا الوقت، كما تؤكد مصادره، هي لضرب ارهابيي «داعش» وطردهم من مواقعه عند الحدود الشرقية، وهذه المهمة لا تحتمل بعثرة القوى والجهد، بل تتطلب حشد العديد والعتاد لانجازها بأقل كلفة واقصر وقت.
وتكشف المصادر العسكرية عن ان الجيش سينفذ إعادة انتشار شاملة على طول الحدود الشرقية بعد حسم معركته ضد «داعش»، وعندئذ يمكن له ان يتمركز في جرود عرسال المحررة ضمن سياق خطة شاملة.
اما باب التفاوض لانسحاب ارهابيي «داعش»، فلا يزال مقفلا من دون ان تكون هناك قوة دفع كافية لفتحه، اقله حتى الآن، علما ان الجيش يتصرف أصلا على قاعدة انه لا مفر من خوض المعركة، آخذا بعين الاعتبار احتمال ان يتكرر سيناريو «جبهة النصرة» عندما يبدأ الجد وتدق ساعة الحقيقة، بمعنى ان «تنظيم داعش» قد يصبح مستعدا للتفاوض والانسحاب بشروط الدولة اللبنانية، تحت النار، وعلى وقع دوي المدافع، في حين انه سيستمر في تجاهل خيار «الحل السلمي» إذا كان يبني حساباته على فرضية ان الجيش لن يملك جرأة اقتحام الجرود المحتلة.

 نصيحة الصراف 

وقال وزير الدفاع يعقوب الصراف لـ «الديار» ان تحديد توقيت الهجوم على «داعش» هو من اختصاص قيادة الجيش، مشيرا الى انه لا يجوز ان يتدخل السياسيون في ما لا شأن او معرفة لهم به. 
ويلفت الانتباه الى ان خطاب الرئيس عون في احتفال عيد الجيش تضمن تكليفا واضحا للجيش بدحر الارهابيين، والمؤسسة العسكرية تتحرك وفق ما تراه مناسبا تحت سقف هذا التكليف.
ويشير الصراف الى ان انتصار الجيش في هذه المعركة سيترك أثرا كبيرا على اكثر من صعيد، إذ لن يكون بعده ارهابي مستقو، ولا لاجىء مُقنّع، ولا جمعيات خيرية مشبوهة تُهرب المساعدات الى المسلحين، والاهم من كل ذلك ان الجيش سيحصن معنوياته. 

 

الجمهورية :

بدأ صوت المعركة يعلو مجدداً، إيذاناً ببدء الجيش هجومه المنتظر لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من مسلحي تنظيم «داعش»، فيما الوضع السياسي بدأ ينشَدّ الى هناك مثلما انشَدّ أخيراً لأيام أثناء تحرير جرود عرسال من مسلحي «جبهة النصرة». ولا يتوقع حصول اي تطورات سياسية وفي قابل الايام غير مرتبطة بالوضع في الجرود، وإن كان مجلس الوزراء سيتصدى لملفين: الاوّل، البَت بمصير بواخر الكهرباء في ضوء تقرير ادارة المناقصات. والثاني، الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، فضلاً عن انتظار الجميع ما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من قانون سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام.

تواصلت عمليات تضييق الخناق على «داعش» في الجرود، تحضيراً لانطلاق ساعة الصفر التي لم تُحدَّد بعد، على رغم كل ما يُدلي به بعض المحللين في وسائل الإعلام من آراء وما يجرونه من تحليلات حول الواقع العسكري في منطقة جرود رأس بعلبك والقاع، والتي وصفتها قيادة الجيش بأنها «غير دقيقة».

في هذا الإطار، أشار مصدر عسكري لـ»الجمهورية» الى أنه عند التحضير للمعركة، لا بد من السيطرة على تلال استراتيجية تسهّل التحكّم وتؤمّنه، أكان من جهة النظر أو من جهة القصف واستخدام الأسلحة المباشرة، وما سيطرة الجيش على «تلة النجاصة» وتلال «دوار الزنار» قرب وادي شبيب عند التماس بين جردي عرسال ورأس بعلبك، إضافة الى «تلة ضليل الاقرع» في جرود رأس بعلبك ـ الفاكهة وتدمير مدفعية الجيش الثقيلة أهدافاً للتنظيم في الجرود المحيطة، إلّا مقدّمة للمعركة.

