نصرالله بعد أن قتل الشعب السوري إلى جنب نظامه يحتاط بحبة كرز عرسالية

 

المستقبل :

بمزيد من العزم والمسؤولية والحرص على إعلاء صوت لبنان في عواصم القرار الدولي، واصل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري نشاطه الرسمي أمس في العاصمة الأميركية حاملاً الهمّ اللبناني بمختلف جوانبه وتحدياته الأمنية والاقتصادية والاجتماعية ليضع المجتمع العالمي أمام مرآة مسؤولياته تجاه هذا البلد «النموذج» بما هو من «رصيد ثمين للمنطقة والعالم» ينبغي المحافظة عليه. فغداة تتويجه الزيارة بمحادثات «بناءة وإيجابية جداً» أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، استكمل الحريري لقاءاته مع المسؤولين في الإدارة الأميركية فضلاً عن إلقائه محاضرة في معهد كارنغي للسلام العالمي تلبيةً لدعوة من إدارة المعهد بحضور حشد كبير من المفكرين والباحثين، استعرض في مضامينها أهمية لبنان على الخارطة الإقليمية والدولية بوصفه أيقونة الاستقرار والاعتدال والتعايش والحوار «في منطقة محفوفة بالعنف الديني والطائفي وفي عالم أصبح فيه التعايش بين الإسلام والمسيحية يصوّر على نحو متزايد بأنه مستحيل».

وعن التهديدات التي يواجهها اللبنانيون، فنّد الحريري ما يتعاملون معه من هذه التهديدات «بمفردهم» في مقابل تلك التي «لا بد من مساهمة المجتمع الدولي» في سبيل التصدي لها. وفي هذا السياق عرض لما تحقق لبنانياً على صعيد إعادة النهوض بالحياة السياسية والدستورية في البلد وصولاً إلى مخططات حكومته وأهدافها «لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية». أما في ما يتعلق بأعباء النزوح السوري وآثاره المدمرة على البنى التحتية والقطاعات الاجتماعية والتربوية والصحية 

والخدماتية في لبنان، فشدد على ضرورة حشد المساعدة في شكل منح وقروض تساهلية مع تشجيع مشاركة القطاع الخاص في سبيل «تطوير برنامج استثمار رأسمالي يمتد لعدة سنوات»، كاشفاً عن «وضع اللمسات الأخيرة على برنامج في حدود 14 مليار دولار تماشياً مع خطة التنمية الطويلة الأجل في لبنان».

وبعد المحاضرة، كانت لرئيس مجلس الوزراء سلسلة مواقف في إطار الحوار الذي دار بينه وبين الحضور، فأكد في ما يتعلق بملف العلاقة مع «حزب الله»، أنّه يعمل على منع أي انعكاس للاختلافات مع الحزب على مصلحة لبنان وشبعه واقتصاده، وقال: «أنا لا أوافق على ما يقوم به «حزب الله» وكنا نفضّل أن يقوم الجيش اللبناني بما يقومون به في (جرود) عرسال ولا نودّ أن نراهم في سوريا والعلاقة بيننا وبينهم صعبة جداً حيال السياسات الإقليمية (...) الطريقة المُثلى هي أن نتجنب مواقف بعضنا حيال هذه الأمور ونحاول أن نعمل بقدر ما نستطيع لما فيه مصلحة لبنان.. الجميع يريد استقرار البلد هذا هو هدفنا في هذه الحكومة ونستمر بالعمل عليه»، وسط تشديده في السياق نفسه على أن واجبه كرئيس مجلس وزراء «هو حماية لبنان من أي نوع من عدم الاستقرار» وتجديده التزام الحكومة اللبنانية بالقرار 1701 مع الإشارة إلى كون «مسألة «حزب الله» إقليمية لا يجب إلقاء اللوم دائماً فيها على لبنان بل يجب وضعها وإيجاد حل لها في الإطار الإقليمي». 

وعن العقوبات الأميركية المُزمع إقرارها ضد الحزب والمخاوف من أن تنعكس سلباً على القطاع المصرفي اللبناني، لفت إلى أنه سيزور الكونغرس اليوم ويجري محادثات في هذا الصدد، مبدياً ثقته بأنّ «الكونغرس سيستمع إلى بعض الملاحظات التي لدينا».

ولاحقاً، زار الحريري وزير الخارجية الأميركية ريكس تيليرسون في مقر وزارة الخارجية يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل وعدد من أعضاء الوفد اللبناني المُرافق، وتم خلال اللقاء عرض للأوضاع في لبنان والمنطقة وسبل تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين. وبعد الاجتماع اكتفى تليرسون بالقول: «أنا مسرور بأن أرحّب برئيس وزراء لبنان سعد الحريري هنا في وزارة الخارجية وقد ناقشنا كما تتوقعون الوضع في سوريا ومسائل تتعلق بالأمن في المنطقة، وأنا أعرف أنه كان للرئيس الحريري أمس لقاء وديّ جداً جداً مع الرئيس ترامب وسنستمر في متابعة القضايا التي أثيرت للبناء عليها».

