تمتع حزب الله والحكومة السورية بعلاقة وثيقة ومثمرة منذ نحو 40 عاماً. لكن بعد 6 سنوات من الحرب الأهلية السورية، هناك دلائل تشير إلى طغيان الرؤيا الاستراتيجية المتباينة على تحالفهما، وفق تحليل نشرته صحيفة واشنطن تايمز. 

يتعرض الرئيس السوري بشار الأسد، وفق الصحيفة، لضغوط متزايدة من جانب الفصائل الموالية لروسيا في دائرة حكمه للابتعاد عن حزب الله، خصوصاً بعدما تم الاتفاق بين الولايات المتحدة وروسيا على اقامة منطقة للتخفيف من التصعيد في جنوب سوريا. بالتالي، ما يحصل اليوم هو نوع مختلف من الحرب بالوكالة التي تُمارس في سوريا. فبدلاً من أن يكون السنة مقابل الشيعة، أو الولايات المتحدة مقابل روسيا، فإنها للمفارقة روسيا مقابل إيران.

يقول أيمن عبد النور، وهو أكبر ناشر للأخبار السورية المناهضة للأسد، من منفاه في دبي للصحيفة، إن "هناك فصيلاً مؤيداً لموسكو يريد أن تكون سوريا علمانية وتضم ضباطاً تدربوا في روسيا". يضيف: "الذين يدعمون إيران هم الذين وصلوا إلى مواقعهم في السلطة بمساعدة إيرانية".

وقد تزايدت حوادث التنافس والضغط بين حزب الله وحلفاء الحكومة السورية، وفق الصحيفة، منذ حزيران 2016، عندما اشتبكا علناً خلال ما كان يفترض أن يكون عملية مشتركة في ريف حلب. وقد رفض حزب الله تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار بوساطة روسية، مثل الاتفاق الذي جرى في كانون الأول 2016 في حلب. كما اندلعت اشتباكات بين الحين والآخر بين القوتين في الضواحي الشمالية الغربية لدمشق.

والملفت هو ما تزعم الصحيفة أنه توتر بين الحزب والروس تطور أحياناً إلى تهديد المقاتلات الروسية بقصف مواقع الحزب. وهي تنقل شهادة أحمد حردان، وهو سائق سيارة إسعاف يبلغ من العمر 20 عاماً من حلب، يزعم أن مقاتلين من حزب الله اعتقلوه أثناء فراره وأسرته من منزلهم. "رسالة حزب الله كانت: لا تعتقدوا أنه يمكنكم أن تعقدوا صفقة من دوننا. نحن على الأرض، ونحن نتحكم في ما يجري". يضيف: "أخذوا جميع الشبان من السيارات ودفعونا إلى الجانب الآخر من الطريق. لكن فجأة ظهرت مقاتلات روسية في السماء، وبدأت قوات حزب الله باطلاق النار في الهواء، ثم تركوا عملية الاجلاء تستمر".

تعود العلاقة المتينة بين الحزب والنظام السوري إلى منتصف الثمانينات، عندما سمح حافظ الأسد لسوريا أن تكون نقطة عبور للأسلحة الإيرانية إلى الحزب. لكن موسكو تريد اليوم من الأسد، وفق الصحيفة، تغيير هذا الترتيب مع حزب الله وغيره من الميليشيات الشيعية الممولة من إيران، والتي تمنح طهران السيطرة الاسمية على البلاد مقابل إشراف مباشر ومتواضع من قبل ضباط النظام.

الدور الروسي يتحدث عنه هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، بالقول إن "الروس يضغطون على النظام السوري لدمج الميليشيات التي أنشأها منذ بدء الانتفاضة في قواته المسلحة". يضيف خشان أن إنشاء ممر أرضي من إيران إلى لبنان ليس أمراً يوافق عليه الروس، الذين يحرصون على الحد من طفرة طهران. فروسيا لن تسمح للنفوذ الإيراني في سوريا أن يصبح مشابهاً للعراق.

ووفق الصحيفة، يبدو أن هناك اجماعاً مؤقتاً بين روسيا والولايات المتحدة على سوريا من شأنه أن يزيد من الضغط على التحالف بين حزب الله وإيران والأسد. وتنقل عن مردخاي كيدار، الضابط السابق المسؤول عن ملف سوريا في وكالة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، قوله: "بالطبع لا توجد وجبات غداء مجانية في هذا المجال". "يريد حزب الله أن يأخذ حصته في ما يبدو أنه تقسيم سوريا. وستكون هناك حاجة إلى ثلاثة أشياء لجعله يغادر سوريا: أولاً سيتعين على جيش الأسد أن يستعيد قوته وثقته بنفسه، وثانياً على الروس أن يطالبوا بمغادرته، وثالثاً أن يوافق الإيرانيون على هذا الطلب".