وكلّ ذلك يصبّ في خانة التحضير لبدء الهجوم، كاشفاً أنّ أهمية هذه التلال تكمن في أنها أهم من تلك المُشرفة على مواقع «داعش» الأساسية، وهي تلال حاكمة ومسيطرة.

وعن تحديد ساعة الصفر لبدء الهجوم، جزم المصدر بأنها «لم تُحدّد بعد، إلّا أنها أصبحت قريبة، إذ إنّ لهذه المعركة اعتبارات وحسابات خاصة ودقيقة جداً».

وأوضح المصدر «أنّ دور الإعلام مهم جداً في المعركة، فمواكبته لها جزء أساسي من نجاحها، شرط عدم استباق الإعلان عن الخطوات الأمنية والعسكرية قبل أن تقرر القيادة الوقت المناسب لذلك.

ففي بعض الأحيان تُرمى الأخبار في الإعلام ما يؤدّي الى كشف خطة الجيش قبل وصوله الى الوجهة المقصودة، ما يُفشل عمله بالتالي ويؤذيه، وإن كان الإفصاح عن هذه المعلومات أحياناً عن حسن نيّة».

وكانت قيادة الجيش دعت وسائل الإعلام والمعنيين، إلى توَخّي الدقة في الإدلاء بالمعلومات والتحليلات، والعودة إليها للحصول على الوقائع والمعطيات الصحيحة.

وزراء الى سوريا

وعلمت «الجمهورية» أنه بعد الحديث عن التنسيق العسكري اللبناني ـ السوري بدأ يسري كلام عن زيارات سيقوم بها وزراء لبنانيون الى دمشق، حيث سيلبّي وزيرا الزراعة والصناعة غازي زعيتر وحسين الحاج حسن في 16 آب الجاري دعوة وزير الاقتصاد والتجارة السوري، يليها زيارة لوزير المال علي حسن خليل بدعوة من رئيس الحكومة عماد خميس. وبرزت أسئلة حول ما اذا كانت هذه الزيارات تحتاج الى موافقة من مجلس الوزراء، أم سيتمّ التعاطي معها على أنها «زيارات خاصة».

مصالحة الجبل

من جهة ثانية، شارك رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القداس الاحتفالي الذي أقيم في كنيسة سيدة التلة في دير القمر، لمناسبة عيدها والذكرى الـ16 للمصالحة التاريخية في الجبل التي حصلت في آب 2001 برعاية البطريرك الماروني السابق الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير.

وهذا القداس الذي ترأسه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، وحضره النائب «القوّاتي» جورج عدوان، غاب عنه رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي أناب نجله تيمور، وذلك بعدما رحّب بعون على طريقته مُغرّداً عبر «تويتر» قائلاً: «أهلا وسهلا بالرئيس ميشال عون في الشوف، في دير القمر، في عيد سيدة التلة».

وخلال القداس، توجّه الراعي إلى عون قائلاً: «نصلّي لكي يعضدكم الله في تذليل التحديات التي تواجهونها، وفي قيادة سفينة الوطن ومواجهة التحديات الكبيرة».

ودعا إلى «قيام الدولة بمؤسساتها وإداراتها المحررة من التدخل السياسي والتمييز اللوني في التوظيف خلافاً لآلية مبنية على الكفاية والأخلاقية، وإحياء اقتصاد منتج يُنهِض البلد من حافة الانهيار، ويرفع المواطنين من حال الفقر، ويفتح المجال أمام الشباب لتحفيز قدراتهم، ويحدّ من هجرتهم».

كذلك دعا الراعي إلى «تعزيز التعليم الرسمي والخاص والمحافظة على المدرسة الخاصة المجانية وغير المجانية وإنصافها ومساعدة الأهالي في حرية اختيارها، وحماية المالية العامة بوَقف الهدر والسرقة والفساد، وحفظ التوازن بين المداخيل والمصاريف ضمن موازنة واضحة ومدروسة، وضبط العجز والدين العام، وبناء قضاء شريف حر ومسؤول يكون حقاً وفعلاً «أساس الملك»، إضافة الى الإسراع في تطبيق اللامركزية الإدارية، المناطقية والقطاعية».