وكان الحريري قد لبى مساء الثلاثاء حفل استقبال في مبنى السفارة اللبنانية أقامته على شرفه القائم بأعمال السفارة في واشنطن كارلا جزار، وألقى للمناسبة كلمة أبدى فيها حرصه على إرساء مبدأ التوافق «على كل أوجه الحكم» في لبنان، مشدداً على هدف «تقوية المؤسسات والجيش والقوى الأمنية لتبسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية»، ومؤكداً أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «مصرّ على هذا الموضوع أكثر من أي شخص آخر». في حين أبدى الحريري خلال استقباله وفداً من أعضاء «تيار المستقبل» في واشنطن وعدد من الولايات الأميركية يقينه بأنّ «القتل والاقتتال ليس ما يريده الشباب لبلدهم بل ما يريدونه هو فرص العمل والاستقرار والأمان وأن تقوم الحكومة بواجباتها وتؤمن الكهرباء والمياه والتعليم والتأمين الصحي وغيره».

 

الديار :

بحجم الانتصار الكبير على ارهابيي الجرود، وبما يليق به ويستحقه، بدا خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أعلن مساء أمس عن تحقيق انتصار عسكري كبير جدا، موضحا انه سيُستكمل قريبا، إما بالمفاوضات وإما بالقوة.
ترفع نصرالله في كلامه المدروس عن الصغائر والصغار، وظهر شامخا كالجبال المحررة في الجرود، ومتواضعا كبساتين الكرز فيها.
لم ينزلق «السيد» الى الزواريب ولم ينخرط في السجالات. حافظ على نقاء النصر وطهارته، وأهداه الى كل اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين والى جميع شعوب المنطقة.
تحلى «السيد» في خطابه بأخلاق «المنتصر النزيه». تجاهل المُعادين واستوعب المتمايزين وقدّر المؤيدين واحتضن المضحين. أكثر من ذلك، ابدى نصرالله قدرا كبيرا من الرقي البليغ وسعة الصدر في التعامل مع أعدائه ممن يقاتلون المقاومة في صفوف «جبهة النصرة» وسرايا أهل الشام، ليثبت مرة جديدة ان الحزب يخوض الحرب كما السياسة متسلحا بمجموعة من «آداب السلوك» . 
ظهر نصرالله حريصا على سلامة النازحين السوريين وحتى على عائلات المسلحين، اكثر من مقاتلي «النصرة» أنفسهم، مؤكدا انه لا علاقة لنا بنسائهم واطفالهم، ونحن ليس كغيرنا. كما بدا مسكونا بهاجس حماية أهالي عرسال أكثر مما توحي به المرجعية السياسية لهذه البلدة، مطمئنا إياهم الى ان بلدتهم لم تكن يوما مستهدفة من قبل الحزب. 
كان «السيد» خائفا على المدنيين حتى من خطأ غير مقصود او قذيفة طائشة، الى حد انه طلب من المقاتلين التمهل في انهاء الجزء الاخير من العملية العسكرية والحذر في استخدام بعض أنواع الاسلحة، تجنبا لالحاق أي أذى بالمدنيين.
أطل نصرالله بهدوء ما بعد العاصفة، تغلفه طمأنينة الواثق في قدرات المقاومين وارادتهم. لم يُفقده الانتصار توازنه او اتزانه، بل هو اتكأ عليه حتى ينصح النصرة بالتجاوب مع خيار التسوية عبر المفاوضات للانسحاب من آخر مواقعهم في الجرود، مشيرا الى ان هذه المفاوضات التي تتم عبر جهة رسمية اكتسبت شيئا من الجدية وحقق بعض التقدم خلال اليومين الماضيين، وداعيا قيادة «النصرة» في ادلب الى التعاطي بمزيد من الواقعية مع التطورات الميدانية.
وخلافا للاتهامات التي وُجهت اليه بأنه أطلق معركة تحرير الجرود خدمة لاجندة سورية او ايرانية، بادر نصرالله الى «لبننة» المواجهة والانجاز بشكل كامل، بدءا من مرحلة التخطيط وصولا الى موسم القطاف. وابعد من ذلك، بلغ التواضع بـ«السيد» حد الايحاء للبنانيين الداعمين للمقاومة بأنهم معنيون بإيقاع المعركة ونجاحها، وليسوا فقط مؤيدين ومناصرين لها، طالبا منهم عدم الضغط علينا في الوقت وعد الساعات والايام لإتمام الحسم العسكري.
وتعامل الامين العام لحزب الله بمسؤولية عالية مع اللحظة الراهنة، وتصرف كرجل دولة وليس فقط كقائد للمقاومة، وهذا ما عكسه قوله بأنه لن يرد على كلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب ضد حزب الله مراعاة لمهمة الوفد اللبناني الرسمي في واشنطن (برئاسة الرئيس سعد الحريري).
اما الجيش اللبناني، فقد انصفه نصرالله وقدمه شريكا اصيلا في الانتصار، من خلال الاجراءات التي اتخذها والسد المنيع الذي بناه حول عرسال والمخيمات لمنع تسلل المسلحين في هذا الاتجاه او ذاك. 
وتجنبا لاي اجتهاد في تفسير نيات الحزب من قبل «قارئي الفنجان» ومنعا لاي شرود في مخيلات الخصوم، أعلن نصرالله صراحة عن الاستعداد لتسليم المواقع التي سيطرت عليها المقاومة الى الجيش اللبناني إذا كان جاهزا لذلك، الامر الذي من شأنه ان يُسقط نظرية توظيف الانتصار في حسابات حزبية او مذهبية.
وتفادى نصرالله المتخصص في صناعة المفاجآت الكشف عن كيفية التعاطي لاحقا مع مسلحي «داعش» في الاجزاء الاخرى من الجرود، محتفظا بـ«الغموض البناء» الذي يشكل بحد ذاته سلاحا مؤثرا.
