معركة عرسال بأهدافها ونتائجها لا تخدم سوى الايراني وهو حتما سيستفيد منها في الترتيبات الجارية في سوريا
 

قيل في أبي مالك ما لم يقله الإمام مالك في الخمرة ! 
أبو مالك التلي هو نجم الإعلام اللبناني. فأخباره غطت على ما سواها مما يحدث في البلد. وتتصدر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة. وكل وسائط التواصل الإجتماعي. فلا تغطية تليق بيوم الجيش في الأول من اب وهو عيد وطني للبنان بامتياز. ولم يتبق مساحة من الأخبار لسلسلة الرتب والرواتب التي لم نعد نعرف في درج من الأدراج سيتم دفنها. ولم يعد يوجد من يتبرع ويخبرنا بما آلت إليه أمور البلاد الإقتصادية والمالية والخدماتية والاجتماعية. وغابت أخبار الموازنة. 
فوسائل الإعلام كلها في خدمة أبو مالك التلي وزمرته الإرهابية. والمراقبون والمحللون وأصحاب القراءات السياسية تفرغوا لخدمة معركة جرود فليطا وعرسال وما أنتجته من مفاوضات وترحيل أبو مالك وجماعته المسلحة وأقاربه وانسباءه وكل من يلف لفهم في قافلة آمنين وبسلام محروسين بعناية الله وعيون حزب الله

إقرا أيضا: انتصارات ترفرف في سماء العرب

والأخبار الواردة من التلال والجبال الرابضة على أراضي الحدود المتداخلة بين لبنان وسوريا التي دارت عليها المعركة بين مجاهدي المقاومة الإسلامية وجبهة النصرة الإرهابية بأمرة أبو مالك احتكرها الإعلام الحربي لحزب الله الذي تولى عملية توزيع وقائع المعركة منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها وحتى نهايتها. ولاحقا عملية المفاوضات وتفاصيلها على كافة وسائل الإعلام. فحيكت الحكايات والأساطير عن البطولات التي شهدتها أرض المعركة وعن مخاطر هؤلاء الإرهابيين إن لجهة ضرب الأمن والاستقرار في البلد او لناحية الحديث عن مشروعهم بإنشاء إمارة لهم تمتد من فليطا مرورا بالبقاع الشمالي وصولا إلى عكار. او ما يتعلق بخطرهم الداهم على المجتمع اللبناني بكافة فئاته وطوائفه ومذاهبه وانتماءاته الحزبية والسياسية ليكتمل بذلك مشهد الإنتصار الكبير الذي حققه حزب الله بإزالة خطر هذه الجماعات الإرهابية ليضيفه إلى انتصاره في حرب تموز 2006 على العدو الإسرائيلي وقبله النصر الذي هز الدني في العام 2000 بإخراج فلول الجيش الصهيوني من الجنوب اللبناني وهو يجر اذيال الخيبة والفشل. 

إقرا أيضا: حقائق صادمة: إتفاقات مسبقة بين حزب الله داعش وسرايا الشام مهدت لعملية وهمية على طريقة تلفزيون الواقع

وحزب ألله الذي يحاول أن يستثمر نصره على جبهة النصرة إلى آخر حدود الاستثمار فإنه يجهد لتلميع صورته وتقديم نفسه على أنه الطرف الأقدر والأقوى الذي أنقذ البلد من مخاطر الإرهاب كما انقذه من الإحتلال الإسرائيلي مع إعطاء دور متواضع للجيش اللبناني وللشعب الذي يقف وراءهما لتكتمل بذلك ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة. مع التركيز بأن الفضل يعود لمسلحي المقاومة الإسلامية بتحرير الجرود اللبنانية وعلى أنه سيقوم بتسليم هذه المناطق المحررة إلى الجيش دون منة من أحد وكبادرة حسن نية بأنه يقوم بما يمليه عليه الواجب الوطني والإنساني. وليس لأي اعتبارات أخرى. وبالتالي فهي رسالة إلى من يهمه الأمر داخليا واقليميا ودوليا بأن حزب الله من أكثر الأطراف عداءا للإرهابيين وهو قوة يمكن الاعتماد عليها في مكافحة الإرهاب. مع الإشارة إلى أن مقاتلي جبهة النصرة في الجرود قبل المعركة كانوا اضحوا مجموعة معزولة وليس لها هدف قتالي. وليست على تواصل عملاني مع قيادتها. والمعركة شكلت مخرجا لحزب الله وضعه في خانة المنتصر على الإرهاب. وانهت وضعا مربكا وغير مجد لجبهة النصرة. ومشهدا كاريكاتوريا بدا فيه الحزب في وضع المنتصر والجبهة في وضع المهزوم برحيلها إلى منطقة إدلب. 
لا شك في أنه لا بد من إزالة بقعة الخطر التي تكونت في جرود السلسلة الشرقية لجبال لبنان. إلا أن المعركة التي خاضها حزب الله لم يقدم عليها بدوافع وطنية. ومن قبيل الواجب الوطني تجاه لبنان وشعبه بقدر ما هي جزء من الأجندة الإيرانية في المنطقة انطلاقا من توجس إيراني من موقع عرسال ومن أهلها وانسجاما مع التفاهمات الأميركية الروسية لتقاسم مناطق النفوذ على الجغرافيا
 السورية.