وكان الراعي زار الشوف في الذكرى الـ16 لمصالحة الجبل، وشارك في استقباله تيمور جنبلاط ووزراء «اللقاء الديموقراطي» ونوابه.

وبعد القدّاس في سيدة التلة، والغداء التكريمي على شرف البطريرك الذي أقامه راعي أبرشية صيدا وبيت الدين المطران مارون العمّار، عُقد لقاء في قصر الأمير أمين لإطلاق فيلم وثائقي تحت عنوان «ويبقى الجبل». وألقى خلاله الوزير مروان حمادة كلمة للنائب جنبلاط قال فيها إنّ «طلاب لبنان قُمِعوا على يد أجهزة الوصاية، لكنّ المسيرة استمرت والجبل قائم وسيبقى.

واليوم اكثر من اي وقت مضى نحن الى جانب الراعي لإنقاذ البلد من أي وصايات او مغامرات جديدة». كذلك تحدث النائب عدوان ممثلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فجَدّد «العهد والوعد، العهد للبطريرك صفير وللبطريرك الراعي بحماية الجبل من المفرّقين، ونحن مستمرون وثابتون على تعزيز العيش الواحد بين أبناء الجبل. والوعد لأهلنا أبناء الجبل بأن نبقى معاً في السرّاء والضرّاء».

وكان جنبلاط قد زار مطرانية بيت الدين، وألقى التحية على الراعي معتذراً عن المشاركة في لقاء قصر الأمير أمين.

شمعون

ولوحظ غياب إبن دير القمر رئيس «حزب الوطنيين الاحرار» النائب دوري شمعون عن مشهد الأمس، فهو لم يشارك لا في قداس عيد سيدة التلة، ولا في الغداء التكريمي في مطرانية بيت الدين.

واكد شمعون لـ«الجمهورية» انه اعتذر عن المشاركة سلفاً وغاب عن المنطقة، وقال: «لم أرَ أيّ معنى للافتة الكبيرة المرفوعة والضجة التي أثيرت وحديثهم عن قيامهم بالمصالحة.

نحن من قمنا بهذه المصالحة عام 2001 وحافظنا عليها، ولا مشكلات والحمد لله. فالأمر الثابت الوحيد والذي لم يتبدّل طوال هذه الاعوام هو هذه المصالحة، وهي ليست موضع بحث. فما جرى في الأمس دعاية إنتخابية، ليس إلّا».

ورداً على سؤال اكد شمعون انّ علاقته مع رئيس الجمهورية «لم يطرأ عليها اي جديد، فقد قمتُ بواجباتي كمواطن لبناني وكنائب وزرته في قصر بعبدا لتهنئته بانتخابه رئيساً».

الهبر

وقال النائب فادي الهبر، الذي شارك في غداء المطرانية وغاب عن حفلة إطلاق الفيلم الوثائقي «ويبقى الجبل»، لـ»الجمهورية»: «المصالحة حصلت سابقاً، والأساسي فيها كان حزب الكتائب مع المختارة، وفي الجبل حالة مُعاشة على مستوى العائلة، وذكرى المصالحة اليوم (أمس) أتت لاستثمار إنتخابي، ونرى محاولة تفرّد بغير حق واستثمار انتخابي لـ»القوات اللبنانية»، لأنّ هناك شراكة لسياديّين في المصالحة التي بدأت معنا، في حين كان رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في السجن.

ونعتبر انّ وحدة العائلة في الجبل أكبر من المزايدة والاستثمار الانتخابي والسياسي في وقت نحن كنّا أصلاً مَن صنع هذه المصالحة وتابعناها مع البطريرك صفير ثم في «لقاء قرنة شهوان»، وكان غيرنا في السجن والآخرون في المهجر». وأكد «انّ الجبل أرقى من الاستثمار الانتخابي»، وأبدى اعتقاده «أنّ النائب جنبلاط قد تغيّب لهذا السبب»

مصدر قيادي

وقال مصدر قيادي مسيحي لـ«الجمهورية»: «إنّ مصالحة الجبل هي مصالحة تاريخية وطنية مسيحية - درزية أراد البعض تقزيم الاحتفال بها الى «قواتية» - «إشتراكية» او «عونية» - إشتراكية».