ولأن عناصر المقاومة، من شهداء وجرحى واسرى ومقاتلين إضافة الى أهاليهم، هم صنّاع الانتصار وحراسه، فقد خاطبهم نصرالله بتأثر شديد، محاصرا الدمعة التي حاولت ان تفلت من عينيه، ومتوجها اليهم بعاطفة متدفقة، اضفت على الانتصار بُعدا وجدانيا، زاده بريقا.
وفي انتظار ان تقرر «بقايا» جبهة النصرة وجهتها، سواء نحو الانسحاب بالتفاوض او استمرار القتال حتى النهاية، بات مؤكدا ان رقعة انتشار مقاتليها اصبحت محصورة في كيلومترات معدودة ضمن جيوب جردية متاخمة لمخيمات النازحين في وادي حميد ومدينة الملاهي، فيما لجأ الجيش اللبناني الى تعزيز حضوره العسكري في القاع وراس بعلبك تحسبا لاحتمال بدء الهجوم على مراكز داعش في جرود البلدتين قريبا. 
وأبعد من تحرير الجرود، انعكست العملية العسكرية ربيعا متجددا للمقاومة التي أعادت انتاج حضورها في الوجدان الوطني العام، واكتسبت من جديد زخما معنويا وعاطفيا كبيرا، كانت بحاجة اليه، بعدما صرفت جزءا من رصيدها خلال السنوات الماضية، تحت وطأة الاستحقاقات التي واجهتها والحملات المنظمة التي تعرضت لها.
وفيما تستعد الولايات المتحدة لفرض عقوبات جديدة على الحزب وتشديد الحصار المالي عليه، كان هو يكسر الحصار الداخلي ويتمدد مجددا في عروق النسيج اللبناني بعد انسداد بعضها في المرحلة الماضية، متجاوزا الاصطفافات الطائفية والمذهبية.
ولعل الحزب معني بان يرسمل مرة اخرى على هذا التعاطف والتضامن معه، بحيث يعيد توسيع رقعة البيئة الحاضنة، ردا على محاولات حصره في الوعاء الشيعي، في سياق السعي الحثيث الى اعطاء الصراع طابعا مذهبيا.
اما القلقون من الطريقة التي سيصرف بها الحزب انجازه النوعي في جرود عرسال، فالارجح انهم يعانون من «فوبيا الانتصارات» ، لا سيما ان المقاومة ليست اساسا بهذا الوارد، إضافة الى ان طبيعة المرحلة لا تحتمل اي توظيف لنتائج المعركة او فائض القوة، على المستوى الداخلي، إذ ان رئيس الجمهورية أنتخب، وقانون الانتخاب أقر، والحكومة الحالية باقية حتى ايار المقبل، والمقاومة التي كانت تواجه في ايار 2008 خطر استهداف سلاح الاشارة باتت الآن تمتد من اقصى الجنوب الى تخوم الجولان.
وعليه، فان المقاومة تشعر بأن ظهرها آمن ومحمي على الصعيد الاستراتيجي، في ظل وجود رئيس للجمهورية يتناغم معها، ورئيس مجلس نيابي حليف لها، وقائد للجيش يتكامل معها، وحكومة محكومة بتوازن دقيق يمنع اي تعرض لها، وأجهزة أمنية تبرع في التصدي للارهاب، فيما يبدو ان بعض الاصوات المعاكسة لا يتجاوز تأثيرها حدود التشويش. 
من يحق له ان يقلق هو العدو الاسرائيلي الذي يتابع قادته ومحللوه بتوتر تقدم المقاومة في جرود صعبة وجبال شاهقة يرتفع بعضها اكثر من 2000 متر عن سطح البحر، مع ما تتطلبه هذه الجغرافيا المعقدة من كفاءة عسكرية عالية، وتخطيط نوعي.
لقد جرب الحزب حتى الآن كل انواع القتال. اختبر المواجهة في الصحراء (تدمر والبادية) والمدن (حلب والقصير) والارياف السورية، والجرود والجبال في عرسال والقلمون، مكتفيا مع خصوصية كل ساحة وجبهة. والحصيلة التراكمية هي مزيد من التجارب والخبرات التي نقلت الحزب الى مصاف الجيوش، وفق تقديرات أعدائه قبل غيرهم. بهذا المعنى، فان سيناريو دخول المقاومة الى الجليل الاعلى، إذا نشبت حرب مع اسرائيل، يصبح واقعيا ومحتملا في حسابات العدو، تأسيسا على «القيمة المضافة» التي اكتسبها حزب الله من معارك سوريا والجرود اللبنانية، معطوفة على حرب تموز.
لكن، وعلى بُعد آلاف الاميال من جرود عرسال، برزت واحدة من المفارقات اللبنانية الصارخة التي يجدر التوقف عند دلالاتها. خلف البحار، وبالتزامن مع هجوم حزب الله على التكفيريين في الجرود، كان الرئيس الاميركي دونالد ترامب يستهدف الحزب بحملة عنيفة، على مسمع ومرأى من الرئيس سعد الحريري الذي يترأس حكومة تضم في صفوفها الحزب، بل انه لولا التفاهم السياسي مع الحزب، ما كان الحريري ليعود اصلا الى رئاسة الحكومة.
وبمعزل عن اي نوع من الحسابات والاعتبارات، فقد كان مزعجا ومؤسفا، اقله من حيث الشكل والرمزية ان يبادر رئيس دولة أجنبية، مباشرة على الهواء، الى شن مثل هذا الهجوم القاسي على حزب لبناني يشكل جزءا من مجلسي النواب والوزراء، في حضور مسؤول رسمي في الدولة اللبنانية.
ولعل من غرائب ترامب انه وضع حزب الله في مصاف «القاعدة» و«داعش» في وقت يخوض الحزب في جرود عرسال معركة شرسة ضد فرع القاعدة في بلاد الشام متمثلا في «جبهة النصرة» ويستعد لتحرير تلك الجرود من «داعش» ايضا، إضافة الى انه يخوض مواجهة شاملة منذ سنوات ضد هذين التنظيمين التكفيريين في سوريا.
ومن عجائب ترامب انه اعتبر ان حزب الله يشكل تهديدا للبنان ولشعبه، في حين ان معركة الجرود ترمي الى حماية لبنان وأهله بشكل اساسي وسط احتضان وطني واسع للمقاومة، وتكامل بينها وبين الجيش، من الادوار الميدانية الى رفع صور شهداء المؤسسة العسكرية فوق مواقع «النصرة» التي تساقطت كحجارة الدومينو.

