أولاً: الحريري في واشنطن..دعم حزب الله...
الجميع يعلم أنّ الرئيس سعد الحريري ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية ، عن يمينه الوزير جبران باسيل وعن يساره حاكم مصرف لبنان للتخفيف من مضارّ الحملة الأميركية المتواصلة بالتضيّيق المالي على حزب الله وتشديد العقوبات الأميركية بحقّه، وهذا أمرٌ لعلّه صائب ومُحق، نظراً لارتباطه بالمصلحة الوطنية العامة، إلاّ أنّ ما يشوب هذا المسعى "النبيل" هي محاولات الرئيس الحريري النأي بنفسه ونفس حكومته عن المقصد الفعلي للزيارة، وعدم الرّد بحزم وجزم على الرئيس ترامب، الذي ركّز على الأخطار التي يمثلها حزب الله في لبنان والمنطقة، متغافلاً عن مخاطر التدخلات الدولية والإقليمية.ومن بينها الإيرانية والروسية والتركية والإسرائيلية، ومن ضمنها طبعاً الأميركية، وأضعف الإيمان كان مبادرة الحريري التأكيد على ما نسمعه يومياً داخل لبنان، من قبل" المستقبل " و"القوات اللبنانية ": التضامن الحكومي والتّوافق الخلّاق حول مسائل شائكة كالسيادة والسلاح غير الشرعي وقرارات السلم والحرب، فلربما اكتسى الخطاب الحريريّ عندئذٍ في واشنطن بعض الصدقية والصراحة، ولربما كان ليحظى ببعض الإعجاب والتّفهم من الرئيس الأميركي وإدارته.

إقرأ أيضًا: خطاب السيد حسن نصرالله... الاعتدال والواقعية ومنطق التسويات
ثانياً: الاضطراب الحقيقي في بيروت...
الاضطراب الحقيقي في سياسة المستقبل، هي البيانات التي صدرت في بيروت أثناء احتدام معارك جرود عرسال بين حزب الله والنُّصرة، فبدا "المستقبل" الذي يهاجم حزب الله في لبنان هو غير "المستقبل" الذي يدافع عن حزب الله في واشنطن. وزاد الأمور بلبلة وغموضاً الزيارة المفاجئة بالأمس للسيد أحمد الحريري لعرسال، ورفع الصوت عالياً لنُصرة البلدة والوقوف إلى جانب أهلها، بعد إغفالٍ مديد، ومحاولة طمأنة أهلها بعد جلاء غبار المعارك، علماً أنّ الجيش اللبناني كان قد ضمن سلامة أهالي عرسال قولاً وفعلاً.
ثالثاً: المزيد من الحيرة والاضطراب أمام اللبنانيين...
كان اللبنانيون في حيرةٍ من أمرهم حول نشاطات حزب الله في لبنان، وترسانته العسكرية، وهم منقسمون فعلاً: هل أراد لهم هذا الحزب شرّاً أم أراد لهم رشدا! حتى تضافرت سياسات تيار المستقبل، ومواقف حزب القوات اللبنانية المتداخلة والمتشابكة والمتناقضة في بعض الحالات لتزيد في هموم اللبنانيين الجمّة همّاً إضافيّاً.