وأضاف: «يعمل البعض منذ فترة على اختزال التمثيل المسيحي على المستويات كافة في محاولة لنَفخ حجمه السياسي اصطناعياً، وهي عملية مصطنعة تناقض المجتمع السياسي المسيحي وتركيبته التعددية ولا بد من أن تنكشف عاجلاً ام آجلاً». واعتبر «انّ ما يقوم به هذا البعض يهدّد استقرار المسيحيين واستقرار الجبل واستقرار لبنان. وقد سبق للمسيحيين أن دفعوا مراراً ثمن سياساته الإلغائية والتفردية.

فهو يتلهّى بحجمه في السلطة عن طريق السعي لإلغاء غيره والغرق في حرتقات محلية وفئوية، في وقت يواجه الكيان اللبناني تحديات وجودية من شأنها أن تنعكس سلباً على الدولة ومؤسساتها وعلى التعددية السياسية والثقافية والحضارية التي يتحلى بها لبنان، والمفترض انّ المسيحيين مؤتمنون عليها».

وأسف المصدر «لأنّ البعض لا يَعي أهمية البحث عن وسيلة لرَصّ الصف المسيحي في هذه المرحلة الدقيقة من حياة المسيحيين ولبنان، ومؤسف اكثر أن يَصل قصر النظر والوهم عند هذا البعض الى حدّ اعتبار انّ احتكار تنظيم احتفال يجعل منه ناطقاً باسم المسيحيين وممثلاً أحادياً لتطلعاتهم الوطنية».

وختم: «المطلوب تعزيز مصالحة الجبل مدخلاً الى مصالحة وطنية شاملة على قياس لبنان لا على قياس بعض الاحزاب، لا خلق مزيد من الخلافات بين المسيحيين. لكن يبدو انّ البعض لا يمكنه ان يعيش سياسياً الّا على زرع الخلافات».

مصادر مسيحية

من جهتها، سجّلت مصادر مسيحية مستقلة عبر «الجمهورية» غياباً للقوى التي كانت اساساً في مصالحة الجبل، مثل «لقاء قرنة شهوان»، وقالت لـ«الجمهورية»: «انّ هذا الغياب مهم إنما ليس الاساس. فالاساس هو انّ إحياء الذكرى اختُصر بالقوى المتحالفة انتخابياً، وكأنّ المصالحة هي مصالحة إنتخابية، بينما المطلوب هو إعطاء معنى فوق انتخابي وفوق سياسي لها».

وحمّلت المصادر النائب وليد جنبلاط «مسؤولية إفراغ هذه المصالحة من معناها ومضمونها الاخلاقي والانساني والوطني وجعلها فقط مصالحة على تقاطع انتخابي، ما يُفقدها قيمتها».

وقالت انّ «العتب ليس على الفريق السياسي المستفيد من هذا الوضع، بل على صاحب البيت، أي جنبلاط، الذي كان عليه أن يبقي هذه المصالحة فوق انتخابية وفوق سياسية، لأنها اوّل مصالحة تحصل بعد العام 1860، وهو اختصرها بالجانب الانتخابي فقط».

مجلس الوزراء

وفي هذه الأجواء قالت مصادر مطلعة لـ«الجمهورية» انّ تحديد موعد جلسة مجلس الوزراء لهذا الأسبوع ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته الخاصة التي غَيّبته عن بيروت منذ الجمعة الماضي، وليحدد مكانها في قصر بعبدا او في السراي.

واضافت هذه المصادر انّ استكمال التعيينات الإدارية على مستوى المحافظين وفي بعض المواقع الأخرى ينتظر بعض الإجراءات الإدارية لتكتمل الملفات، بالإضافة الى معالجة مواقف بعض الأطراف لتأمين التوافق عليها بين مختلف مكونات الحكومة.

وحول مصير تقرير «البواخر الكهربائية»، قالت المصادر: «انّ رأي مديرية المناقصات العامة يحتاج الى مزيد من الدرس قبل ان تقدّم وزارة الطاقة تقريرها الى مجلس الوزراء، في اعتبار انّ التزام توصيات دائرة المناقصات يلغي الإجراءات التي اتخذتها وزارة الطاقة من أساسها والعودة الى نقطة الصفر».