 

الجمهورية :

الانتظار هو السِمة العامة للمشهد الداخلي؛ في الميدان الأمني ترَقُّب لنتائج العملية العسكرية المتسارعة ضدّ المجموعات الإرهابية التابعة لـ«جبهة النصرة» في جرود عرسال، ولوضعِ الجبهة المحتمل اشتعالها قريباً ضد إرهابيي «داعش» في جرود رأس بعلبك. وأمّا السياسة فأعطتها جبهة عرسال إجازةً قسرية حتى إشعار آخر، لم تمنع من تأثّرِها بارتدادات محادثات رئيس الحكومة سعد الحريري مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الأوّل ومع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون أمس، والكلام الأميركي العالي النبرة ضدّ «حزب الله»، والتلويح جدّياً بسلّة العقوبات على بعض الأطراف اللبنانية. وفي الجانب الآخر للمشهد، ضجيج مفتعل حول مناقصة بواخر الكهرباء، يتأتّى من استمرار الضغوط من قبَل جهات سياسية نافذة على إدارة المناقصات لفتحِ العروض، وكذلك من محاولات التفافية على تقرير الإدارة الذي تَنشر «الجمهورية» اليوم خلاصةً عمّا تضمّنه (ص 10ـ 11)، وكذلك محاولة تجهيز شركة ثانية على عجَل لتمرير هذه المناقصة، بذريعة أنّ البواخر صارت حاجةً ملِحّة لا بدّ منها لإنقاذ الوضع الكهربائي المتردّي.

ميدانياً، أكّدت مصادر «حزب الله» لـ«الجمهورية» أنّ العمليات العسكرية في جرود عرسال صارت في المربّع الأخير، ما يعني أنّها اقتربت جداً من نهايتها، ولا سيّما أنّ عناصر الحزب تابعوا تقدّمهم وأحكموا السيطرة على كلّ التلال في تلك المنطقة وصولاً إلى مشارف نقطة الملاهي ووادي حميد الذي أصبح مطوّقاً بالكامل».

وأشارت المصادر إلى «أنّ عمليات قصف كثيفة لمواقع الإرهابيين، جرت على فترات متقطعة نهار أمس، وبدا التضعضُع واضحاً في صفوف تلك المجموعات التي باتت على وشكِ الانهيار التام، خصوصاً أن لا مخرج لها من المنطقة الأخيرة التي تلوذ فيها».

يأتي ذلك في وقتٍ استمرّ الجيش في إجراءاته الأمنية المشدّدة في تلك المنطقة، في ظلّ معلومات رسمية عن تعزيزات أرسَلها الجيش الى بلدتَي رأس بعلبك والقاع ومحيطهما، متوازيةً مع دوريات مؤللة وراجلة، وتثبيت نقاط عسكرية جديدة تحسّباً لأيّ محاولة تسَلل أو فرار للمسلحين باتّجاه البلدتين.

وأكّد مصدر مطّلع على مجريات العملية العسكرية لـ«الجمهورية» أنه تمّ رصدُ أمير «جبهة النصرة» في القلمون أبو مالك التلي عند معبر الزمراني الواقع عند مثلّث حدود مناطق سيطرة «داعش»، «حزب الله» والجيش السوري، حيث أفيدَ أنّه وصَل الى هذه المنطقة، ويرجّح ان يبقى عند هذا المثلث إلى حين انتهاء المفاوضات وتحديد وجهة مساره، فإمّا يغادر إلى إدلب عبر الحدود السورية، وإمّا يلتحق بمنطقة تواجُد «داعش»، على أن يبايع التنظيم علناً بحسبِ ما طلب أمير «داعش» في الجرود «أبو السوس»، أو يعود عبر الطريق المفتوح من المعبر باتّجاه وادي حميد- منطقة مدينة الملاهي إلى حين إتمام المفاوضات النهائية، أو في حال تقرّر السير في المعركة حتى النهاية، علماً أنّه تمّ الحصول على صوَر للتلّي بشكله الجديد عند المعبر المذكور.

نصرالله

وفي هذه الأجواء، أطلّ الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله، مستعرضاً معركة الجرود ونتائجَها، وقال: «إنّنا أمام انتصار عسكري وميداني كبير جداً، تَحقّق خلال 48 ساعة» مشيراً إلى أنّ ما قام به الجيش اللبناني ضمن مسؤولياته كان أساسياً جدّاً في صناعة هذا الإنجاز، حيث استطاع الجيش أن يمنعَ تسَلّل المسلحين كما تمكّنَ من تأمين الحماية الكاملة لبلدة عرسال ولمخيّمات النازحين».

ولفتَ نصرالله الى أنّ «قرار بدءِ معركة تحرير جرود عرسال اتّخِذ في لبنان وليس في أيّ مكان آخر، وأنّ التوقيت ليس له علاقة بأيّ شيء خارجي».

وقال إنّ هدف المعركة هو إخراج المسلحين من المنطقة التي يسيطرون عليها في جرود عرسال، ودعا «مَن يُشكّك في عملية الجرود» إلى «أن يذهب الى المناطق التي سقط فيها شهداء، والتي كان يُحَضّر لاستهدافها بعمليات انتحارية جديدة ويسألهم لماذا يجب أن نخرج لتحقيق هدفنا»؟

وقال نصرالله: «إلى المسلمين والمسيحيين نهدي الانتصار، هذا الانتصار الكبير الذي سيُستكمل، بقيَت خطوات أخيرة والمسارُ مسار اكتمال، إمّا بالميدان إمّا بالتفاوض، وستعود كلّ هذه الارض الى أهلِها. وسيأمن الناس جميعاً مِن الهرمل الى بعلبك وبريتال والنبي شيت وزحلة، الى كلّ الارض اللبنانية، وستُطوى الصفحة العسكرية النهائية لجبهة النصرة في لبنان».

أضاف نصرالله: «أستطيع أن أقول، بدأت مفاوضات جدّية، وتتولّاها جهة رسمية لبنانية تتّصل بنا وبمسؤولي «النصرة» في عرسال وتقود مفاوضات ونقاشات. وقيادة «النصرة» في عرسال يجب ان تعرف أنّ الوضع الميداني لا يضعُها في موقع فرضِ الشروط، الفرصة متاحة الآن والوقت ضيّق».

وأشار نصرالله الى أنّ الحزب «لا يريد لعرسال وأهلِها إلّا الخير والأمن والسلامة والكرامة»، مؤكّداً «أنّنا لن نسمح لأحد بأن يقترب من مخيّمات النازحين، لكنّنا نخشى من دخول أحد على الخط واستهداف النازحين وتحويل الموضوع في وجهِ المقاومة والجيش»، لافتاً الانتباه الى أنّنا «عندما تنتهي المعركة نحن جاهزون إذا طلبَت قيادة الجيش أن تستلمَ كلَّ المواقع وكلّ الأرض».

وتجنّبَ الردّ على تصريحات ترامب وتصريحات الإدارة الأميركية في ما يتعلق بـ«حزب الله»، وذلك «تسهيلاً للوفد الحكومي ولعدمِ إحراجه»، كما قال.

رأس بعلبك والقاع

في هذا الوقت، تتّجه الأنظار إلى جرود رأس بعلبك والقاع إثرَ التعزيزات التي يقوم بها الجيش اللبناني في مراكزه هناك، حيث استقدَم دفعةً من فوج المجوقل وآليات ثقيلة.

وأكّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «الجيش جاهز لمعركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع، وهو قد بدأ الحشدَ وأنهى وضعَ خططِه، أمّا تحديد موعد انطلاق الحرب فهو رهنٌ بالميدان».

ولفتَ المصدر إلى أنّ «كلّ الألوية القتالية تحضّرَت جيّداً للمواجهة، وأُعلِن الاستنفار العام والتعبئة الشاملة، إذ إضافةً إلى القوّات البرّية الخاصة، سيَدخل الطيران بقوّة في المعركة، وسيكون الغطاء الناريّ الجوّي إضافةً إلى غطاء المدفعية أساسياً في تحرير أراضي رأس بعلبك والقاع المحتلة».

وشدَّد المصدر على أنّ «الجيش يملك الضوءَ الأخضر للقيام بالعملية، ويضع استراتيجيةً خاصة تتناسب مع طبيعة رأس بعلبك والقاع، فهو ينتشر على تلال رأس بعلبك وعلى حدود القاع، والحسمُ العسكري سيكون سريعاً، ولن يدخلَ في حرب استنزاف». (التفاصيل ص 6)

مطر

وأكّد رئيس بلدية القاع بشير مطر لـ«الجمهورية» أنّ «أهالي القاع يعيشون حياةً طبيعية ويساندون الجيش في أيّ معركة، وفي كلّ الأحوال فإنّ الانتحاريين لا يخيفونهم ، إلّا أنّهم اتّخذوا الاحتياطات اللازمة». ورأى مطر في «ضخامة الحضور العسكري في القاع أكبرَ من مجرّد تسَلّل انتحاريين إلى البلدة، فالسبب الحقيقي هو التحضير لعملية عسكرية كبيرة».

رحمة

مِن جهته، أكّد راعي أبرشية دير الأحمر- بعلبك المارونية المطران حنّا رحمة لـ»الجمهورية» أنّ «كلّ البقاع ولبنان يقف خلف الجيش في معركة تحرير جرود رأس بعلبك والقاع من «داعش».