وعن موضوع الانتخابات النيابية الفرعية قالت المصادر انّ طرحه في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء ليس مضموناً في ظل التردّد في شأنها لأسباب مختلفة.

وقالت مصادر وزارية انّ البَت بهذا الموضوع قبل 17 آب الجاري «واجب الوجوب»، لأنّ هذا الموعد هو الأخير الذي حدّده وزير الداخلية لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في دائرتي طرابلس وكسروان ـ الفتوح إذا كانت النية إجراء هذه الإنتخابات يوم الأحد الما قبل الأخير من ايلول، أي في السابع عشر منه، أو الأحد الذي يليه في الرابع والعشرين منه

 

 

اللواء :

إذا كان الجيش اللبناني، وضع يده على ملف طرد عناصر (تنظيم الدولة) «داعش» من جرود بعلبك والقاع، بإجماع وطني، وارتياح لهذه المهمة الوطنية، فإن الأسبوع الطالع، يبدأ مهتماً بمصير سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام في الاسلاك المدنية والعسكرية، في ظل خطوط حمر، منها هذا المسؤول أو ذاك إما للسير بها كما أقرّت في المجلس النيابي (وفقاً لما يرى الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري)، أو إعادة النظر في بنود ضريبية وغير ضريبية (كما يرى الرئيس ميشال عون) الأمر الذي يعني، وفقاً للمادة 57، التي إذا لجأ إليها الرئيس عدم نشر القانون في مهلة الشهر بعد استلامه، وإعادة قانون السلسلة إلى المجلس من أجل مناقشة أخرى، وإعادة إقرار القانون بالغالبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً.
وثمة من يعتقد انه إذا نشر رئيس الجمورية قانون السلسلة، فإن معالجة الثغرات تكون من خلال مشروع قانون معجل سيدرك الثغرات، ويصلح الخلل، سواء في ما خص المادة 33 أو البنود الضريبية.
وقال مصدر مقرّب ان المهلة التي يتطلبها اتخاذ القرار في ما يتعلق بالسلسلة لم يعد بعيداً، لكنه يخضع لتدقيق ومقارنة بين الأرقام.
واشار وزير الدولة لمكافحة الفساد نقولا تويني الى ان الرئيس عون ما زال يدرس القانون بعدما أُحيل اليه، ويفترض ألا يستغرق وقتا طويلاً فيه (بسبب تقيده بالمهلة الدستورية شهر لتوقيعه او ردّه)، وقال لـ«اللوء»: ان قانون السلسلة سيمشي في نهاية المطاف، ولكن الرئيس مهتم ايضأ بإنهاء مشروع موازنة العام 2017. والرئيس مهتم كذلك بأن لا تكون موارد السلسلة على حساب الطبقات الفقيرة او من ذوي الدخل المحدود والمتوسط.
واضاف تويني: وهناك ايضاً مسألة قطع الحساب عن السنوات السابقة والذي لا بد من ايجاد حل له، سواء عبر اقتراح تعليق العمل مؤقتاَ بالمادة 83 من الدستور، او عبر اقتراح وزير المالية بتعليق العمل بالمادة 195 من قانون المحاسبة العمومية. والكل يعمل الان على ايجاد مخرج سريع لهذا الامر.
يُرتقب ان ينعقد مجلس الوزراء يوم الاربعاء المقبل وسط تقديرات وزارية بألا يتضمن جدول اعماله بنوداً خلافية او إشكالية، حيث ذكرت بعض المصادر الوزارية ان تقرير بواخر الكهرباء قد لا يعرض لأن وزير الطاقة سيزار ابي خليل لم يرفع تقريره بعد الى مجلس الوزراء وهو التقرير الذي يجب ان يكون مرفقاً بتقرير هيئة ادارة المناقصات في التفتيش المركزي، كما ان موضوع سلسلة الرتب والرواتب قدلا يُطرح للبحث قبل انتهاء رئيس الجمهورية ميشال عون من دراسة قانوني السلسلة والموارد المالية المرفق به.
ولفتت مصادر وزارية لـ«اللواء» إلى ان جدول أعمال الجلسة قيد الاعداد، وفي ضوء ذلك يتحدد مكان انعقادها في السراي أو قصر بعبدا.
وأكدت المصادر ان موضوع الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، يتوقع له ان يُشكّل بنداً، بعدما أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، ان الملف سيحضر في هذه الجلسة، مؤكدة انه طالما ان موعد 17 آب، وهو آخر مهلة لدعوة الهيئات الناخبة، لم يحل، فذاك يعني ان لا خوف على الموضوع.
اما بالنسبة للتعيينات في مجلس إدارة تلفزيون لبنان، فأكد وزير الإعلام ملحم رياشي لـ«اللواء» انه رفع بعض أسماء المرشحين لتعيينات في هذا المجلس إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، نافياً ان يكون هناك أي جديد في ما خص تعيينات الوكالة الوطنية للاعلام».
إلى ذلك أوضحت مصادر رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» ان رئيس الجمهورية ميشال عون شاء المشاركة في قدّاس عيد سيّدة التلة في دير القمر، وتلبية دعوة المعنيين لأنه تقليد درج عليه الرؤساء السابقون، وأكدت انه عاد بعد القدّاس نظراً لارتباطه بمواعيد مسبقة في قصر بعبدا.
مصالحة الجبل