وشدَّد رحمة على أنّ «الجيش هو صاحب السيادة ويملك حقّ تحرير الأرض، وكلّ لبناني يسانده»، لافتاً في الوقت نفسه إلى «وجود بلدات هدَّدها الإرهاب في البقاع، فمِن الطبيعي أن تقف وتدافعَ عن نفسها وتقدّم شهداءَ وتقاتل هؤلاء الإرهابيين».

وأكّد أنّ «جميع اللبنانيين في صفّ واحد في مواجهة الإرهاب، وقد سبقَ لهم أن قدّموا تضحيات غالية سابقاً، ونعود بالذاكرة إلى عام 1975 عندما وقفَ المسيحيون في مواجهة «دواعش» ذاك الزمان، وأفشَلوا مخطّط جعلِ لبنان وطناً بديلاً، وأسقطوا شعار طريق القدس تمرّ بجونية، ودفَعوا عشرات آلاف الشهداء لكي يبقى الكيان اللبناني».

وشدّد على أنّ «كلّ شهيد يَسقط، من أيّ دينٍ وإلى أيّ منطقة انتمى، دفاعاً عن أرضه، هو شهيد كلّ لبنان، لذلك يجب أن نكون متّحِدين ونُصلّي لكي يُنجز الجيش مهمّته ويحرّر ما تبَقّى من أراضٍ محتلّة».

الحريري وتيلرسون

من جهة ثانية، التقى الحريري الموجود في واشنطن وزير الخارجية الاميركية ريكس تيلرسون، وعَقد معه محادثات وصَفتها أوساطه بالإيجابية. وبعد الاجتماع قال تليرسون: ناقشنا الوضعَ في سوريا ومسائلَ تتعلق بالأمن في المنطقة، وأنا أعرف أنّه كان للرئيس الحريري لقاءٌ ودّي جدّاً مع الرئيس ترامب وسنستمرّ في متابعة القضايا التي أثيرَت للبناء عليها.

مصادر الوفد اللبناني قلّلت من أهمّية مفاعيل كلام ترامب في الداخل اللبناني، خصوصاً أنّ الرئيس الحريري أبلغ الرئيس الأميركي أنّ هناك اتفاقاً سياسياً داخل الحكومة اللبنانية بألّا ينعكس أيّ ملف خِلافي على الاستقرار في لبنان، وهو الأمر نفسُه الذي أبلغَه الحريري إلى المسؤولين الأميركيين الآخرين الذين التقاهم، ووجَد تفهّماً من الرئيس الأميركي ومن المسؤولين المذكورين.

وكشفَت المصادر أنّ الوفد اللبناني كان على عِلم بفحوى المواقف التي سيُطلقها ترامب، واعتبَرها مواقفَ خاصّة به، لا علاقة للجانب اللبناني بها، خصوصاً وأنّ هدف الزيارة، يتركّز بشكل أساسي على المساعدات الاقتصادية، وملفّ النازحين ودعم تسليح الجيش والقوى الأمنية.

في جانب آخر، عُلِم من أوساط ديبلوماسية لبنانية أنّ رئيس الجمهورية، يدرس احتمالَ ترؤسِه شخصياً للوفد اللبناني إلى نيويورك في أيلول، بعدما كان مقرّراً أن يترأسَه الحريري، مشيرةً إلى أنّ رئيس الحكومة تبلّغَ بذلك خلال وجوده في واشنطن.

 

 

اللواء :