على ان اللافت ان الاحتفال بذكرى مصالحة الجبل التي جرت وقائعها في 3 آب 2001، ترك «ندوباً وملابسات وعلامات استفهام تحتاج إلى توضيحات»، فرئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط الذي حقق هذه المصالحة مع البطريرك الماروني السابق نصر الله صفير، غاب عن الاحتفال، مثلما غاب عن قدّاس عيد سيّدة التلة في دير القمر، الذي رعاه وحضره الرئيس عون، والذي أقيم أيضاً للمناسبة، وأن كان (أي جنبلاط) حضر في وقت سابق إلى مطرانية بيت الدين، والتقى فيها البطريرك الماروني بشارة الراعي لبعض الوقت، حيث أكّد له انه لا يمكن ان يكون في الشوف دون ان يلقي التحية عليه، معتذراً عن عدم المشاركة في لقاء قصر المير أمين، لأنه يُعاني من «صداع».
أما الرئيس عون فقد حضر للصلاة فقط في قدّاس دير القمر، ثم عاد إلى بعبدا، من دون مشاركته في احتفال ذكرى المصالحة في بيت الدين، ولا الغداء في المطرانية الذي أقامه المطران مارون العمار تكريماً للبطريرك الراعي لمناسبة الإحتفال الذي طوى قبل 16سنة آخر صفحة من صفحات الحرب الأهلية.
وانسحب غياب الرئيس عون عن الاحتفال، رغم انه كان تلقى دعوة لحضوره من المطران العمار، مقاطعة وزراء ونواب «التيار الوطني الحر» عن احتفال ذكرى المصالحة، بداعي انهم لم يتلقوا دعوة لحضوره، قال وزير الطاقة سيزار أبي خليل انه حضر إلى دير القمر للمشاركة في عيد سيّدة التلة وليس بذكرى المصالحة، مفسراً ما حصل بأنه «استثناء لفريق مسيحي كبير من الجبل».
اما الاحتفال الذي أقيم في قصر الأمير أمين فقط اقتصر على عرض فيلم وثائقي بعنوان «ويبقى الجبل» اعده الزميل سعد الياس تضمن مقابلات حول مجرى المصالحة وطي صفحة الحرب والعلاقة بين الدروز والمسيحيين، ثم كلمات للوزير مروان حمادة الذي اعتذر باسم النائب جنبلاط عن عدم الحضور لأسباب صحية، ثم النائب جورج عدوان ممثلاً رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، وأخيراً للبطريرك الراعي الذي لفت إلى ان المصالحة أعادت اللحمة الوطنية، وكانت هاجس البطريرك صفير». واعتبر ان «المصالحة السياسية والاجتماعية قد تمت بمعظمها ويجب استكمالها بالعيش معاً بثقة وتعاون».
وختم: «سلامة لبنان من سلامة الجبل، فلنعمل كلنا لتوطيد هذه المصالحة».
ولوحظ ان الراعي تجاهل موضوع هذه المصالحة في عظته في قدّاس سيّدة التلة، وقال موجهاً كلامه إلى الرئيس عون: «نصلي كي يعضدكم الله ويزينكم بالحكمة والروح الرئاسي لتواجهوا التحديات الكبيرة، محدداً «هذه التحديات بقيام الدولة بمؤسساتها واداراتها المحررة من التدخل السياسي والتمييز اللوني في التوظيف خلافاً لآلية مبنية على الكفاءة والاخلاقية، واحياء اقتصاد منتج، تعزيز التعليم الرسمي والخاص، حماية المالية العامة، وبناء قضاء شريف حر ومسؤول والاسراع في تطبيق اللامركزية الادارية المناطقية والقطاعية».
وليلاً غرد جنبلاط عبر «تويتر» بالانكليزية قائلاً: «جبوب الأرز تعاني تحت ضربات المدقة، ولكن عجيب بياضها عندما تنتهي المحنة، وهكذا هو مع الرجال الذين نعيش معهم، لتكون رجلاً يجب ان تعاني من ضربات سوء الحظ».
جرود القاع ورأس بعلبك
أمنياً، نفذ الجيش أمس، عملية نوعية نجح خلالها في السيطرة على مواقع متقدمة في جرود الفاكهة، ورأس بعلبك، في الوقت الذي دمرت فيه مدفعيته الثقيلة اهدافاً لتنظيم «داعش» في الجرود المحيطة.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان، ان وحدات من الجيش تمركزت على تلال ضليل الاقرع ودوار النجاحة وقلعة الزنار من ناحية جرود عرسال، استكمالاً لانتشار هذه الوحدات واحكام الطوق على المجموعات التابعة لـ«داعش».
كما واصلت مدفعية الجيش استهداف مراكز هذا التنظيم في جرود منطقتي رأس بعلبك والقاع، ودمرت له عدداً من التحصينات واوقعت اصابات مؤكدة في صفوف الارهابيين.
وتعتبر هذه التلال من أهم التلال المشرفة على مواقع «داعش» وتقع بين جردي عرسال ورأس بعلبك.
وقبل العاشرة ليلاً بقليل بدأ الجيش باستهداف مواقع «داعش» في جرود الفاكهة ورأس بعلبك بقصف مدفعي وصاروخي كان ما زال متواصلاً حتى منتصف الليل.
وأعلن «الاعلام الحربي» ان مقاتلي «حزب الله» استهدفوا بقصف مدفعي ورمايات مباشرة، تجمعاً لمسلحي «داعش» قرب خربة داوود عند الحدود السورية – اللبنانية، ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف التنظيم.
ومن ناحية ثانية، أعلن «الاعلام الحربي» التابع للحزب ان 3000 شخص بينهم 350 مسلحاً من «سرايا أهل الشام» سيغادرون مخيمات عرسال باتجاه الرحيبة في القلمون الغربي، وأن 800 عائلة سورية ستغادر هذا الأسبوع مخيمات النازحين في عرسال.