وصف وزير الخارجية الأميركي ريكس تيليرسون لقاء الرئيس دونالد ترامب والرئيس سعد الحريري بأنه «ودي جداً جداً».
وكشف الوزير الأميركي، في موقف له بعد استقبال الرئيس الحريري يرافقه وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتبه نادر الحريري والقائم بأعمال السفارة في واشنطن كارلا جزار، والمستشارة آمال مدللي، ان البحث في اللقاء في المكتب البيضاوي اثيرت فيه قضايا يمكن البناء عليها، وستتابع من قبل الوزارة والأجهزة الأميركية المختصة.
وقال تيليرسون ان النقاش تناول الوضع في سوريا ومسائل تتعلق بالأمن في المنطقة.
الحريري
ورأى الرئيس الحريري في حوار مع مشاركين في محاضرة ألقاها في معهد كارينغي ان الإدارة الأميركية تتفهم جيداً الوضع في لبنان، مشيراً إلى تخفيض في موازنة المساعدات الأميركية العسكرية، لكن بالمقابل أقرّت الإدارة الأميركية 140 مليون دولار إضافية للاجئين.
ورداً على سؤال، أجاب رئيس مجلس الوزراء: العلاقة بيننا وبين حزب الله صعبة جداً حيال السياسات الإقليمية، لكن توافقنا على الا نتخاصم حول الاقتصاد والحكم والتشريع.
وقال: هنا في الولايات المتحدة تفهم بأن لبنان يُشكّل معجزة إزاء ما تمكنا من تحقيقه والجميع يريد استقرار لبنان، وليس عدم استقراره.
وأعلن الرئيس الحريري انه سيزور الكونغرس اليوم لاجراء محادثات تتعلق بموضوع العقوبات على «حزب الله»، مبدياً خشيته من ان تكون هذه العقوبات واسعة على القطاع المصرفي في لبنان، خاصة وأن هناك ما يكفي من عقوبات، وقال: «نحن بحاجة لأن نشرح للكونغرس أهمية هذا الأمر، واعتقد ان عدم وجود عقوبات محددة أمر مؤذ جداً للقطاع المصرفي، وللاقتصاد ليس فقط للبنان بل للمنطقة كلها».
وبالنسبة لمعركة جرود عرسال، أوضح الحريري انه كان يفضل ان يقوم الجيش اللبناني بما يقوم به حزب الله في عرسال.
اما مدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري الذي يرافقه في هذه الزيارة، فلاحظ في حديث إلى المؤسسة اللبنانية للارسال، ان الموقف الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من «حزب الله» يمثل موقف الإدارة الأميركية، وليس الحكومة اللبنانية، مضيفاً بأن هذا الموقف ليس جديداً، وهو موقف مكرر لخطاب ترامب في قمّة الرياض، ونحن ملتزمون بالبيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة، وما زلنا مستمرين في السياق ذاته منذ انتخاب الرئيس عون.
وعن الارتدادات السياسية لمعركة جرود عرسال، قال نادر الحريري: «موقفنا واضح وهو ان الجيش اللبناني هو المناط به حفظ الأمن، وموقفنا أيضاً معروف من مشاركة «حزب الله» في الحرب السورية، وهذا لا يمنع من ان تكمل الحكومة بقية اعمالها».
الى ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن الرئيس عون سيتراس وفد لبنان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. وقالت إن هناك اقتراحين جرى التداول بهما الأول أن يترأس الرئيس عون الوفد فيما أشار الأقتراح الثاني الى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، لكن تقرر السير بالاقتراح الأول. وعلمت اللواء أن رئيس الجمهورية لا يذهب بدلا من الحريري كما يسرب، قائلة إن الوفد لم يكن قد تشكل. وأشارت إلى أن الرئيس عون سيلقي كلمة لبنان في الأمم المتحدة، على أن يتم تشكيل الوفد الرسمي إلى المنظمة الدولية بعد عودة الحريري من زيارته إلى واشنطن.
نصر الله
وفي السياق أيضاً، لوحظ ان الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله، لم يشأ في اطلالته التلفزيونية مساء أمس، الرد على تصريحات الرئيس ترامب «تسهيلاً لعمل الوفد اللبناني الذي يزور واشنطن حالياً، ولعدم احراجه»، حسبما قال، لكنه أشار إلى انه سيعلق على هذه التصريحات في مناسبات أخرى ستأتي، وعندما يعود الوفد، في إشارة إلى الاحتفال الذي سيقيمه الحزب في 14 آب بذكرى الانتصار في حرب تموز 2006.
كذلك رفض السيّد نصر الله الدخول في نقاش عقيم أو سجال مع أحد، لافتاً إلى انه سيعرض القضايا بشكل إيجابي وهادئ، ومن دون ان «يفش خلق أحد»، موضحاً ان حديثه عن معركة جرود عرسال سيكون من «باب التوصيف والتعليق والتوضيح ورسم المسار، وإلى أين نحن ماضون وإلى أين سنصل وما هي الخيارات الفعلية، وماذا بعد».
وأكّد نصر الله على أن ما تحقق خلال المعركة في جرود عرسال وفليطة هو «انتصار عسكري وميداني كبير جداً»، وهو «تحقق فعلياً في اليومين الأوّلين من المعركة بأقل كلفة، وأهدى هذا الانتصار إلى كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وإلى كل شعوب المنطقة التي تعاني من الارهاب، مثلما فعل في انتصار عام 2000 وانتصار العام 2006»، وقال: «نحن في معركة الإرهاب نقوم بواجبنا، ولا نتوقع شكراً من أحد، وإذا جلدنا ببعض السياط نحسبها عند الله».
ولفت إلى انه كان للجيش اللبناني دور في تشكيل السد المنيع والحماية لأهالي المنطقة في محيط عرسال وجرودها وعلى خط الأساس، كان أساسياً في صنع هذا الإنجاز، مؤكداً ان الحزب جاهز عندما تنتهي المعركة، لتسليم كل الأرض التي حررها من مسلحي جبهة «النصرة» إلى الجيش، آملاً من قياد الجيش أن تتحمل هذه المسؤولية، كي يتسنى لأهالي عرسال العودة الى أراضيهم واشغالهم، وعدم اقتراب أحد من مخيمات النازحين، وأن لا يتعرضوا لأي سوء تحت أي عنوان، مشيراً إلى ان مسلحي جبهة «النصرة» باتوا خارج جرود فليطة وانحسروا في جرود عرسال ولم يبقوا الا في مكان ضيق محاصرين من ثلاث جهات، الجيش والحزب وتنظيم «داعش».
وكشف ان العمل جار حالياً على خطين: ميدانياً، يستمر التقدم بشكل مدروس مع الاحتياط في استخدام بعض الأسلحة من أجل عدم حصول أي خطأ باتجاه النازحين والمدنيين، والثاني هو خط المفاوضات، وهي بدأت جدياً وتتولاها جهة رسمية لم يكشف عنها، لكنه قال ان هذه الجهة تتصل بنا مباشرة وتتصل بمن تبقى من مسؤولي «النصرة»، وفي نهاية المطاف هناك أمور يجب أن تقبلها الدولة اللبنانية وكذلك الدولة السورية، الا انه لم يعط تفاصيل، مكتفياً بأن هناك جدية في هذه المفاوضات وهناك نوع من التقدم وإن كان هناك شيء من البعد عن الواقع، مؤكداً ان الوقت ضيّق، و«النصرة» لا تستطيع أن تفرض الشروط، بعدما أضاعت الفرصة يوم الجمعة الماضي، يوم رفضت الاستسلام ووقف القتال مثلما فعلت «سرايا الشام» الذين سهلنا لهم الانسحاب إلى مخيمات النازحين والبقاء إلى جانب عائلاتهم.
وفي تقدير مصادر عسكرية ان معركة القاع ورأس بعلبك ستكون منوطة بالجيش اللبناني، الذي أرسل أمس تعزيزات من وحدات النخبة وفوج التدخل الأول الذي انتقل من الشمال، وتوقعت أن تكون في وقت قريب جداً، عبارة عن أيام قليلة.