 

الاخبار :

انتزع الجيش اللبناني، هذه المرة، الغطاء السياسي من قوى السلطة، وها هو يستعد لخوض معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود بلدتَي رأس بعلبك والقاع، من احتلال تنظيم «داعش» الإرهابي. لم تضع القيادة، بحسب مصادر عسكرية، موعداً لبدء المعركة. فالتحضيرات اللوجستية لم تجهز جميعها بعد.

وقد رفضت المصادر تحديد موعد لانطلاق العمليات العسكرية، قائلة إن الجيش غير مستعجل، وعندما تجهز كافة الشروط اللوجستية، ستبدأ المعركة. يُضاف إلى ذلك أن خطوة ميدانية ينبغي القيام بها قبل انطلاق المعارك، تتمثّل في خروج «سرايا أهل الشام» من لبنان إلى سوريا. وأعلن «الإعلام الحربي» أمس أن نحو 3000 شخص، بينهم نحو 350 مُسلحاً من سرايا أهل الشام، سيرحلون الأسبوع الجاري باتجاه منطقة الرحيبة في القلمون الشرقي. ووفق الاعلام الحربي، من المُقرر مغادرة قرابة 800 عائلة سورية خلال هذا الأسبوع من مخيمات النازحين في عرسال باتجاه قرى وبلدات القلمون الغربي.