 

الاخبار :

تطور كبير شهدته جرود عرسال، بعد أن تمكن رجال المقاومة من تحرير 90% من الأراضي التي يحتلها تنظيم النصرة الإرهابي، ودخول المعركة ربع الساعة الأخير قبل الحسم، ميدانياً أو عبر المفاوضات. بالتزامن مع ذلك، برز أمس تطور لافت على المستويين السياسي والعسكري، يتمثل بانطلاق النقاش الجدي حول إمكان أن يخوض الجيش اللبناني، لا حزب الله، معركة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال وجرود رأس بعلبك والقاع، التي يحتلها تنظيم داعش.

وبحسب مصادر عسكرية وأمنية وسياسية، فإنّ الموضوع كان مدار بحث بين الرئيس ميشال عون وقائد الجيش جوزف عون. وتُشير المصادر إلى أنّ المعنيين في الجيش، بدأوا التحضير كما لو أنّ المعركة ستحصل حتماً. باشرت القيادة وضع خطط الهجوم، ودراسة الاحتياجات اللوجستية، فضلاً عن البدء باستقدام تعزيزات إلى المنطقة. وفي هذا الإطار، نُقل أحد أفواج التدخل من الشمال إلى منطقة رأس بعلبك والقاع، لتعزيز القوات الموجودة أصلاً، بانتظار قرار القيادة.
وتلفت المصادر إلى أنّ قرار شنّ المعركة لتحرير الجرود من «داعش» سيحظى بموافقة جميع القوى السياسية. ومن ناحية قانونية ودستورية، لا تحتاج خطوة كهذه إلى قرار من مجلس الوزراء. ومن الصعب أن «يتجرأ» فريق سياسي ما على معارضة معركة تحرير الجرود، ولا سيما بعد أن أطلق حزب الله عملية تحرير جرود عرسال من «النصرة»، فبات من كان يُعارض هذا الأمر مُحرجاً، أمام اللبنانيين وما يُسمّى «المجتمع الدولي».


 

 

وبالتالي، باتت القوى المعارضة سابقاً لتحرير الجرود «أسيرة» ما يُقرّره الرئيس عون والعماد عون. ولا يقدر هؤلاء السياسيون على رفع ورقة حماية المدنيين، لكون المنطقة التي يحتلها «داعش» بعيدة عن مخيمات النازحين وعن بلدة عرسال والقرى المجاورة، وبذلك، تنتفي القدرة على «التنقير» على الجيش. ولفتت المصادر إلى ما قاله رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، أنّه كان يُفضل لو خاض الجيش اللبناني وليس حزب الله معركة تحرير جرود عرسال. واعتبرت أنّ كلام الحريري يندرج في إطار التحضير لعملية ينفذها الجيش. في السياق نفسه، أتى كلام الوزير جبران باسيل، الذي قال: «تذكروا كم طالبنا في الحكومة السابقة أن يقوم الجيش بتحرير الجرود الشرقية. أتى العهد واستلمت القيادة وحان الأوان الذي لا تبقى فيه أرض محتلّة».
وتجدر الإشارة إلى أن العملية التي من المفترض أن يشنها الجيش ضدّ «داعش»، لا بُدّ وأن يواكبها تنسيق بين حزب الله والجيش السوري، خاصة أنّ المساحة التي يُسيطر عليها «داعش» مقسومة بالتساوي بين الأراضي اللبنانية والسورية.
وعلى الرغم من أنّ كلّ الدلائل تشير إلى أنّ ساعة تحرير الجزء الشمالي من جرود عرسال، وجرود القاع ورأس بعلبك، قد دنت، إلا أنّ ذلك لا يلغي احتمال نجاح المفاوضات مع «داعش»، في انسحاب مقاتليه باتجاه محافظة دير الزور السورية.
وفي جرود عرسال، علمت «الأخبار» أنّ المفاوضات بين حزب الله من جهة، و«النصرة» من جهة أخرى، تجريها المديرية العامة للأمن العام عبر وسيط سبق للمديرية أن اعتمدت عليه للتواصل مع «النصرة» في عدد من القضايا السابقة. وتتقدّم المفاوضات بشكل جدي، ولا سيما بعد التقدم الكبير الذي حصل في أيام المعركة الأربعة السابقة، واستُكمل أمس عبر تدمير المقاومة 3 آليات وقاعدة إطلاق صواريخ موجهة. وشنّ رجال المقاومة هجوماً أوقع عدداً من القتلى والجرحى في صفوف «النصرة». وأعلن الإعلام الحربي أنّه خلال تقدّم المقاومة «أصيب مسؤول عمليات النصرة في جرود عرسال عمار وردي».
ومن ناحية أخرى، نفت المقاومة الأخبار «التي تحدثت عن استهداف المدنيين في منطقة وادي حميد في جرود عرسال».