 

 


في هذا الوقت، يستمر الجيش والمقاومة في استهداف مجموعات تنظيم داعش في الجرود. ويوم أمس، استهدفت مدفعية الجيش مراكز لـ«داعش»، فدمّرت «عدداً من التحصينات وأوقعت إصابات مؤكدة في صفوف الإرهابيين»، بحسب بيان مديرية التوجيه، فضلاً عن أنّ وحدات من الجيش تمركزت، من ناحية جرود عرسال، «على تلال ضليل الأقرع ودوار النجاصة وقلعة الزنار». وفي الوقت عينه، أعلن «الإعلام الحربي» أن المقاومة استهدفت مجموعة من «داعش» قرب خربة داوود، «ما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المجموعة».
مصادر عسكرية قالت لـ«الأخبار» إن تقدّم الجيش لم يكن نتيجة معركة، إذ إن المواقع التي سيطر عليها تُعدّ «منطقة رمادية». فلا هي بيد العدو، ولا الجيش يسيطر عليها. لكن التقدّم إليها يؤمّن للجيش تماساً إضافياً مع المناطق التي يحتلها داعش.
وأكّدت مصادر عسكرية لـ«الأخبار» أن الجيش لا ينسّق بشأن معركة عرسال مع الجيش السوري، رغم وجود مكتب دائم للتنسيق بين الجيشين، ورغم أن الجيش اللبناني لا يزال يتلقّى قطع غيار من سوريا لجزء من دباباته. وجزمت المصادر بأن الأميركيين لن يشاركوا في المعركة ضد داعش، مكرّرة أن الموجودين في لبنان ليسوا سوى تقنيين. ونفت أن يكون أميركيون هم من يشغّلون الطائرات المسيّرة عن بُعد التي يستخدمها الجيش في الجرود، مؤكدة أن ضباطاً ورتباء لبنانيين هم من يتولون هذه المهمة.
في الإطار عينه، نفى وزير الدفاع يعقوب الصراف، في حديث إلى إذاعة «صوت لبنان 93.3»، أيّ تنسيق عسكري بين الجانبين اللبناني والسوري، «بسبب الخلاف السياسي في هذا الملف»، سائلاً في الوقت عينه «أين المشكلة في التنسيق مع سوريا إن كان سيصبّ في صلب المصلحة الوطنية؟». وعن طلب الدعم الأميركي في المعركة، ردّ الصراف باعتقاده أنّ «الجيش لن يطلب مساعدة أحد»، مع إشارته إلى أنّه «لا أحد سيألو جُهداً في تأمين أيّ مساعدة للجيش في حال احتاج إليها».
وفي السياق عينه، تحدّث وزير الخارجية جبران باسيل عن تجربة عام 2014، يوم مُنِع الجيش من ممارسة مهماته في عرسال ومحيطها، فقال إنّ عرسال وجرودها «احتُلّت لأنّ القرار السياسي غاب عن تحريرها». أما اليوم، فالقرار هو أن « يخوض الجيش المعركة وحده. كان قادراً في 2014، لكنه مُنع، والآن سُمح له بذلك من خلال توافق لبناني». ومواكبةً لتحضيرات الجيش، يعقد المجلس السياسي في التيار الوطني الحر، برئاسة باسيل، اجتماعاً استثنائياً صباح اليوم في صالون كنيسة مار إليان، في رأس بعلبك.
من جهته، رأى نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، أنّ «وجود جبهة النصرة في جرود عرسال كان يُعتبر خطراً حقيقياً ودائماً». بعد الانتصار، «شعر اللبنانيون أنّهم حققوا إنجازاً كبيراً جداً. نستطيع أن نقول إنه لم يشهد لبنان إجماعاً حول حزب الله والمقاومة كما شهده في هذه المعركة».
نائب الأمين العام لحزب الله كشف أن اللواء عباس إبراهيم «فتح باباً معيناً للتفاوض» مع تنظيم داعش، رابطاً نجاح المفاوضات بكشف التنظيم الإرهابي عن مصير «العسكريين المعتقلين لديهم للإفراج عنهم». ويرى قاسم أنه في حال شارك «حزب الله في المعركة مع الجيش السوري من الجانب السوري والجيش اللبناني من الجانب اللبناني، فسيكون هناك تكامل في الخطة. الجيش اللبناني درس وضعه، ويقول قائد الجيش إنّ بإمكانه أن يخوض هذه المعركة».